3

:: مجموعة مقالات - آب 2015 ::

   
 

التاريخ : 16/08/2015

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1258

 


كن أقل فضولاً - فاطمة المزروعي

 

كلما كبرت همتك وطموحاتك، فإنه تبعاً لهذا ستكون غايتك واسعة وأهدافك عظيمة، وبالتالي فإن عملك سيكون دوماً راقياً لأن الهدف سامٍ ومميز.

نحن ودون تعميم، البعض، ودون أن نشعر نهتم بالقشور والسطحيات، نهتم بما لا فائدة حقيقية منه، على سبيل المثال: ما فائدة أن تجتمع الصديقات ولنحو الساعة يخصصن حديثهن حول مطعم تم افتتاحه مؤخراً؟! أو يكون محور الحديث طوال الليل لمجموعة من الأصدقاء حول الكرة ومعظمهم لا يمارسون الرياضة بل مترهلون يعانون من السمنة؟
حسناً بعد انتهاء كافة الأحاديث والكلمات المتبادلة والنقاشات التي تصل أحياناً للحدة، ما الفائدة التي خرجوا بها؟ أو ما الحكمة التي تم اكتسابها؟ هل انعكست إيجابياً على حياتهم؟
في المجمل، ألم يستحق لقاؤهم وجمعتهم حواراً ونقاشاً أهم حول قضايا هم في أمس الحاجة إليها؟، هذا يقودني نحو كلمة بليغة قالتها الدكتورة ماري كوري، وهي عالمة فيزياء وكيمياء شهيرة تعتبر أول امرأة فازت بجائزة نوبل، بل هي الوحيدة التي فازت بها مرتين في الفيزياء والكيمياء، تقول: «كن أقل فضولاً بالناس، أكثر فضولاً بالأفكار».

وبحق نحن بحاجة للاهتمام بالعلم والتدرب على توليد الأفكار، والتركيز على مسيرتنا الحياتية العلمية والمعرفية، وألا نصب الاهتمام بالناس وأحاديثهم التي لا طائل منها، مطعم تم افتتاحه، وفلانة تمدح طبخهم، ثم ماذا؟ بعض المواضيع شحيحة جداً ولا تستحق التوقف ملياً عندها، لنتجاوز القشور ونهتم بما ينفعنا في مسيرتنا وحياتنا.

***

 

إدارة التثقيف الصحي وخمس جمعيات - فاطمة المزروعي  

 

تعدّ مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية والجهات التي تقدم خدمات وأعمالاً تطوعية تستهدف الناس دون أي مقابل من أهم أوجه وعلامات قياس رقي المجتمعات ومدى تحضرها وتقدمها، وفي بلادنا الحبيبة ولله الحمد تنتشر الكثير من الجهات والمنظمات التي أخذت على عاتقها القيام بخدمة الإنسان وتقديم كل مساعدة له.
لعل من أهم هذه الجهات المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، وأخص إدارة التثقيف الصحي، والتي هي إحدى الإدارات التي تترأسها سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي حرم صاحب السمو حاكم الشارقة رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة.

أركز الحديث عن هذه الإدارة لأهمية العمل الذي قامت به والمنوط بها تنفيذه، فهي تعنى برفع مستوى الوعي الصحي، وزيادة المعرفة، وتغيير الاتجاهات عن طريق برامج تثقيفية مدروسة تهدف إلى إكساب أفراد المجتمع المهارات والمعلومات الصحية، ليس هذا وحسب بل إن هذه الإدارة الحيوية تضم خمس جمعيات تطوعية داعمة للصحة، ومن أهم أدوار ومهمات هذه الجمعيات دعم ومساندة المرضى غير القادرين على تحمل نفقات العلاج بالإضافة إلى تثقيف أفراد المجتمع للوقاية من هذه الأمراض والحد من انتشارها.

وهذه الجمعيات هي: جمعية أصدقاء مرضى السرطان، وجمعية الرضاعة الطبيعية، وجمعية أصدقاء مرضى الكلى، وجمعية أصدقاء مرضى التهاب المفاصل، وجمعية أصدقاء السكري. وعند اطلاعي على منجزات كل جمعية من هذه الجمعيات، شعرت بالفخر والاعتزاز، حيث قدمت أعمال جليلة وهي لا زالت تقوم بدورها الحيوي المهم، نحن بحاجة إلى النشر والتنويه بمثل هذه الأعمال التطوعية الخيرية، ليعم الخير ويزداد صانعوه وفاعلوه.. ولي عودة.

 

***

 

لا تحول الناس إلى أعداء - فاطمة المزروعي

 

حضرت قبل نحو ثلاثة أعوام محاضرة تثقيفية حول موضوع حيوي نعيشه ونحتاجه في حياتنا، وإذا صح التعبير لا فكاك منه. كان موضوعها ومحورها كيفية التعامل مع الآخرين في مجتمعاتنا؟ كيف نقوم ببناء روابط اجتماعية في حياتنا تكون سليمة ومنصفة للطرفين ومتوازنة أيضاً.

