3

:: إنّي أعرف امرأة - سیمین بهبهاني - ترجمة الأديبة: ناهید روحاني ::

   
 

التاريخ : 11/12/2012

الكاتب : سیمین بهبهاني   عدد القراءات : 1208

 


 

 

إني أعرفُ إمرأةً

یملؤها شغفُ الطیرانْ

لکن من فرط الهیجانْ

یملکُها هلعُ الترحالْ

إني أعرف إمرأةً

فی زاویةٍ من منزلها

من داخل مطبخها

ما بين الطهو وغسل صحون

تنشدُ أغنيةً للحب

حائرةً

نظرتُها بسيطة

وغناها تعِبٌ وحزين

ولها أملٌ في عمق الغدْ

إني أعرف إمرأةً

تهمسُ: إني نادمةٌ

فلمَ علّقتُ به قلبي؟!

أبداً ليس جديراً بالحب!

أخرى بحال القلق تتمتم:

أين المهرب من هذا البيت؟

وتعودُ تَساءلُ:

مَن ذاكَ الـْ مِن بعد غيابي

سيمشّط شعر ضناي؟

وامرأةً حبلى بالألم

امرأةً تبكي وتقول:

نضبَ الدّفق الدّرُّ بصدري!

وامرأةً مع أوتار الوحدةْ

تنسج فستاناً من تور

وامرأةً في زاوية الظلمةِ

تعبدُ

تتلو صلاة النور

إمرأةً أخرى

اعتادت قيدَ الأغلال

أخرى استأنستِ السجنَ

وحصّتُها ليست إلا

سحنة سجّان عابس

يرمقها جفاءً وفتور

إني أعرف إمرأة

يقتلها أدنى استهتار

لكنْ..

غيظاً تشدو وتقول:

إنْ هي إلا لعبة أقدار.

إمرأةً طوّعتِ الفقرَ

امْرأةً تهجع باكية

وامرأةً تتحسّر حيرى:

ما ذنبي؟

هي لا تعلم

وامرأةً تخفي عن شبَق الأعين

دواليَ رجليها

والألمَ الكامن في جنبيها

حتى لا يزعجها أحدٌ

بعبارة: ما أتعسكِ!

إني أعرف إمرأةً

بالحزن قصائدُها حبلى

لكنْ ضاحكةً تستدركْ:

ستلفُّ الدنيا غداً وتدور

 

إني أعرف إمرأةً

بالرغم من الحزن المدفون

في القلب وفي الصدر المحزون

بالحب تهدهد ليلا

بحنانٍ لصغارٍ يلهون

وتغنّي لهم شعراً وتقصّ

حكايا لها في النفس شجون.

وامرأةً تخشى أن ترحل

أوَليست شمعةَ هذي الدار؟

فأيّ ظلام سوف يسود

إذا برحت هي باب الدار؟!

وامرأةً، تجلس مُطرِقةً

لتداري ضآلة سفرتها

وتقول لطفلتها، خجلى:

نامي ياروحي، أجل نامي

فطعام الصبح غداً أحلى.

بل إني أعرف امرأةً

تتمشّى في بزّتها الصفراء

لاصقها الحظُّ العاثر

فغدت تبكيه صباحاً ومساء

فالمسكينة لم تنجب ولداً

من يبقى لامرأةٍ عاقر؟

إني أعرف إمرأة

فقدت حتى رمق الترحال

يناديها قلبٌ بائس

يصرخ تحت قدميها: كفاكِ.. كفى

 

إني أعرف امرأةً

صارعت شيطان النفس

بداخلها، آلاف المرات؛

ولما انتصرت في الآخر

أخذت تضحك ساخرة

لفضيحة ثلة فسّاق.

واحدةً تتغنّى طربا

واحدة تلتزم الصمت

امرأة تمكث في الشارع

حتى تحت جناح الظلمة

امرأة تتقن كدْح رجال

وعلى كفّيها بثور ألم

ولشدة ما داهمها الحزن

نسيت أنها إمرأةٌ

وجنيناً تحمل في الأحشاء.

 

إمرأةً تعلو فراش الموت

إمرأةً أخرى تكاد تموتُ

تُرى مَن عنها يسأل؟!

لا أدري.. لا أدري أبدا.

على فراشٍ صغير ذات مساء

تموت امرأة بهدوء

ولنفسها تثأر إمرأة

من رجل فاجر

إني أعرف إمرأةً...

 

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.