3

:: ألف عام وعام عربي روسي ::

   
 

التاريخ : 28/08/2015

الكاتب : د. أحمد الخميسي   عدد القراءات : 1383

 


 

 

 

يتصور الكثيرون أن علاقة مصر والعرب بروسيا بدأت بعد ثورة 23 يوليو 1952، وتطوّرت ثم همدت ثم عادت تنتعش بزيارة السيسي الثالثة لموسكو في 25 أغسطس الحالي. إلا أن تاريخ العلاقة الحضاري والاجتماعي يمتد لأكثر من ألف عام، منذ قيام ابن فضلان مبعوث الخليفة العباسي برحلته إلى روسيا عام 922 ميلادية، وكتابه "رحلة ابن فضلان إلى الفولجا" الذي سجل فيه ما شاهده هناك وما لاحظه من طباع الروس وعاداتهم. أما إذا أرّخنا للعلاقة بدخول الإسلام إلى جنوب روسيا في القرن السابع م فسنجد أنها تمتد إلى ألف وثلاثمائة عام لم تتوقف فيها العلاقات التجارية والثقافية والعسكرية أيضا. وفي المقابل تولّى الرحّالة الروس تقديم مصر إلى بلادهم كما فعل "إيجومين دانييل" في القرن 12، و"فاسيلي جاجارا" الذي زار القاهرة ووصف شوارعها وسجل أنه رأى في النيل وحشا ضخما لم يسبق له رؤيته، يقصد التمساح! ومع نهضة روسيا في القرن 17، عهدِ بطرس الأكبر تم عام 1748 افتتاح أول قنصلية روسية في مصر. وفي الثلث الأخير من القرن 18 طلب علي بك من القيصرة يكاترينا الثانية مساعدته في الاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية فأرسلت إليه عدة سفن حربية رابطت في مياه الجزر اليونانية! وفي إطار مشروع محمد علي لتحديث مصر راح يبحث عن طريقة لاستخلاص الذهب من رمال السودان، فاستدعى القنصل الروسي وأهداه علبة نشوق ذهبية فاخرة وسأله إن كان لدى روسيا علم بكيفية استخلاص الذهب؟ وهل تستطيع روسيا أن تمدّه بالمعدات الخاصة بذلك؟ فأجابه القنصل بالإيجاب، وهكذا أرسل محمد علي عام 1845 أول مبعوثين مصريَّين لدراسة علم التعدين في سيبيريا وهما: إيليا داشوري، ومحمد علي وأثار الاثنان دهشة الروس الذين تعجبوا من شابين أسمرين إفريقيين يدرسان بجدية في درجة حرارة تقل عن أربعين تحت الصفر! 

وبرزت روسيا على خريطة الاهتمامات المصرية فقام الأمير عباس حلمي عام 1888 بزيارتها وقام الأمراء الروس برد الزيارة. ولم تنقطع العلاقة إلا عام 1917 مع قيام الثورة الاشتراكية، لكنها عادت إلي مجاريها عام 1937 حين تبادل البلدان الاعتراف مجددا، ثم استؤنفت العلاقات في أغسطس 1943 ولم تنقطع من يومها، وظلت تتّسع لمختلف أشكال التأثير والتأثر، فقد كتب أمير الشعراء الروس بوشكين يقول: "العرب ألهموا ملاحم العصور الوسطى كل الرقة والنشوة الروحية والحب"، كما كتب هو نفسه "قبسات من وحي القرآن"، وكانت هناك رسائل متبادلة بين الإمام محمد عبده وليف تولستوي مؤلف الحرب والسلام.

والآن، بانفتاح آفاق التعاون بين البلدين مجددا تواصل العلاقة تعميق مجراها التاريخي والحضاري والثقافي.

أحمد الخميسي. كاتب مصري

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.