من نصف قرن حمل كتاب «طيور أيلول» قصة الشباب في طموحه، وفي تطلعاته ورفضه لأعرافٍ ظُنّ بها اللبنة الأساس في واقعٍ اجتماعي لغير قرية وبلدة في جغرافية هذا الوطن.
حماسة الشباب نزلت زَخَّ مطرٍ في «طرف» أيلول. فبلَّل التراب والبيت والعائلة، ولم يغسل صورة غبشة فأخذتها الطيور وهاجرت... ولكن، لتعود في إطلالات أمل يأتي إلى ربيع أغصان مشتاقة إلى دفء الأجنحة وزغب يطلع على مهل، وكأنه ملامح «نوطة» لزغردات المناقيد.
***
استُقبل «طيور أيلول» مذ أطل بالتقدير والجوائز والترجمات، وبحفاوة العارفين بشؤون الشوق وأبعاده، وبصعوبات العيش وآلامه، وباندفاع الرغبات ومرارة سكّرها.
ما قيل في هذه الرواية وعنها كثير، اقتطف للمستشرق الهولندي «بان بروخمان» قولاً: «أنها واحدة من أفضل الروايات التي كُتبت بالعربية، تجمع بين المقدرة الفنيّة والغنائيّة في التعبير وبين الوعي الاجتماعي».
لكن ناسك الشخروب مخائيل نعيمه كان الأقرب في كلامه فقال: أنها «معرض فنّي للقرية اللبنانيّة في شتّى مظاهره، وأنها كسب للقصة في لبنان»... وهي اختيرت في قائمة «أفضل مئة رواية في الأدب العربي».
***
نحتفل باليوبيل الذهبي لولادة الكتاب، ونضيء له شمعة العقل، وأخرى لكاتبته الكبيرة إملي نصرالله مع ما يحمل القلب لها من مودّات في عيدها العمري، وهي تستقبل الثمانين من السنوات.
عيدان لها.. لنا، لأدب لبناني كان وما زال نهر كوثر تزهر الأرض وتثمر حيث يمرّ، ويسقي عطش الحياة إلى الابداع والجمال.