3

:: غزة وراءنا والانتخابات للكنيست تعود للصدارة - بأيّ حق ندعو النساء للتصويت؟ ::

   
 

التاريخ : 26/11/2012

الكاتب : نبيــل عــودة   عدد القراءات : 1962

 


 

 

عدنا لمعركة الانتخابات بعد حرب غزة الثانية وسقوط "الردع الإسرائيلي" سقوطاً مهيناً، وما كان له ان يتعزّز بواقع شعب لم يعد له ما يخسره إلا كسر قيود الإحتلال!!

انا لا أشعر بأي حافز للمشاركة في معركة الانتخابات القادمة، هذا الجو سائد في وسط الجماهير العربية في إسرائيل. في الانتخابات الماضية شارك 58% فقط من أصحاب حق الاقتراع العرب. فكرياً انا مقتنع تماماً ان الامتناع عن المشاركة في التصويت يعطي نتائج أسوأ مما نتوقعه من المقاطعة. فكرياً على الأقل ارى أهمية المشاركة بالتصويت وتعزيز القطاع العربي داخل الكنيست. على الأحزاب العربية إقرار استراتيجية انتخابية لرفع نسبة التصويت بين المواطنين العرب، دعاية مشتركة اذا أمكن، دون المنافسة بين القوائم العربية على الأصوات، أرى أن المنافسة ستساهم في إبعاد مصوّتين عرب عن المشاركة قرفاً ومللاً من الصراع بين أحزاب وقوائم من المفترض انها تعبر عن مصالح مشتركة، فلماذا اذن تكون الجنازة حامية مادام الميت كلباً؟

اتجاهي أقرب للجبهة الديمقراطية – الحزب الشيوعي- رغم رفضي لبعض مواقفها السياسية خاصة من سوريا. على المستوى السياسي العام والاجتماعي انا متماثل تماماً مع برنامجهم. يجب إعطاء الناخب العربي حرية الاختيار وان تخوض الأحزاب العربية التي لا أرى فائدة من تجمعها بقائمة واحدة، لأسباب كثيرة هامة، بعضها أيديولوجي وبعضها شخصي ان تخوض دعايتها الانتخابية بتنسيق مشترك. أتوقع ان يخلق هذا الأمر جواً صحياً، يشجع الممتنعين على المشاركة بالتصويت.

الأمر المقيت والمثير للغضب بين الأوساط الواعية هو مواصلة استبعاد النساء عن الأماكن المضمونة. الجبهة مع الأسف وضعت مرشحة في المكان السادس، ضمن تعهد ان يستقيل من الكنيست بعد سنتين رأسي القائمة محمد بركة وحنا سويد على أمل ان تحصل الجبهة على أربعة مقاعد كما هو عدد مقاعدها اليوم، ليحل مكانهما المرشحان الخامس والسادس أيمن عودة ونبيلة اسبنيولي. هذه التعهدات لا تعني شيئا ولن تخدم انتخابياً هذه القائمة. ما أراه ان واقع المرأة في تراجع نسبي كبير، يمثل مجمل التراجع في تقدم المجتمع المدني العربي. اذ لا يمكن تحقيق تقدم في قضية المرأة طالما ظل مجتمعها قبلياً في مبناه وعلاقاته ويحرمها من الحقوق السياسية المتساوية.

تساهم المرأة في الدول المتقدمة بحصة تكاد تكون مساوية لحصة الرجل في جميع نواحي الحياة.. في عالمنا العربي وفي المجتمع العربي داخل إسرائيل أرى ان المرأة، حتى الأكاديمية، تخضع لقيود مستهجنة، نجد ان واقع المرأة لا يختلف بمجمل مضمونه. ولكن هذه الظاهرة تخفي واقعاً أشد مرارة. واقع اتساع البطالة في صفوف النساء بالمقارنة مع الرجال. واقع التمييز من داخل مجتمعها (العربي في إسرائيل في حالتنا) هو أشد مضاضة من التمييز ضد النساء في المجتمع الأوسع ضمن التمييز العام ضد الأقلية العربية بكل مركباتها..

كيف سنقنع المرأة الفلسطينية المواطنة في إسرائيل ان تشارك بمعركة انتخابات يسيطر عليها الذكور، ولا ترى بشائر خير بأن تكون مشاركة فعلاً وليس بالشعارات فقط؟

الموضوع له أهميته ليس بإيصال ممثلة نسائية الى هيئة مقررة، وهي مسألة هامة جداً، انما لها وقع أخلاقي تربوي للمجتمع الذي تدّعي الأحزاب انها تمثله. هل هو تمثيل ذكوري والمرأة تابعة لقرار الرجل؟

الانتخبات كما أراها ليست منافسة على سياسات، خاصة في الوسط العربي، ولا أبالغ بالقول ان مساحة الاتفاق السياسي واسعة جداً بين الأحزاب العربية، ومعظم الخلاف هو على المستوى الأيديولوجي، وهو غير مطروح للحسم في هذه الانتخابات مثلا، مع اني لا أتجاهل الفجوة الفكرية الواسعة بين التيارات المتنافسة في الوسط العربي داخل إسرائيل.

يؤسفني اني لا ارى مستقبلاً سياسياً للأقلية العربية بمثل ما أحلم به.

ما أراه استمرار في السقوط الى الحضيض!!

ما أراه المزيد من الاضطهاد الشوفيني الذكوري للمرأة من المضطهدين في الواقع الإسرائيلي. أي ان المرأة تعاني من اضطهادين، من ذوي القربى ومن السلطة الصهيونية.
 لا أعرف هل نسبة النساء الممتنعات عن التصويت ستكون أكبر من نسبة الرجال؟

القائمة التي اقرتها الجبهة مثلاً، نفس الوجوه الأربعة بنفس الأماكن، المرأة للمكان السادس المستحيل، مع تعهد باستقالة المرشحين الأولين بعد سنتين، تعهد لا قيمة له، لا ارى ان هناك دافعاً للنساء للتصويت.

هذا من ناحية، من ناحية أخرى استمرار الحفاظ على تركيبة القوائم، وكأن لا بديل للشخصيات التي ترأسها وتملأ المواقع المضمونة، رغم انهم يمارسون نشاطهم منذ سنين طويلة جداً، هي ظاهرة لا تشجع على إقناع مقاطعي الانتخابات بتغيير موقفهم من مقاطعة التصويت..

رغم كل السلبيات، التي تجعلني مصوتاً رغماً عن أنفه. الا أني أشدّد على أهمية التصويت ورفع عدد الممثلين العرب في البرلمان، وأهمية ان لا يحتدم النقاش بين المضطهدين، بل ان تكون حملة دعائية منسّقة ومشتركة في ظروف استحالة إقامة قائمة مشتركة.

 

nabiloudeh@gmail.com

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.