3

:: الكرد الفيلية والحقوق المغدورة للقوميات الأخرى ::

   
 

التاريخ : 03/07/2017

الكاتب : مصطفى محمّد غريب   عدد القراءات : 1969

 


 

 

طوال عقود طويلة لحق الكردَ الفيليين حيفٌ وتجاوز لطمس حقوقهم المشروعة من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة على الرغم من أنهم كرد لا يختلفون قومياً عن باقي الكرد في العراق أو في بلدان أخرى بغض النظر عن الانتماء المذهبي، الانتماء القومي الإنساني، (على الرغم من أننا سنجد مَنْ سيعترض على قولنا بخصوص الدين والطائفة) هو الأساس اللامتغير،  لكننا نجيب على اعتراضهم ونقول هناك  كرد من أديان مختلفة موجودون في العراق، وهذه قضية معروفة مثل الازيديين... الخ، ولهذا فحجّة الطائفة أو المذهب والدين لا يمكن أن تكون حجّة إلا، اللهم لدى من يريد مأرباً آخر، مع ذلك فالناس أحرار بما يفكرون أو ما يؤمنون. ولعلّ أنقى موقف حضاري الاعتراف بالرأي الآخر كونه حق طبيعي لا يمكن إلغؤه بالعنف  والاضطهاد الجسدي والنفسي، ونحن لا نتّفق مع رأي الحزب الواحد والمركز الواحد ولنا تجربتنا الخاصة التي تمثلت في الحكم التسلّطي الدكتاتوري 35 عاماً إضافة للعهود التي سبقتهُ، نؤمن بالحقوق القومية والمدنية والديمقراطية وننتصر لحالة الكرد الفيليين المأساوية التي لا يمكن التغاضي عنها أو إنكارها لأسباب في مقدمتها الاتهامات الجاهزة بالعمالة والحزبية والطائفية فلهم حقوق مشروعة ككرد اضطُهدوا لأسباب سياسية وقومية، فقد انتهجت سياسة قمعية من قبل أنظمة الحكم وفي مقدمتها النظام الدكتاتوري السابق الذي تمعّن في اضطهادهم وتفنّن في أذيّتهم وإنكار هويتهم الوطنية والعراقية واتّهمهم ظلمًا وعدوانًا أنهم.. "إيرانيو التبعية والجنسية"،  فقام باعتقال المئات منهم وزجَّ في السجون خيرة شبابهم وغيّب قسمًا منهم ولم يعثر عليهم بعدها، وشن النظام القمعي البعثي حملة همجية تجاوزت على كل الأعراف القانونية والإنسانية بتهجير مئات العائلات من نساء وأطفال وشيوخ ومقعدين ومرضى ونساء حوامل إلى إيران وسُلبت أموالهم وصودرتْ بيوتهم وممتلكاتهم ومحلاتهم الصناعية والتجارية وتم فصلهم من وظائفهم والاستيلاء على الوثائق والأدلة الشخصية العراقية التي تثبت انتماءهم الوطني، وكان التهجير الهمجي الإجرامي وسط صمت مطبق من قبل أكثرية دول المنطقة والعالم إضافة إلى معاناتهم وسوء معاملتهم في إيران بسبب السياسة المزدوجة والتمييز ما بينهم وبين المواطنين الإيرانيين  في كل شيء حتى المذهب على الرغم من أنهم..

1 ــــ عراقيون .. هُجِّروا بحقد شوفيني لأنهم كردٌ، ثم بالمعنى الواضح اعتبارهم أجانب، واتُّهم البعض منهم من قبل النظام العراقي بالعمالة لإيران أو للأجنبي وهذه التهمة معروفة تؤدي إلى الإعدام والسجن لسنوات طويلة.

2 ــــ في إيران اعتُبروا عراقيين وعوملوا بلا مساواة في حقوق العمل والتوظيف وصعوبات كثيرة كالتسجيل في المدارس والمعاهد والجامعات وغيرها إلا من الذي انخرط في التنظيمات الشيعية العراقية المعارضة أو التي أُسِّست في إيران كما لوحق الكثير منهم بتهم "أعضاء في حزب البعث أو مخابرات مجندين وعملاء للنظام العراقي".

