3

:: الشعب جاهز.. الحكومة جاهزة؟ ::

   
 

التاريخ : 25/09/2014

الكاتب : د. أحمد الخميسي   عدد القراءات : 1310

 


 

 

 

تثير صور شهداء التفجيرات الإرهابية الأخيرة الحزن الشديد. لكن الأسى لن يستأصل إرهاب جماعة الإخوان.

في مواجهة العمليات الإجرامية التي لا تتوقف دعا رئيس الوزراء "إبراهيم محلب" الشعب إلى الاحتشاد للتصدّى للإرهاب. طيب الشعب جاهز. لكن هل الحكومة جاهزة لتلك المهمة؟. لا أظن. فليس لدي حكومة محلب أي تصور فكري أو ثقافي يتّسم بالشمولية لمواجهة العمليات التي تتم تحت غطاء الفكر الإخواني الذي يبرّر لتلك العمليات ويأبى أن يستنكر العنف في بيان واضح يراجع تاريخ الجماعة الإرهابي ويتبرأ منه ومن مبدأ العنف.

الشعب جاهز من زمان لمواجهة الإرهاب، وهو يبذل أقصى ما في وسعه لأجل ذلك. لكن الحكومة "نصّ نصّ"، و "ربع ربع"، وأحيانا لاشيء. وليس لدي محلب في مواجهة هذه الظاهرة سوى تصورٌ أمنيٌّ وحيد هو الضرب بالقطعة الحديدية في أحزمة السراويل، وهو تصور عنيف لكنه مضحك لأنه لا يؤدي لشيء. وإذا أرادت الحكومة أن تجتث الإرهاب حقا وليس قولا، فإن عليها أن تجفّف منابع الإرهاب الفكرية في الثقافة والتعليم والإعلام، خاصة التلفزيون. عليها أولا أن تقوم بتعديل وتغيير مناهج التعليم التي تغرز في معظمها مسامير الفكر الإرهابي في عقول التلاميذ، وأن تنظر إلى أوضاعنا الثقافية البائسة لتغيرها. منذ نحو خمسين عاما كان تعداد الشعب المصري نحو ثلاثين مليون وكان لدينا أكثر من عشرين مجلة ثقافية، اليوم صرنا تسعين مليون وليس لدينا حتى ثلاث مجلات ثقافية محترمة! وقد التقيت منذ أيام بطلبة في أحد المعاهد العليا ممّن أوشكوا على الانتهاء من دراستهم ولم يستطع بعضهم أن يحدّد على وجه الدقة من يكون "نيتشه" أو من الذي كتب رواية الأرض؟ عبد الرحمن الشرقاوي أم عبد الرحمن الرافعي؟. ومع دعوتنا المستمرة للتنوير فليس لدينا مجلة واحدة علمية ذات شأن. ومع أن السيدة فيفي عبده أو الراقصة صافيناز أنشأت قناة تلفزيونية خاصة بها فإن حكومة محلب عاجزة عن إنشاء قناة خاصة لتبسيط العلوم وتقديمها للملايين. هذا بملاحظة أن الغالبية العظمى من الشعب تتلقّى أفكارها من ذلك الصندوق المسمى "تلفزيون" والمختص في الكذب ونشر التفاهات في أغلب الأوقات. إن التعليم والثقافة والإعلام خاصة التلفزيون هي الركائز الفكرية لمواجهة الإرهاب الذي يعشعش في العقول. إن قنواتنا التلفزيونية تبثّ يوميا نحو مئة وستين ساعة إرسال، نصيب البرامج الثقافية منها عشر ساعات فقط، أي ستة بالمئة من مجموع الإرسال! علما بأننا جعلنا من بين الساعات الثقافية برامج عامة مثل "للأطباء فقط" وغير ذلك، أما البرامج الثقافية المتخصصة فإن نصيبها لايزيد عن ثلاث ساعات من مئة وستين ساعة.

فهل يمكن القول إن الحكومة جاهزة لمواجهة الإرهاب بينما هي لا تخصّص للثقافة أكثر من نصف ساعة تلفزيونية يوميا؟!  يدعو رئيس الوزراء محلب الشعب إلى الاحتشاد لمواجهة الإرهاب. لكن حكومته وسياساتها الفعلية تغضّ النظر عن منابع الفكر الذي يمضي بالإنسان إلى الجريمة. وما لم تتبدّل سياسة الدولة بشكل جذري في مجال التعليم والثقافة والتلفزيون سيظلُّ الإرهاب مسلّحا يغتال أعزّ أبناء الوطن.

يدعونا محلب إلى الاحتشاد. طيّب نحن محتشدون. ماذا عنكم؟

ح تحتشدوا؟ ولا لاء؟

أحمد الخميسي . كاتب مصري

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.