3

:: استراحة محارب ::

   
 

التاريخ : 04/11/2013

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1575

 


 

من هو الإنسان الذي لا يحتاج إلى الإجازة وأخذ فترة للراحة والابتعاد عن بيئة العمل؟ جميعنا نحتاج إلى استراحة بين وقت وآخر، نجدد خلالها النشاط لنعود أكثر حيوية وإنتاجية، لكن هل مفهومنا للإجازة سليم؟ بمعنى هل جميعنا ندرك أهميتها للسلامة النفسية والذهنية ومساهمتها في تغيير الأجواء لتكون إيجابية؟ مع الأسف المفهوم الذي لدينا يعتريه كثير من الخلل، ولعل هذا الخلل يظهر بشكله الجلي والواضح من خلال الكيفية التي نقضي فيها إجازاتنا.

لعل الملاحظة التي سردتها صديقة عاشت فترة من حياتها خارج الوطن العربي، لمرافقتها زوجها الذي كان يعمل في السلك الدبلوماسي في إحدى الدول الأوروبية، ما يوضح الذي أرمي إليه عن مفهوم الإجازة، وكيف نقضيها، حيث تقول إنها طوال خمسة أعوام تقريباً لاحظت أن تعاطيهم مع إجازة نهاية الأسبوع يختلف عما هو سائد في مجتمعاتنا العربية، فالأسرة هناك تستيقظ منذ الصباح وتبدأ بأنشطة تضم أفراد الأسرة كافة، فضلاً عن الرحلات البسيطة غير الباذخة.

تقول إن الإجازة هناك فرصة لتقوية التواصل بين أفراد الأسرة، أيضاً تقول إنها تشاهد أطفالاً في الخامسة عشرة والسادسة عشرة تقريباً يؤدون أعمالاً يدوية في حدائق منازلهم، خصوصاً في الإجازات، سواء من خلال تنظيف الحديقة وتقليم الزرع، أو من خلال ترميم وإعادة طلاء بعض الجدران أو إصلاح الأرضية، بمعنى أن الإجازة وفق المفهوم الذي تسرده صديقتي هو تعليم وتواصل، وليس كما هو سائد عند البعض فترة كلها نوم وخمول وتغيير رتم الحياة فيستيقظ واحدهم ليلاً وينام نهاراً، فتحدث «لخبطة» حتى في أوقات تناول الطعام.

وتجد هؤلاء بعد عودتهم لمقار عملهم أو مدارسهم أكثر إرهاقاً وأكثر مللاً، تجدهم يتذمرون ويتأففون، فهم يعانون اضطرابات نفسية وحاجة طبيعية للراحة لم يحصلوا عليها، فقد قضوا أيامهم ولياليهم في فوضى بكل ما تعني الكلمة.

غني عن القول إن لدينا نماذج جميلة في هذا السياق، حيث تجد بعض الأسر تخطط للإجازة وكيفية قضاء أوقاتها، وتستغلها فعلاً في تغيير الأجواء، بل وتغيير حتى المحيط والسفر لمكان آخر والابتعاد لبعض الوقت عن المناظر والأشكال والأماكن السائدة، ومثل هذه الأسر هي التي تعتبر أكثر إنتاجية، وتجد أفرادها أكثر حيوية وإقبالاً على العمل والتعليم، بل وتجد نفسيات أفرادها أكثر راحة وانطلاقاً، هي دعوة قلبية لمحاولة فهم الإجازة، وكيف تتم تمضية أيامها، لا أن نجعلها سبباً في مزيد من الإرهاق والتعب.

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.