3

:: ملاحظات كاتب قصة الأدب واللغة ::

   
 

التاريخ : 28/10/2015

الكاتب : د. أحمد الخميسي   عدد القراءات : 1297

 


 

 

يعتقد عدد غير قليل من الأدباء الشباب – سواء أعلنوا ذلك أم لم يعلنوه – أن القصة القصيرة فكرة لامعة، أو غريبة، أو صادمة، أو واقعية، أو مدهشة، يصبونها في قالب قصصي، أما تملك ناصية اللغة فلا يشغل حيزا من اهتمامهم، لأن الكاتب- في نظرهم - سيعبر أو يعبر عما يقصده واللغة في نهاية المطاف مجرد أداة توصيل. والآن فلنسأل أنفسنا: هل اللغة مجرد أداة توصيل ستؤدي دورها في كل الأحوال سواء أوليناها عنايتنا أم لم نفعل؟ أم أنها جزء من صميم البناء الفني؟ وإلى أي مدى يؤثر العجز اللغوي، أو ما أسماه يحيي حقي "الفقر اللغوي"، سلبا في فنية العمل؟

وحين أتحدث عن اللغة فإنني أعني ثراء المحصول اللغوي، والمفردات، والقدرة على الاشتقاق، والمرادفات، وتشرُّب إيقاع الشعر، والاحساس بالفروق الدقيقة بين الكلمات، والوعي بدلالة الكلمات الثقافية والاجتماعية والتاريخية، ونشأتها، والتحولات التي تطرأ على معانيها ووظائفها، وفي نهاية المطاف فإنني أعني أيضا القواعد والنحو. هل يؤثر تملك ناصية اللغة من عدمه في العملية الفنية؟. فلنتخيل – فيما يخص الفقر اللغوي- صبيا في الثانية عشرة من عمره نشأ لديه – كما يحدث أحيانا - شعور غامض بالانجذاب إلى فتاة أكبر منه في السن، لكنه لا يعرف من الكلمات سوى كلمة "أحبك". ليس لديه سوى تلك الكلمة تعبيرا عن شعور مبهم في صدره ناحية الفتاة، مع أن شعوره قد لايكون" أحبك"، بل"الميل"، أو "الاستلطاف"، أو"الاعجاب"، أو "دفء الصداقة" وربما انجرافه إلى "الحنان" الذي يفتقده، بل وقد يكون "الاشتهاء"! إلا أن قاموس لغته المحدودة يلزمه فقط بما يعرفه: "أحبك"، فلا تنجلي لنا وله حقيقة شعوره! إن عجزه اللغوي لا يمكنه من نقل "حقيقة" شعوره بدقة، أو يشوهها، أو يؤدّي لنقلها بشكل تقريبي. والكاتب الذي لا يتملك ناصية اللغة يعجز عن تحديد مشاعر شخصياته، عن نقل دوافعهم بدقة، وعن رسم الصورة الأدبية، بل وعن تحديد فكرته. باختصار يعجز عن نقل "الحقيقة" الفنية والموضوعية. الثراء اللغوي ضرورة للوصف، للتعبير، لدقة الصورة الأدبية، لتفادي التكرار، للايقاع الموسيقى، أي ضرورة للفن. وإذا أنت أردت على سبيل المثال أن تصف حمالة صدر فتاة تنزلق في موضع محدد مابين كتفها وذراعها، فإنك لن تجد الكلمة المناسبة مالم تكن مهموما باللغة. لكن انظر الروائي والقاص السوري الكبير عبد السلام العجيلي يصف ذلك في قصة له قائلا:" ارتخت حمالة صدرها عند منزلق الكتف"! هاهي عبارة "منزلق الكتف" التي يجدها كاتب متمكن لغويا تحدد لنا الصورة بدقة. هكذا يمنحنا الكاتب بفضل تمكنه اللغوي صورة دقيقة خاصة باللحظة والشخصية والموضوع، صورة لا تتكرر، بعيدة عن الصور الشائعة النمطية، ويقدم لنا رؤيته الخاصة لهذه اللحظة. وبينما يكتفى الكثيرون بكتابة "تدفق النور إلى الحجرة" فإن جيمس جويس في قصته "الموتى" يجعل الصورة محددة، خاصة، لا تتكرر، تكسب اللحظة تفردها، حين يقول: "إنساب ضوء من مصباح الطريق في شكل سهم طويل من إحدى النوافذ إلى الباب". بصدد اللغة وما تفتحه من امكانيات رسم الصورة الأدبية تقول الكاتبة المعروفة إيزابيل الليندي:" يمكن لقرائي أن يفاجأوا عندما يعرفون كم أنا انتقائية مع اللغة. كيف أنني أقرأ الفقرة بصوت عال، وإذا كانت هناك كلمات مكررة فهذا لا يعجبني.. وعندما أجد كلمة لا تتطابق والمعنى الذي كنت أرمي إليه أستعين بالمعاجم.. من المهم جدا بالنسبة لي أن أجد الكلمة المحددة التي تخلق الشعور أو تصف الحالة. أنا انتقائية جدا في هذا الجانب لأن الكلمات هي المادة الوحيدة التي نمتلكها".