3 ــــ بسبب أوضاعهم السيئة توجّه الكثير منهم إلى بلدان أوربية وغيرها لطلب اللجوء بعد رحلة عذاب التهجير من بلدهم العراق، وتعذيب البقاء في إيران والاوردكات  القسرية السيئة الصيت التي زُجَّ فيها أكثرية العراقيين الهاربين من جحيم الدكتاتورية بعد الاستيلاء على مستمسكاتهم القانونية في العراق.

4 ــــ بعد احتلال العراق وإسقاط النظام الدكتاتوري من قبل الأمريكان والبريطانيين وتسليم السلطة إلى أحزاب الإسلام السياسي وفي مقدمتهم الأحزاب والتنظيمات الشيعية لم تُراعَ حقوقهم ولا إعادة جميع ممتلكاتهم وتحقيق مطالبهم المشروعة على الرغم من مطالبتهم بشكل قانوني ورسمي.

5 ــــ بعد 14 عام على إسقاط النظام الدكتاتوري هناك تهديدات جارية على قدم وساق بسبب الاستفتاء المعلن من قبل الإقليم لسلخهم من قوميتهم من قبل الدينيين والقوميين المتطرفين ذوي التوجه الشوفيني، وبحجة الإسلام ليس فيه قوميات، وادعاء القوميين العرب أن الكرد أصلهم عرب، أو يجب صهرهم في بوتقة القومية العربية.

 عندما نعلن عن ظلمٍ لحق بالكرد الفيلية لا نعني أن الباقي من المكونات القومية والدينية والعرقية قد حصلت على حقوقها المشروعة ولم يلحقهم الظلم وسياسة الاضطهاد والتعسّف التي اتبعت من قبل الحكومات السابقة، فالاضطهاد القومي له أوجه على الرغم من اختلاف أشكالها لكن جوهرها واحد، هو إلغاء حق القوميات الأصغر من حقوقها المشروعة أو طمس حقوق أقسام منهم كالكرد الفيليين الذي أصابهم الاضطهاد القومي في المقام الأول ككرد وليس كما أشار رئيس لجنة الأكراد الفيليين في مجلس محافظة واسط السيد حيدر هشام الفيلي في 27/6/2017  أن "المكون الفيلي جعفري المذهب (شيعي) ويسكن أبناؤه مناطق شرق دجلة من الجانب العراقي وما يقابلها من الجانب الإيراني وله خصوصية تميزه، على اعتباره حلقة وصل بين الأكراد والعرب بسبب المصاهرة مع القبائل العربية الأصيلة "أنها مغالطةٌ وتجنٍّ على الحقائق لأن الكرد الفيليين ليسوا حلقة وصل لأنهم كرد غير مميزين عن باقي الكرد ككل أما المصاهرة مع  القبائل العربية الأصيلة فهو لغو فارغ فهل هناك قبائل عربية أخرى غير أصيلة؟ وهل المصاهرة في العراق فقط مع الكرد الفيليين أم أنها حالة عامة؟ وكيف يفسر أن هناك عشائر عربية مختلطة المذاهب؟ وهذه قضية معروفة أراد البعض في الوقت الحاضر الضرب على طبلة الطائفية البغيضة، ولهذا نجد أن الدفاع عن حقوقهم هو دفاع كونهم كردًا مغبونين مثل باقي القوميات ويحتاجون إلى التنسيق مع كل القوى التي تدافع بشكل حقيقي عن المضطهدين كالقوى الوطنية الديمقراطية وليس التنسيق مع "الجهات الأمنية لمتابعة ومحاسبة المحرضين" أما التهديدات الجديدة التي تلازمت مع الدعوة للاستفتاء في الإقليم فهي تهديدات ليس بالضد من الفيليين كونهم فيليين إنما لأنهم كرد أصليين إضافة إلى تهديدات مستقبلية لكل من يطالب بحقوقه المشروعة إن كانت سياسية أو قومية.

