3

:: قناديل 98 ::

   
 

التاريخ : 10/03/2013

الكاتب : جوزف أبي ضاهر   عدد القراءات : 1592

 


 

 

بحيرة الذكريات

ذاكرةُ الفرد أقوى من ذاكرة الجماعة. الخاص يبقى وشمًا ووجعًا، ونُتَفَ بريقٍ من لحظة هناءة تُسمَّى: فرحًا، سعادةً، نشوةً، غبطةً... لا فرق، مجرَّد لحظة.

مسام ذاكرة الأفراد ضيّقة، والنتوءات فيها كثيرة، تُوجع حين تُحَكُّ من جرحٍ.

وأما ذاكرة الجماعات فأوسع مسامًا، والنتوءات تضمحلُّ مع الأيام، مكتفيةً باعتراف بارد أو بتوبةٍ هي غفَّارة ذنوب. من لا ذنب له، فليحمل حجرًا ويرمه في بحيرة الذكريات.

طاعون

«إذا حلّت اللعنة على شعوبٍ أنزلت «السماء» عليها «الطاعون»... وسَكَتَ الختيار متلفتًا حوله، منتظرًا تعليقًا على كلامٍ قاله بعد سماعه أنباء انفجارات قتلت عشرات الأبرياء، ولم تُصب مقاتلاً.

هزّ رأسه وهمهم: يَظهر أنهم اكتشفوا دواء للطاعون ما عاد يخيفهم!

 

البقيَّة تعرفونها

كَذِبٌ، تحقيرٌ، ومهابةٌ تصلُ إلى السبب وإنزال التهم بالخصم.

هي حال ساسة يقفون صباح كل يوم أمام المرآة، وبابتهاج يقول كل واحدٍ منهم:

ـ سبحاني ما أعظم شاني، ما أنقى كفّي، ما أشرف تاريخي، ما أصدق قولي، وما... وما... حتّى تغبش المرآة من غبار كلامه. فلا يعود يرى غير أشباه وجوه لأخصام، يَقلب «الاسطوانة» على وجهها الثاني... والبقية تعرفونها!

سجين الإهمال

جَلستُ إلى كتاب في مكتبتي. كان فيها من زمن، عتق غلافه، اصفرَّت هوامش أوراقه، لكن كلامًا أطلّ منها يعاتب: «أنا لست محكومًا بتهمة، وأكاد أختنق في سجني. ولو!..».

أخرجته إلى عيني ومشينا معًا إلى معرفة كدت أظن معها أنني أنا المسجون بتهمة الإهمال.

على الدّرب

مدَّ الهواءُ يده تحت أوراق الشجر وكان مُغمض العينين.

ولا شجرة أبدت اعتراضًا.

***

رمتِ الأشجارُ ثيابها للتراب... ولم تعطها لهواءٍ يفتّش عن ثوب يتدثَّر به.

***

بيتي بوّابة الغابة، ولا شجرة زارتني.

أليس الجار للجار... ولو جار؟

***

تنهض الريح من فراشها وتمشي حافية على الأرض.

مَن يغسل لها قدميها؟

مَن يجففهما بثيابه؟

***

أولمت نبتة ضعيفة الخصر لعصفور. ذاق نصف قبلة منها، ورجع إلى الشجر مغرمًا برشيقات الخصور.

***

أشكالُ الحجارة في الجبال تدهشني.

أيُّ مثَّالٍ نحتها، كلَّها، بهذا الإعجاز؟

***

يتلصَّص الوادي على القمم قدر عمقه عنها.

***

أصغيتُ إلى وشوشات الموج وتأوهاته.

لن أبوح لكم بما عرفت.

***

أي نوعٍ من الرقص يمارس الموج؟

تأمله البحر وما عرف.

***

يسقي الماء التراب ولا ينتظر مِنَّة.

شكرًا.

***

سَقطتُ على ترابٍ رطب.

أمسك الطين أصابعي:

ـ نَسبٌ بيننا... انسيت؟

***

نظنُّ الأيام بطيئةً تمشي...

فجأة تختفي.

*

 

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.