الأدب في جانب كبير منه صياغة، بل يكاد الأدب أن يكون صياغة: صياغة بناء فني يتضمن مستويات متعددة من الصياغة تتفاعل فيما بينها منها الصياغة اللغوية. أضرب مثلا على أن الأدب يكاد أن يكون صياغة بأبيات المتنبي الشهيرة:

على قدر أهل العزم تأتي العــزائم .. وتأتي على قدر الكــــــرام المكـــــارم

وتعظم في عين الصغير صغارها.. وتصغر في عين العظيم العظائم

خلاصة المعنى الذي ينقله المتنبي أن الأعمال والمكارم تكون على قدر الرجال فإن كانوا عظماء جاءت أعمالهم على قدرهم عظيمة، وليس في ذلك المعنى شيئا باهرا أو جديدا لم يقله العرب قبل المتنبي (توفي 965م)، لكن ذلك المعنى ظل مشعّا في صياغة المتنبي اللغوية بعد أكثر من ألف عام على رحيله بفضل الصياغة، وبعبارة أخرى بفضل اللغة، وما خلقه توإلى حرف الراء من إيقاع موسيقي. وإيقاع اللغة الموسيقى جزء من بنية الإيقاع العام الذي يحكم العمل الفني، بحيث تتناسب أجزاؤه طولا وقصرا، سردا وحوارا، حركة وسكونا إلى آخره. هذا الايقاع الذي ينتقل إلى الفن من حضوره الدائم في نظام الكون، وفي دقات قلوبنا، وتعاقب الليل والنهار، وحركة الكواكب، وانتظام الشهيق والزفير. هذا الايقاع قانون رئيسي في الكون وفي الفن وفي اللغة أيضا بصفته جزءا من إيقاع القصة العام. وعندما نتحدث عن شكل القصة القصيرة فإننا في واقع الأمر نتحدث ضمنا عن "صياغة" تشمل الصياغة اللغوية كعنصر من عملية الصياغة الأدبية المركبة. وليس أفضل من الشعر منبعا للاغتراف من إيقاع اللغة وجرسها، أي من الصياغة، ولا أقصد بالشعر ذلك الذي تصبح كل كلمة فيه معضلة بحاجة لشرح وتفسير، لكن شعر إبراهيم ناجي، ومحمود حسن اسماعيل، ونزار القباني، وحافظ إبراهيم، وأمل دنقل، وأحمد حجازي، وإيليا أبو ماضي، وبدر شاكر السياب، ومحمود درويش، وأبو القاسم الشابي، كل هؤلاء الشعراء مدخل مزهر لإيقاعات الشعر العربي واللغة، فقراءة الشعر ينبغي أن تبدأ من الحديث الأسهل إلى القديم الأصعب لاشتماله على ألفاظ مهجورة. ومع ذلك – سيجد المهتم باللغة – أنه ليس كل الشعر العربي عسيرا على القراءة. اقرأ مثلا هذه الأبيات العذبة، وصدق أنها مكتوبة منذ أكثر من ألف عام:

أيوحشني الزمان، وأنت أنسي .. ويُظلم لي النهـــــــــار وأنت شمسي؟

وأغرس في محبتك الأمــــــــاني .. فأجنى الموت من ثمرات غرسي؟

لا أظن أن هناك كلمة واحدة غير مفهومة في قصيدة ابن زيدون الذي توفي في 1070 م!