وعلى الرغم من أن المحاضر كان من إحدى الدول الأوروبية، بمعنى أنه قد يتكلم ويطرح جوانب تناسب المجتمعات الغربية وليست تتفق بالضرورة مع بيئاتنا وعاداتنا وقيمنا، إلا أنه وفّق في التركيز على جانب حيوي ومهم يتعلق بطبيعة التواصل مع الآخر، أياً كان هذا الآخر، بمعنى أنك قد تجده في بيئة العمل أو عند مراجعتك لإحدى الدوائر أو في مركز التسوق أو حتى جارك أو قريبك.

وأتذكر أن أولى وصاياه كانت تركز على سلامة الظن بهذا الآخر، وعدم وضع متاريس وموانع ضده على الرغم من أنه لم يبدر منه أي خطأ أو تعمد للأذى. وهنا أعتقد أن هذا مربط الفرس كما يقال، فعلى الرغم من أن هذه الفضيلة والوصية هي من لب ديننا الحنيف ويفترض أننا تشرّبناها إلا أنها غائبة في كثير من جوانب حياتنا وفي علاقتنا الاجتماعية أو العملية أو عند تبادل المصالح، حيث يغلب على البعض سوء الظن.

كان المحاضر يركز أيضاً على تحويل الناس في محيطك إلى أعداء، ليس بالضرورة أن يكونوا مقربين منك، لكن لا يوجد مبرر لأن يكونوا كارهين لك بسبب تعاملك وفعلك ضدهم.

في هذا السياق أتذكر مقولة لعالم الرياضيات الشهير فيثاغورس، حيث قال «إذا اختبرت إنساناً فوجدته لا يصلح أن يكون صديقاً، فاحذر من أن تجعله عدواً».

***

 

حياتنا تحيط بها العقد النفسية! - فاطمة المزروعي

 

حياتنا محملة بالعقد أو محاطة بالمعقدين، هكذا تبادر إلى ذهني وأنا أقرأ عن العقد النفسية التي يمكن أن تكون موجودة فيك أو في أقرب الناس لك، ووجدت أيضاً أن مثل هذه العقد يطلق عليها العقد النفسية، وهي ليست مرضاً بل حالة نفسية، وبقليل من التوجيه والإرشاد، وأيضاً بقليل من العقاب قد تزول، لكن يجب أن يكون الشخص المصاب بالعقد لديه استعداد للتخلص منها، وأولاً يكون معترفاً بوجودها لديه.

لن أتحدث عن أسباب نشوء هذه العقد أو ظهورها، لأن موضوعها طويل ومتخصص أيضاً، لكنني أمرُّ على عقد نفسية عدة تم تصنيفها، والبعض منها معروف لدينا، بل نرمي بها بعض الأشخاص، مثل أن نقول: هذا عنده عقدة النقص أو عقدة الغرور، و هناك عقدة الظهور والاستعراض، وتوجد عقدة الإيذاء واستفزاز الآخرين، وعقدة الحب المرضي، وعقدة التنافس وتسمى عقدة "قابيل"، وتقوم على التنافس العدائي، وهناك عقدة الشخص الذي يريد من الآخرين أن يحلوا له مشكلاته، وعقدة ملازمة الطفولة، بمعنى أن الشخص لا يريد أن يكبر ويحب أن يتم التعامل معه وكأنه طفل، وهناك عقدة لدى بعضهم لكن لم أصادف حتى الآن أحداً يعانيها وهي الرغبة الدائمة في إسعاد الآخرين ولو على حساب نفسه، إضافة إلى عقدة الخوف من المستقبل.

وتوجد عقدة أتوقع أنها منتشرة في مجتمعاتنا العربية، وهي عقدة المخلص، وهؤلاء يعتبرون أن تخليص الناس من المشكلات والهموم لن يتم بحيث تزول وتنتهي إلا على أيديهم ووفق طريقتهم فلديهم حلول لكل شيء، كما توجد عقدة نقص تدفع المرأة للتصرف مثل الرجل، والغريب أن النساء اللاتي يعانين هذه العقدة ناجحات في حياتهن العملية، ولعل من أشهر العقد الحياتية التي نعرفها عقدة النقص، وحسب خبراء العلوم النفسية فإن من سمات المصاب بهذه العقدة العدوانية والاستعلاء والتظاهر بالشجاعة والمبالغة في الحديث عن نفسه، وهناك عقدة أيضاً معروفة بيننا وهي عقدة الذنب، وهي شعور مطلق بالذنب، حتى ولو لم يقم الشخص بعمل يستدعي هذا الشعور.

لكن لا أخفيكم أني توقفت عند عقدة السرقة، وذهلت من وجود تصنيف نفسي لها، لأنه سبق وسمعت عن قصة فتاة من عائلة ميسورة مادياً، ولكن هذه الفتاة تقوم بسرقة ما تطوله يداها مهما كان تافهاً، وأدركت عندها أنها تعاني حالة نفسية، فعقدة السرقة قد يكون المصاب بها إنساناً ثرياً ولا حاجة مادية له، ولكنه يقوم بالسرقة، وأقودكم نحو عقدة قد تكون موجودة في حياتنا أو قد يكون شعر بوجودها أي منا بين وقت وآخر وهي عقدة الفضول، وكما يقول علماء النفس فإن الفضول غريزة بشرية، لكن المصاب بهذه العقدة تحديداً تجاوزوا المعقول والمقبول، إلى حد أنهم قد يصلون لمرحلة التجسس بل والسؤال المباشر من دون أي تردد.

