وقد أثبتت نهال البرقوقي أنها ابنة كل تاريخ المرأة المصرية التي طالما هدهدتنا وأطعمتنا وسقتنا وعلّمتنا وكبّرتنا لأننا "أمانة في رقبتها". ولم تكن نهال الأولى، فقد سبقتها إلى ذلك شادية سلامة ابنة السويس التي ولدت في ديسمبر 1952، وعملت مضيفة، وفي نوفمبر 1985 قامت برحلة إلى اليونان على متن طائرة بوينج طراز 737، وأثناء العودة إلى القاهرة نهض أحد الركاب فجأة حاملا بيده قنبلة واتجه بها إلى كابينة القيادة. وظهر بعده على الفور راكبان آخران بمسدسات وقنابل قاما بجمع جوازات سفر الركاب، وعندما حاول أحد رجال الأمن بالطائرة أن يوقفهم بمسدسه أردوه قتيلا على الفور، ثم قتلوا خمسة ركاب. في هذه اللحظة برزت شادية سلامة وأقنعت الإرهابيين أنها ستتعاون معهم شرط عدم المساس بحياة الركاب، وكانت خلال ذلك متمالكة أعصابها بصورة أثارت دهشة زملائها جميعا. هبطت الطائرة ليس في القاهرة لكن في مالطا، وطالب المختطفون بتزويدها بالوقود. وبرزت شادية مرة أخرى مقترحة على الخاطفين إثبات حُسْن نواياهم بالإفراج عن النساء، وبالفعل أطلقوا سراح إحدى عشرة سيدة، ثم اختاروا شادية لتكون وسيطا بينهم وبين سلطات المطار في عملية تفاوض. خرجت شادية من الطائرة وعندما حاول المسؤولون إقناعها بعدم العودة رفضت وقالت عبارة كتلك التي قالتها نهال البرقوقي "مكاني هناك وسط الركاب". وعادت، واستشهدت في 25 نوفمبر 1985، من دون أن تفكر في أولادها أو في شيء، استشهدت لأن "الآخرين" كانوا أمانة في رقبتها. لمثل هذه المرأة يجب أن يقام تمثال على الطريق إلى المطار، ليس فقط تخليدا لتضحيات المرأة المصرية، ولكن أيضا لنشر الوعي بأن النساء كالرجال شجاعة وبطولة وفداء. النساء المصريات اللواتي وهبن الوطن المحبة والحنان والصلابة جديرات بذلك التمثال "الأم الشجاعة". تمثال كهذا كفيل بتبديد الكثير من الخرافات الشائعة عن عجز المرأة وعن أن المطبخ والبيت مكانها الوحيد إلى آخر تلك المنظومة الفكرية.