3

:: الشعر المحكي ::

   
 

التاريخ : 08/02/2014

الكاتب : إياد قحوش   عدد القراءات : 2065

 


 

 

 

الشعر بشكل عام صعب وأمّا شعر اللغة المحكية فصعب وسهل في آن.

صعوبة الشعر في أنه كلمات تضيق حروفها بمعانيها، فالشعر وحده ومن بين كل الآداب أكبر من الشعور وأبعد من الخيال. لذا فهو تارة يلمس الغموض وتارة يفتح أبواباً على عوالم لم ندرِ بوجودها.

وصعوبة الشعر أيضا في أنه يحمل الجمال اللامحدود كخيط صغير ويدخله في ثقب إبرة الكلمة ليصنع قبّعة للإنسان في شتاء الزمان العالي.

الشعر ماء يجري بين ضفّتي العقل والقلب، لايتوقف.. وإن كان يبدّل اتجاهه أحياناً وأحياناَ يدور على نفسه كعينيّ امرأة في المرآة.

صعوبة الشعر باللغة المحكيّة بالإضافة إلى أعلاه، أنه قليل المفردات إذ عليه أن يضيء ليل العالم الكبير بألف شمعة على أن لا يخرج عن الذوق الشعبي وإن كان مكتوباً للنخبة.

لكنه سهل أيضا.

ليس في كتابته والإبداع به ولكن بتقبّله عند المتلقّي إذ لا يحتاج لتصريف ولا لإعراب وهو في غنى عن القواميس المحنّطة. فكل كلماته شائعة ومستعملة ومفهومة ومتداولة بين الناس وعند الناس.

سهل لأنه يتغيّر مع تغيّر لغة الناس المحكيّة فلا تخفيه كثبان الماضي ولا تخيفه سماكة كتب المكتبات.

يتطوّر الإنسان الحرّ وتتطوّر الحياة ومعهما تتطوّر اللغة المحكيّة وكذلك شعر اللغة المحكيّة.

إن هذا الإرتباط الفريد والغريب بين صعوبة وسهولة شعر اللغة المحكية هو سبب عبقريته.
يدخل شعر اللغة المحكيّة علينا كالأنبياء، ويتركنا في ذهول الصلاة التي تستجاب كل مرة.

الشعر انتباه لأشياء لم يقلها الله وشعر اللغة المحكية قطف لأشجار مناماته عندما ينام في عرزاله البعيد.

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.