في كتابه" أنشودة البساطة" يقول يحيي حقي إنه "لا عشق للقصة والشعر إلا بعشق أهم وأهم هو عشق اللغة.. فاللغة هي مادة الكاتب، كاللون للرسام والحجر للنحات، لابد للجميع أن يكونوا خبراء بمعدن هذه المادة التي يعملون بها ويشكلون منها تعبيرهم". وإثراء قاموسك اللغوي بالمرادفات يجنبك عيب تكرار الكلمات الذي تقول ايزابيل اللندي بشأنه: "وإذا كانت هناك كلمات مكررة فهذا لايعجبني"، لأن تكرار الكلمة يؤدي لشحوب معناها، كأنك تسحب في كل مرة قسطا من رصيدها وقدرتها على الإيحاء. والمرادفات هي التي تمكنك من أن تكتب "قصد المكان" بدلا من "ذهب إلى المكان"، مع أن المعنى واحد تقريبا، لكنك قد تحتاج إلى عبارة "قصد المكان" لأن الصاد فيها تتجاوب موسيقيا مع الحروف التي تلى ذلك في بقية الجملة فتخلق التناغم الموسيقى الذي خلقه المتنبي في أبياته.

هناك اعتبار آخر في علاقة اللغة بالأدب، فالإلمام باللغة يساعدك على اشتقاق الكلمات ونحتها. انظر نجيب محفوظ حين يقول "تعملق الرجل" مشتقا إياها من عملاق، وعملق. وانظر يحيي حقى حين يصف امرأة قائلا إنها "بواسة حضانة" والفعلان صحيحان من باس ومن حضن، ولولا تبحُّر يحيي حقي في اللغة ما تمكن من اشتقاق الكلمتين "بواسة، حضانة" صفة تحمل معنى المبالغة. وثق أنه ما من كاتب عظيم في تاريخ الأدب العربي أو الغربي إلا وكان لغويا عظيما.

أخيرا تبقى مشكلة الفصحى والعامية معضلة تواجه الكاتب إن كان مهتما بلغته ومعنيا بالسؤال: بأية لغة ينبغي أن نكتب؟ وإلى أي مدى يمكن الاستعانة باللهجة العامية؟. وسأترك حل هذه المسألة لكل كاتب، ولكني أود أن أشير فقط إلى أنك حين تكتب بالفصحى فإن دائرة قرائك تتسع لتشمل سكان العالم العربي وتعدادهم حسب إحصاء 2013 نحو ثلاثمائة وسبعين مليون نسمة، بل وأكثر من ذلك إذا أضفنا الناطقين بالعربية من غير العرب. بالفصحى ستجد لغة مشتركة مع عدد أكبر من البشر وتنقل إليهم مشاعرك وأفكارك وهذا مكسب ضخم. ومع ذلك دعنا نتحدث عن "لغة وسطى" كما نادى بذلك توفيق الحكيم وغيره، وهنا سينفعك التبحر في اللغة ولا شيء آخر. اسمع مثلا الجملة التالية: "قلت له يأكل شوية بس". مظهر هذه الجملة كله كأنما من اللهجة العامية، لكن إذا كنت تعلم أن كلمة" شوية" كلمة فصيحة، وأن كلمة" بس" رغم أصلها الفارسي فصيحة، فستدرك أن الجملة كلها فصيحة لكنها من باب اللغة "السهلة الوسطى". هناك كلمات كثيرة جدا نظنها عامية وهي فصيحة منها على سبيل المثال كلمات مثل كلمة "مزة" الشائعة التي يطلقها الشباب على البنت. يظن البعض أن الكلمة رطانة، أي من الكلمات التي تستخدم اصطلاحيا بين مجموعة محددة للإشارة لمعنى يفهمه أفراد المجموعة وحدهم، لكن إذا توفر لك الاهتمام بالبحث عن أصول الكلمات في القواميس فستجد في "لسان العرب" الفعل: " مز – يمز - مزازة " أي استحسن الشيء ورأى له فضلا، ويقال: هذا أمزُّ من هذا، أي أحسن وأفضل منه! انظر كلمة مثل "حرافيش" التي كان يستخدمها نجيب محفوظ لوصف مجموعة أصدقائه المقربين ستجد أنها قد وردت في المعاجم وعند المقريزي في كتابه "إغاثة الأمة" بمعنى الصعلوك وهي الأخرى كلمة فصيحة مفردها "حرفوش". كلمة مثل "حِتَّة"، حين نقول حِتّة جاتوه، فإن الجملة فصحى، لأن كلمة حتة فصيحة وتعني قطعة، لكن بفتح الحاء. ونحن نقول" زنبة" بمعنى مقلب، هي أيضا فصحى تجدها في لسان العرب وتعني قرصة من زنابة العقرب أي إبرة العقرب التي تلدغ بها. ونقول ملهوج ولهوجة، وهي فصحى في القاموس بمعنى "لهوج الأمر أي لم يحكمه وتسرع فيه".

