3

:: لنترك قلوبنا تتصرف! ::

   
 

التاريخ : 23/04/2016

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1418

 


 

 

من هو الإنسان الذي لا يرتكب الخطأ؟ أو لا يقع في الخطأ؟ لا يوجد، وبما أنه من المستحيل أن تجد شخصاً منزّهاً تماماً عن الخطأ، فإننا مطالبين جميعا بالتسامح، خاصة إذا عرفنا نوع الخطأ وكيف وقع، لأن هناك ممارساتٍ تكون متعمَّدة ومبنيَّة على الكراهية والحسد، فمن الطبيعي أن يكون النظام العام والقوانين خير رادع لمثل هؤلاء ضعاف النفوس، لكنني أتحدث هنا عن الأخطاء العفوية غير المتعمَّدة والتي نراها يوميا في مختلف بيئات حياتنا من العمل لداخل الأسر وحتى في الشارع، هذه الأخطاء الصغيرة هي الدلالة على العادة البشرية في هذا السلوك، فنحن نخطئ بشكل مستمر، ولا يعني بأننا نفعل هذا عن عمد أو عن قصد.

هذا يقودنا لمحور آخر يتعلّق بكيفية تعاملنا مع بعضنا البعض، لأن الذي يحدث في كثير من الأحيان، ونتيجة لهفواتٍ أو أخطاء أو ممارسات نعتبرها غير صحيحة، أننا نسيء الفهم، وعليه نقوم ببناء أحكام قد تكون قاسية، وغير مبرَّرة، بل إن البعض منا من يقرر المقاطعة والدخول في نزاع، بينما الطرف الآخر بعيد تماما عن سوء الفهم أو لا يعلم عنه أو حتى سببه.

غنيٌّ عن القول أنه لا سبيل لمعالجة مثل هذا الخلل، إلا بتقديم مبدأ حسْن الظن، وأن يكون هذا دوما عادتَنا وسلوكَنا، وهي أول ردَّة فعلنا تجاه ما يعكّر مزاجنا ويزعجنا، ثم السؤال ومحاولة التقصّي والفهم الصحيح لأي موضوع، وبطبيعة الحال من المطلوب عدم ترك الأمور تمضي دون تمحيص وتدقيق، لأن هذا التدقيق مفيد أولا في تلافي سوء الظن وأيضا يساعد كل طرف منا على فهم الآخر.

ولعلّ هناك نقطة مفيدة وقد تساعد كل واحد منا على تقويم نفسه ومعالجة زلاتها، وهي التذكُّر دوما أن علينا النظر للناس كما نحب أن ينظروا لنا، في هذا السياق أستحضر مقولة جميلة للدكتور جيفري لانج، وهو بروفيسور الرياضيات في جامعة كنساس، قال فيها: "أنا لا أفهم البشرية فكريا، بل أفهمها من خلال كوني بشرا".  

وهذا تحديدا ما أريد الوصول له، وهو معرفة أن الآخرين بشرٌ مثلنا يخطئون دون قصد، وفي أحيان كثيرة عن حُسْن نيّة، فلا داعيَ لإعطاء الأمور حجماً أكبر مما تستحق من الاهتمام. لنمنحْ هؤلاء الناس فرصة التعويض وتصحيح الأخطاء ومعالجتها دون هدر لإنسانيتهم، ببساطة متناهية لنعاملِ الآخرينَ تماما كما نحب أن تتم معاملتنا، ليس أكثر ولا أقل.

وبحق نحن بحاجة ماسة لنفهم بعضنا البعض، وان نجعل لطيبتنا وتسامحنا الكلمة الأقوى، ونترك لقلوبنا حرية التصرُّف في مثل هذه المواقف.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.