جماليـــا : ثقافة , آداب , فنون |
From site: http://www.jamaliya.com |
د. إياد قحوش | 16/01/2014 |
كان غنائيا في معظمه لأن الموسيقا تجمّل الكلمة وتفتح أبواب القلب والعقل معا للمعنى. كلمة "المعنّى" وهي اللفظة السريانية لكلمة المُغنّى أصبحت ضيفا في سهرات الصيام قبل عيد الميلاد وعيد الفصح وكذلك قبل أعياد مريم البتول. كذلك مع أناشيد القرادي التي تميزت بتقبّلها شعبيا وبشكل استثنائي حتى تماهت مع الحس الموسيقي الفطري لدى شعوب بلاد سوريا والعراق. الجميل واللافت للانتباه أن شعر الأناشيد السريانية، وإن كان موزوناً، إلا أنه أسقط القافية في كثير من الأماكن وتلاعب بها في أماكن أخرى بحيث تتعدد القافية في القصيدة الواحدة وتتغير لصالح دقّة المعنى مع الحفاظ على الجمال الشكلي للقصيدة. كذلك تلاعب شعراء الأناشيد الكنسية بطول الأشطر ولم يكن عدد الحركات الموسيقية واحدا في القصيدة الواحدة. مع الانتباه إلى أن العروض السرياني لا يهتم بالـ(سُّكون) قدر اهتمامه بالحركات الصوتية وذلك لتسهيل الغناء وجعله في مقدور عامة الشعب. وقد كان لهذه النقاط التي تختلف مع ما نراه في الشعر العربي الفصيح التقليدي آثاراً مهمة على الشعر الزجلي الذي هو بغالبيته تطور في الشعر السرياني الغنائي.
لقد تغيرت اللغة المحكية عند معظم السريان لتندمج مع اللغات المحكية في الشرق فأخذت وأعطت وتغيّرت وغيّرت. وهانحن نرى في اللغة العربية الفصحى مئات الكلمات ذات الأصول السريانية وكذلك الأمر مع اللغة المحكية بلهجاتها السريانية المختلفة والتي لاتزال تحتفظ بمئات الكلمات السريانية والتي نستعملها كل يوم في أحاديثنا العادية من مكاغاة الأطفال (انكغّى، واوا، نونو، امبو، دح...) إلى بعض الكلمات التي نستعملها في البساتين والحقول وبعض الأسماء التي نعطيها للنباتات والأزهار والأشجار والحيوانات والطيور إلى كلمات أخرى عديدة جدا نلفظها كل يوم كأسماء الكثير من الأماكن والقرى والمدن والأشهر وأسماء بعض المقامات الموسيقية والبحور الشعرية وغيرها. إن لهذا الشرق تاريخاً طويلاً يبدأ مع الكلمة الأولى وإليها نحنّ كلما اشتدت بنا المصائب والنكبات. وإن كان من واجبنا أن نحترم ما أعطته حضارة السريان لهذا الشرق فإنه يحق لنا جميعاً أيضاً أن نفخر بها لأنها أعطت العالم الكثير ولاتزال.
|
Link: http://www.jamaliya.com/ShowPage.php?id=10544 |