3

:: ليس للهاثي صدى ::

   
 

التاريخ : 03/06/2014

الكاتب : جوزف أبي ضاهر   عدد القراءات : 1460

 


 

 

 

أسمعُ لهاثي وليس لصوته صدى.

كأنه العبث المجّاني في ركن من الجسد، ويقيم فيه من دون جسد.

أحسّه يرتفع بي ثم يهبط، فأهبط مكاني.

لا أشعر بثقله، ولا أشعر بضعفه.

وجوده معي يُشعرني ببعضِ ضيق، ببعضِ تردُّدٍ وببعضِ انكفاء.

أركض ليزيد من صراخه بي.

أهدأ لأحسّه يتلاشى في هدوء رتيب. قَلَّ أن عَرفت تحديد فعله. ولو وصفوا لي دوره وعمله، وحتميّة وجودي من حتّميّة وجوده. كأنه يقاسمني الحياة بكاملها، ولا يحمل وجوده مثلي علامة فارقة.

لكنّه العلامة التي لا تَظهر.

تُدرك ولا تَظهر. الإدراك وجود آخر.

لم أسمع من الناس مَن تحدّث أنه وُلد معي.

أشعر بأنه يقنع بما لي، وبما له مما لي، وأكثر، مذ تكوّنت.

مرّات، أحب مراقبة مناغشته الهواء العابر بيني وبينه.

مجرّد مراقبة. ما ظفرت منها بجواب على تساؤلات وظنون.

غامضة علاقتي به. وستظلّ غامضة، ولو سمعت ممن يدركون المعرفة والعلم، ألف تبرير لفعله ودوره، وألف شرح لحاجتي إليه، وألف تحديد لكينونتي وكينونة أي انسان أو حيوان أو نبات، هو في نسغها وفي مسامها، ولو على اختلاف، يتمتّع بحرّيةٍ ما بعدها حرّية.

أمامه وأمامكم أعترف.

أعترف بضعفي، بتردّدي، بجهلي الروح.

قيل أنها تتسرّب منه، لتخرج إلى اللامتناهي، تاركة فراغًا لن يرثه اللهاث.

يسبقها إلى الانزواء بعيدًا من الجسد.

بعيدًا من الحياة.

بعيدًا من أي إشارةٍ، صفةٍ للحضور.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.