عرزال اياد قحوش

حكايــة العرزال

في صبيحة ذات يوم من أيام طفولتي, أيقظني والدي باكراً مع أول قبلة طبعتها شمس الوادي فوق وجنتَي بيتنا من خلف جبل السّايح, وقال: "عليك أن ترافق جدَّك الى البستان", أوكما كان يقول جدي  "أرضْنا". 

كانت "أرضْنا" بعيدة, في وادٍ سحيق قرب بلدة حبنمرة. في الطريق الى "أرضنا" روى لي جدي كيف ذهب مع الرّجال سنة 1948 للدفاع عن فلسطين, أو كما كان يقول عن "أرضنا". وحدثني  كيف أصيب برصاصتين في كتفه, وكيف وضع أيقونة صغيرة فوق جراحه النازفة, واستلقى على الأرض, بجوار شاطئ بحيرة طبرية.

 عندما وصلنا "أرضْنا" قرب حبّنمرة تسلّقتُ عرزالاً صغيراً وشرعت أراقب جدي وهو يقوم  بتعشيب الأرض بصبر, ثم رأيته يتفقّد أشجار الزيتون والعنب شجرة شجرة بحنوٍّ كبير.

أمضينا نصف النهار هناك. في طريق العودة, قال لي جدي: "ثلثا سلّة العنب هذه لكم والباقي لنا, وسنعطي جاطا للجيران. عندما نتقاسم بمحبة كل شيء خلقه الله, نذهب كلنا الى السماء". ثم أردف: "السماء أيضاً أرضنا".

عدت الى البيت متعباً في ذلك المساء, لكنني قررت أن أحاول كتابة قصيدة عن "أرضنا".

وإلى اليوم لازلت أحاول.

هاأنذا أطلُّ من هذا العرزال محاولا أن أكتب عن "أرضنا" في كلِّ ما تدور حوله وعن كلِّ ما يدور حولها .


تحية لروح جدِّي وأطال الله بعمر والدي الذي "أيقظني باكرا" على إيقاعات الجمال .