يقول "أنطون تشيخوف" القاص الروسي المذهل إن: "الإيجاز أخو العبقرية"، لكن ضعف اللغة يوقع الكاتب في الثرثرة، ويلجؤه إلى شرح ما يمكن قوله بكلمة واحدة، لو أن الكلمة حاضرة. يكتب البعض على سبيل المثال:" جعلتني أزور والدتها"، ويلفّ ويدور بالشرح بدلا من أن يختصر قائلا: " أزارتني والدتها"! ويمكنك مثلا أن تكتب الجملة التالية على هذا النحو: "أخذت الصور تتداخل كالأشباح" أو أن توجز قائلا: " تتشابح الصور"!

اللغة مهمة للحقيقة الأدبية، وللتعبير، وللوصف، وللاشتقاق، وللإيجاز، وللإيقاع الموسيقي، لكن ذلك كله لا يعني أن النحو لغو لا قيمة له. انظر أهمية النحو والصرف في تحديد أطراف المعنى في قصيدة كامل الشناوي الشهيرة" لست قلبي" التي غناها عبد الحليم حافظ عام 1967، وجاء في بيت منها:" قدر أحمق الخطى سحقت هامتي خطاه". إذا قرأت البيت بعناية ستجد أنك لن تعرف هل أن خطى القدر هي التي سحقت هامة الإنسان؟ أم على العكس أن هامة الانسان هي التي سحقت خطى القدر؟! هنا تبرز خطورة النحو، فإذا كانت كلمة "قدر" مرفوعة بالضمة فإن "القدر" هو الفاعل الذي يسحق هامة الانسان، أما إذا كانت "هامة" مرفوعة فإنها الفاعل الذي يسحق خطى القدر! هنا يقوم النحو وحده بتحديد المعنى. بهذا الصدد تقول الروائية الأميركية كيت ريد: "يفقد القراء ثقتهم بالكاتب غير المتمكن من قواعد اللغة، فإن كان يخطئ في استخدام قواعد اللغة فكيف يثقون بما يقوله؟ فإذا كنت غير متأكد من الاستخدام اللغوي لكلمة أو أخرى فدقق ذلك في المراجع المختصة".