وهناك المئات من العقد التي تم تصنيفها وموجودة بطريقة أو بأخرى في حياتنا الاجتماعية، قد يعانيها الفرد وهو لا يشعر بها أو لا يعرف أنه محط ازدراء الآخرين وأنها تسبب له مشكلات اجتماعية هو في غنى تام عنها، لو وجد التوجيه والعناية والإرشاد.

سأظل أقول: إن علم النفس بحر معرفي شاسع وكبير، ومع الأسف لا نعطيه في عالمنا العربي ما يستحقه من الاهتمام والرعاية.

***

زر غبّاً تزد حباً - فاطمة المزروعي

 

في مكالمة هاتفية تلقيتها من إحدى القريبات قبل فترة من الزمن، كانت خلالها تشكو بعض صديقاتها، وأنها بدأت تلاحظ أنهن يعاملنها معاملة فوقية أو كما تقول لا اهتمام فيها، وأنها تزورهم باستمرار حبّاً لهن، فكيف يقابلونها بمثل هذا السلوك، حتى في أقل الأمور مثل عدم الاهتمام بوجودها وعدم التفاعل مع ما تطرحه من مواضيع وقضايا، بل ذهبن لأبعد من هذا وهو عندما تصل ضيفة لا يقمن بتعريف الضيفة إليها، وكأنها ليست موجودة.

ولأني بطبيعة الحال أعرف خلفيات الموضوع، بل السبب في مثل هذه المعاملة التي تعرضت لها، نصحتها بالتوقف عن زيارتهن، وأبلغتها بأنهن قد يحتجن بعض الوقت لمعرفة قيمتها وقيمة وجودها بينهن وأثره «اسمحي لهن باكتشاف هذه الأهمية، وذلك بالتوقف عن زيارتهن، فإذا كن محبات لك وراغبات في صداقتك ووجودك فإنه من البديهي أنهن سيلاحظن مباشرة غيابك وسيسألن عنك ويتصلن للاطمئنان عليك، أما إذا قدر ووجدت منهن التجاهل أو كما يقال التطنيش وعدم السؤال، فهي رسالة افهمي معناها ومحتواها، وفكري فيها واتخذي القرار الذي يصون كرامتك ومكانتك».

وما نصل إليه أن ما يفسد الصداقة دوماً هو الاندفاع في التعبير عنها، والضغط على الطرف الآخر، الذي قد يفسرها بأمور غير صحيحة، أو يضطر لمحاولة الابتعاد وتظهر منه سلوكيات ضدنا لم نعهدها منه، وكما قال الشاعر العربي زين الدين ابن الوردي المعري الكندي في بيته الشهير «غب وزر غبا تزد حباً فمَن .. أكثر الترداد أضناه الملل».

***

 

يتحوّلون إلى أطياف حين تحتاجهم - فاطمة المزروعي

يجب أن نكون قد تعلمنا من الحياة الكثير من الدروس المهمة، فهي كريمة في تعليمنا، وإن كانت هذه الدروس تأتي قاسية في كثير من الأحيان، لعل من أهم هذه الدروس الحياتية وأكثرها وقعاً وأثراً هي الحاجة للآخرين، فالحاجة في حد ذاتها مؤلمة وقاسية، فكيف إذا وجد بجانب الحاجة رفض للمساعدة أو عدم اهتمام ولا تجد أحداً يقف بجانبك.
مثل هذا واقع في حياة اليوم، وقصص التنكر والأصدقاء وكثرتهم وعند وقوع الأزمات قلة أو ينعدمون ولا تجدهم، وكما قال الإمام الشافعي:

وما أكثر الأصحاب حين تعدّهم.. ولكنهم في النائبات قليل

لعل هذا الجانب بات متواتراً.. والقصص فيه كل يوم نسمعها، ولا أريد أن أكسو الواقع بالظلمة، لأن هناك قلوباً نقية مبهجة وفية، فمَن هم الأصدقاء إذا لم نكن نحن؟ لكن من الطبيعي أن تكون قصص الجحود والتنكر هي الأكثر ألماً ودوياً وحزناً. ما نصل إليه عند سماع مثل هذه القصص، هو أن نحولها لتكون حافزاً ومشجعاً على أن نعمل جميعنا لنستغني عن الآخرين، وألا نعلق فرحتنا وسعادتنا على أحد مهما كان، وأن نحاول دوماً أن نكون مستقلين، نحب الآخرين ونسعد بالرفقة والأصدقاء ولكننا لا نشكل عليهم أي ضغط أو نكلف أحداً.

أتذكر كلمة للمؤلف والكاتب الطاهر بن جلون، عندما قال: «غريب أمر الناس هذه الأيام، يتحوّلون إلى أطياف حين تحتاج إليهم». وأضيف: أطياف وسراب، بل كأنهم حلم..

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.