 لقد تعرض الكرد الفيليون دائماً إلى اضطهاد مزدوج أما في الآونة الأخيرة في بغداد ومحافظة واسط واقضيتها وقصباتها ومناطق في ديالى وغيرها فقد تعرضوا إلى هجمة عدوانية شوفينية من التهديدات ذكرها أمين بكر النائب عن كتلة التغيير الكردستانية وطالب عدم السكوت أو السماح بها لأنها تهديدات للكرد جميعهم خارج الإقليم ونشرت شفق نيوز في 26/6/2017 التحذير  للحكومة العراقية أن "المواطنین الكورد الفیليين يتعرّضون الآن إلى شتى أنواع التهديدات سواء على المستوى الحكومي ممثلاً بتصريحات بعض المسؤولين" والبعض من ضعاف النفوس حسب قوله وهم يهدّدون ويتوعّدون "بإسقاط الجنسية والطرد خارج مناطق سكناهم" وجاء في تحذيره أيضاً أن "الكورد باتوا يتعرّضون بكل وضوح إلى تهديدات بإعمال قتل وتهجير وسلب ونهب في بغداد وواسط بمركزها واقضيتها بالإضافة إلى بعض مناطق ديالى".

إننا نعرف انه من المستحيل إسقاط الجنسية اعتباطاً لآلاف من الكرد، الفيليين أو غيرهم، وسبق أن نُشر بيانٌ ملفقٌ نُسب إلى مجلس الوزراء العراقي في موقع إيلاف الالكتروني السعودي والبعض من وسائل الإعلام المغرضة المشبوهة بعدائها للوحدة الوطنية، لقد كَذب مكتب رئيس الوزراء والناطق الرسمي ما جاء في البيان الملفق من نقاط  لقرارات بإسقاط الجنسية وطرد الكرد جميعهم خارج الإقليم وفصلهم من وظائفهم والاستيلاء على ممتلكاتهم واعتبارهم أجانب وغيرها من القرارات التعسفية... الخ مما يدل على أن البعض من أعداء الاستقرار مثيري البلبلة والتفرقة  لم يبخلوا ولا لحظة في استغلال إي مناسبة أو فرصة من اجل زيادة الفرقة والاحتقان بين الشعب ومكوناته عن طريق استغلال أية سانحة لبث الإشاعة وتهويلها مثلما يحدث للاستفتاء المقترح من قبل رئيس الإقليم مسعود البرزاني، حتى أن البعض مع شديد الأسف من الذين يدركون حقوق القوميات ومبدأ تقرير المصير خُدع بالدعايات والإشاعات التي هوّلت بشكل غير معقول وفسّرتْ بأن الاستفتاء يعني انفصال الإقليم الفوري وإقامة الدولة الكردية بمجرد انتهاء الاستفتاء، كأنها لعبة شطرنج عادية وليس قيام دولة لها متطلباتها الداخلية والدولية والقانونية والجغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث تقام هذه الدولة بجرّة قلم دون مراعاة الظروف الموضوعية والذاتية التي يجب أن تكون لصالح القرار وليس ضده  حتى لا يكون وبالاً وله نتائج مأساوية لا يمكن تحملها أو تلافيها.

إن التهديدات الأخيرة هي حلقة من حلقات إضاعة لحقوق الكرد الفيليين الضائعة بين أروقة قرارات حكومية أو تشريعات قانونية، والكرد الفيلية ليسوا وحدهم المغبونين في الحقوق فهناك التركمان والمسيحيين والازيديين والصابئة المندائيين وغيرهم وهي قضايا تقع على عاتق الحكومة العراقية كسلطة تنفيذية والبرلمان كسلطة تشريعية  فضلاً عن السلطة القضائية لكي تعاد الحقوق المغتصبة التي شرعت بقوة قوانين النظام الدكتاتوري وقرارات مجلس قيادة الثورة المقبور والتي مازالت نافذة المفعول يعمل بها وهي كثيرة وتحتاج إلى الإلغاء الفوري وتشريع قوانين تتماشى مع حقوق الشعب والمرحلة الراهنة لبناء دولة القانون.

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.