3

:: أبي يضايقني ::

   
 

التاريخ : 06/01/2015

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1251

 


 

 

 

       أخصص هذه المساحة لنقرأ سوياً رسالة غريبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى وصلتني قبل عدة أيام من أحد القراء وقرأتها أكثر من مرة في محاولة لأستوعب جديتها.

الرسالة تدور حول مفهوم نعتبره من المسلَّمات لدينا، لكنها عند هذا القارئ تحتمل الأخذ والرد، بل يطلب استشارة حولها.

يقول في رسالته، التي كانت طويلة جداً لكني أوجزها وأختصرها في لبّها وجوهرها، حيث يقول: «يضايقني والدي دوماً، فهو لا يتعب ولا يملّ من حثّي المستمر على أداء الصلاة، بل تطور الآن ليتدخّل حتى في سير دراستي، ويوصي باستمرار بالانتباه والجد. تحمّلت تدخّلاته هذه، لكنه زاد في الفترة الأخيرة، لتصل به الحالة للتدخّل حتى في اختياري لأصدقائي، وبحق فإن هذا يوتّرني. حاولت أن أفهمه أن مثل هذه الأمور شأن خاص بي ولا دخل له فيها لكن دون جدوى. كيف أتعامل معه؟ إنه لا يفهم أنه يصادر حريتي؟».

ثم ختم رسالته بتنبيه يقول فيه:

ملاحظة: والدي جاهل لا يقرأ ولا يكتب، ومع الأسف والدتي أيضاً..

حسناً.. لنستوعب جميعاً الصدمة، رسالة من شاب في مقتبل العمر متضايق من أبيه وأمه، لأنهما يحثّانه على أداء الصلاة والانتباه لدروسه، ويحاولان أن ينبّهانه لأهمية أن يحسن اختيار أصدقائه. ومن الوهلة الأولى أخشى أن مثل هذا الشاب مجرد عينة لما هو أكبر في عقول فتياتنا وشبابنا عن الاستقلالية، والذين يعتقدون أنهم بهذه الطريقة يمارسون الحرية أو أنهم يتحدثون عن حقوق إنسانية.

هذا الشاب لا يفهم أو لا يدرك أن الحرية التي يريدها لها ثمن، لعلّ أول ثمن هو أن يستقل في منزل يملكه أو يدفع إيجاره من كدحه وعمله وتعبه، وأن يصرف على نفسه، ولا يعتمد على رجل وصفة بالأمية، مع الأسف وصف أباه بالجاهل!! بين يدينا رسالة لشاب متضايق لأن أباه يحثّه على خير الدنيا والآخرة، ويريد له النجاح والرقي بالاستذكار والابتعاد عن أصدقاء السوء. إنه لشيء مؤذٍ ومحزن جداً.

نفهم نفسية المراهقين، ونقرأ عن كيفية التعامل معهم، لكن أن يتولّد رفض تام لقيم ومسلَّمات، بل تعتبر تلك الأمور مشكلة لديه تحتاج حلاً فهذه معضلة. هل يريد أن أقول له إن أباه مخطئ؟ إطلاقاً.. إن والدك محب ويريد لك الخير. ولهذا الشاب، أقول: احمد الله أنك تعيش في أسرة، وأن لديك أباً وأماً يصرفان عليك، ويعبّران لك عن مشاعر الخوف والحب.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.