3

:: يوميّات عابرة (14) ::

   
 

التاريخ : 20/08/2015

الكاتب : جوزف أبي ضاهر   عدد القراءات : 1490

 


 

 

 

عَبَرتُ الشوارع كُلّها، ما وجدت بابًا يُدخلني إلى المدينة، أو يُخرجني منها.

ـ هل المدينة من دون باب ومفتاح؟

اللّصوص سرقوا الباب والمفتاح اختصارًا للوقت!

«الوقت الضائع» لا يعترف اللّص به.

***

دخل قرويٌّ مدينةً.

أخذت المدينة هويّته، ولم تعدها إليه.

***

تُسَمّي المدن زائرها «عابر سبيل»، ولو عاش فيها مئة سنة.

ألستُ أنا عابر سبيلٍ؟ وأنتَ؟

... ولو لم تزرها، ستعبر من سبيلٍ إلى سبيل.

***

كانت الغربة تسكن المدينة، زرتها، صرت «مهاجرًا» فيها. كتبت إلى أهلي رسائل حنينٍ وشوقٍ ووعدتهم بزيارة في صيفٍ مقبلٍ... لم يُقبل.

***

«الغربة موحشة»... حذّروني.

ضحكت منهم، وأخذت معي همّة جسدٍ لا يتعب وتصميمي على قتل «الغربة».

لحظة وصولي قدّمت لي «الغربة» كأسًا، بعد كأس... بعد كأس... ما عدت أتذكّر أكانت هي الغربة، أم أنا الغريب؟

***

عندما تُصبح المدن للغرباء، تبدّل: ثيابها، ناسها، عاداتها، نبرة صوتها، وتُنزل عن شُرفاتها وجوه مَن ولدوا فيها وكبروا... تُرسل الوجوه مع باعةٍ جوّالين إلى مدن أخرى، إلى أرض أخرى... لا فرق.

بينها وبينهم وَقَعَ الفراق.

***

تلتصق الطحالب بالأمكنة الرطبة في المدن، تتكاثر، وتظلّ نضرة.

ولا واحدة منها أُصيبت بـ«ذات الرئة».

***

 

تحبّ «الجماهير» مَن يدفع بها إلى شوارع المدن، أكثر ممّن يعيدها إلى بيوتها!

***

الذاهب إلى ساحات المدن بعَرَبة مدفعٍ، سيخرج منها برصاصة.

***

التحقيق في اغتيال المدن يظلُّ مفتوحًا على كلّ الاحتمالات.

احتمال واحد أكيد: «لن يُقفل التحقيق على حقيقة»!

***

المدن الكبرى تُغري الناس بالمقامرة على الحرّية.

... ويقامرون ويخسرون المدن، ولا يربحون الحرّية!

***

قاتل المدن وناسها يحمل مسدسًا.

وحارس المدن وناسها يحمل مسدسًا

عند المبارزة يسقطان معًا:

ـ الرصاص في الرأس والصدر.

***

يأتي الذئب إلى القرى النائية من أرض وعرة. ترتعب القلوب لصوته، وتتجنّبه كثرة. لا يقاومه إلا من قلبه صوّان، ويده على الزناد، وخطواته ثابتة... يهرب الذئب أو يُقتل. حُتِّمَ مصيره.

... وفي المدن؟ يعيش الذئب بين الناس ولا يتنبّهون له. يتعاملون معه، يحادثونه، يستضيفونه، تظهر أنيابه فجأة فتُصيب منهم مقتلاً.

المرّات التي انكشف فيها «ذئب المدينة» أمام صيّاده تُحسب على أصابع اليد الواحدة.

***

قَرَّبتُ صورةَ ذئبٍ من صورِ ناس أعرفهم... وندمت.

ـ كم ظلمت الذئب!

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.