في الكتابة الأدبية تكتسب حتى الفاصلة والترقيم والنقطة أهمية، ولتتذكر عبارة أوسكار وايلد "قضيت طوال النهار لأضع فاصلة، وطوال الليل لأحذفها"! قديماً كانت الكتابة بلا نقط للحروف. ثم تم تنقيط الحروف، وظلّت الكتابة بلا فواصل إلى عهدٍ قريب مما نشأ عنه تداخل بين الجمل وأجزاء الجمل حتى لاحظ أحمد زكى باشا ذلك وانتبه إلى خلو الكتابة العربية من علامات الترقيم الموجودة في الكتابة الغربية فنشر عام 1912 رسالته: "الترقيم وعلاماته" للمساعدة على التعرف على مواقع فصل الجمل وتقسيم العبارات. وأقرّت وزارة المعارف العمومية (وزارة التربية والتعليم لاحقا) استخدام هذه العلامات في المدارس المصرية. وفي عام 1932 وافقت" لجنة تيسير الكتابة فى المجمع اللغوي" على ما أقرته وزارة المعارف وأصدرت بيانا ينص على اعتماد عشر علامات أضيفت إليها بعد ذلك علامات أخرى. وهناك فارق بين النقطة، والفاصلة، والفاصلة المنقوطة (، ؛ . ) فالنقطة تعني أن المعنى قد انتهى، وبوسع القارئ أن يتوقف عند ذلك المعنى. أما الفاصلة فتعني أن بوسع القارئ أن يتوقف توقفا قصيرا لتأمل ما سبق، أوتوقفا أطول في حال الفاصلة المنقوطة. وعلامات الترقيم تبدل معنى الجملة تماما. يتضح هذا من المثال التالي وفيه جملة يختلف معناها كل مرة باختلاف علامة الترقيم:

- ما أحسن الرجل. (بالنقطة نقرر حقيقة)

- ما أحسن الرجل! (بعلامة التعجب نعني إعجابنا بالرجل)

- ما أحسن الرجل؟ (بالاستفهام تصبج الجملة سؤالا عن مدى طيبة الرجل)

الاهتمام باللغة هو أيضا اهتمام بالتاريخ الاجتماعي الثقافي، وهو أمر لا غنى عنه لأي كاتب. على سبيل المثال نحن مازلنا نستخدم كلمة "بقف" لوصف الشخص الثقيل، وهي كلمة ذات أصل فصيح. وستجد أن عيسى عبيد أحد مؤسسي القصة القصيرة المصرية قد استخدم هذه الكلمة في قصته "ثريا" 1922 بالمعنى الذي نستخدمه بها الآن حين نقصد الإشارة لإنسان ثقيل. تقول "ثريا" بطلة القصة: "أشكرك أنك خلصتني من البقف الثقيل ده"! وقد مضى على القصة نحو مئة عام من دون أن تنفد صلاحية الكلمة بمعناها القديم. نحن نردد مثلا: فلان "زربون"، لوصف شخص، ونشعر أن كلمة زربون مختلفة عن كلمة "عصبي"، ولن نتلمس الفرق الدقيق بين الكلمتين إلا إن عرفنا أن "الزربون" حذاء ضيق خانق طويل الرقبة كان الفلاحون يرتدونه أيام المماليك، ثم انتقل المعنى إلى وصف الشخص الذي يضيق بالأمور بسرعة، إنه "ضيق الخلق"، وهي صفة غير صفة العصبي!

بهذا المعنى يكون البحث في اللغة أيضا بحثا في التاريخ الاجتماعي والثقافي وفي تحوير الكلمات والانتقال بمعانيها للتعبير عن ظواهر أخرى.

في النهاية إذا كان الكاتب بحاجة لبذل جهد مرهق لتملُّك ناصية اللغة، فإن عليه أن يتذكر ما قالته إيزابيل اللندي عن عدد الساعات التي تعكف فيها يوميا على اللغة والكتابة: "أعمل لأربع عشرة ساعة يوميا. مجرد الجلوس طوال ذلك الوقت أمر صعب. لهذا قام إبني ببرمجة الكمبيوتر بحيث ينبهني كل خمس وأربعين دقيقة لكي أنهض، وإذا لم أفعل فإن جسمي يتصلب وأعجز عن النهوض في نهاية اليوم"، أما فلوبير صاحب "مدام بوفاري" يقضى أحيانا عدة أسابيع ليكتب صفحة واحدة! نعم. الكتابة عمل صعب على الكاتب.. سهل على الآخرين.

***

أحمد الخميسي كاتب وقاص مصري

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.