3

:: ضحك اللوز ::

   
 

التاريخ : 07/05/2010

الكاتب : جمال سامي عواد   عدد القراءات : 5416

 


 

 

 

في موسم قطاف اللوز!

أشارك العاملين بهذه المهمة.

إذ أقوم بقطاف بعض الشجرات التي انتقيتها وسمّيتها بأسماء أفراد عائلتي وبعض الأشخاص الذين أحبهم. فهذه الشجرات أقطفها أنا بيدي، وأعزل ثمارها عن باقي المحصول لأخصّ به منزلي والأشخاص الذين تحمل هذه الأشجار أسماءهم.

من بين هؤلاء الأشخاص، صديق يعشق فن فيروز والرحابنة.

ذات قطاف، نظرت إلى شجرة صديقي! فرأيت شيئاً غريباً! أراه لأول مرة، بالرغم من معرفتي التامة بشجرة اللوز وثمارها..

لقد رأيت اللوز يضحك.

 

 

نعم يضحك.

قفزتْ إلى ذهني:

"ضحِك اللوز

وخلص اللوز

وحبيبي ما لفي

ولع الصيف

ودبل الصيف

وحبيبي ما لفي.

 

ذهلت لهذه الكلمات الرائعة، ولمدى دقة تصويرها.

وفعلاً من يرى ثمرة اللوز الناضجة، سيدرك فوراً عبقرية الأخوين رحباني، لأن الطريقة التي تتشقّق فيها القشرة الخارجية لهذه الثمرة، وظهور اللب الداخلي، يشبه إلى حد بعيد الثغر المبتسم، ومن ثم تتحول هذه الابتسامة إلى ضحكة مع تقدّم الثمرة في نضجها.

نعم... نعم... ابتسامة واضحة المعالم.

أعرف هذه الأغنية وأحفظها منذ الطفولة، ولكني لم أدرك معناها الحقيقي إلا
في ذلك اليوم.

وفي تلك اللحظة بدأت عملية إعادة فهم شاملة لتلك الأغنية.

فيالهذه الحبيبة التي تغزل خيوط انتظارها على مغزل الطبيعة والفصول والمواسم.

هاهو اللوز ابتسم..

والصيف اشتعل..

ثم ذبلت نيرانه، ولكن ذلك الحبيب لم يأت بعد.

 

 

تقول الكلمات بعد ذلك:

وحدي أنا والغيرة

والتعب والغنية

لفحتني نار الغيرة

والريح الجبلية

بعيونك خبيني

قبل الشتي خبيني

خبيني تحت اللوز.

 

وتستمر الملحمة اللوزية أيضا لتصل إلى المقطع الثاني إيذاناً بمجيئ الخريف التالي، ومازال الانتظار مستمراً إذ تقول:

ورق الأصفر طاير

عالطرقات المهجورة

والناطر بعدو ناطر

والصبية مقهورة

ويقلي منتلاقى

قبل الشتي منتلاقى

منتلاقى تحت اللوز.



أسمعها الآن بوضوح تام وأنا أكتب هذه الكلمات.

أسمع تلك المقدمة الموسيقية التي تحشر في صدرك جبراً، إحساساً صيفياً بالفراق، تتمتع بتأمله كثيراً، وهذا ما صنعه الرحابنة باستخدام جمل لحنية شرقية جميلة مع تقنية غربية في التوزيع.

فالمقدمة تبدأ بلحن من مقام الكرد من درجة ري، وهو مقام رومانسي حزين تؤديه مجموعة الوتريات بإتقان هائل، تعودنا عليه في أغاني الرحابنة.

وقد قفز اللحن من درجة الري الأساسية في الجملة الأولى، فجأة باتجاه الأعلى بمقدار 9 درجات، حيث تبدأ الجملة الثانية، وهي مسافة صوتية كبيرة جداً في التأليف الموسيقي، وأعتقد أنها ترمز إلى موضوع الأغنية، وما يتضمنه من بعد وفراق.

أفق بعد أفق ينفتح أمامك في كل سماع جديد عالم من الروعة نحن بأمس الحاجة إليه في سوق الزعيق الذي يفتح أبوابه في كل أيام الأسبوع.

 

06/05/2010

jadawad65@gmail.com

 

 

 
   
 

التعليقات : 1

.

27-12-2010 04:3

samsam-law@hotmail.com

محمد

الله يسلّم إيديك على هالشرح الحلو المرفق بالصور.......بس عتبي عليك لأنو في مقطع من الغنية تجاهلتو...........مشكور عا كل حال


 

   
 

.