3

:: إسرائيل تدك غزة.. لن نغفر ولن ننسى ::

   
 

التاريخ : 15/11/2012

الكاتب : د. أحمد الخميسي   عدد القراءات : 1379

 


 

إسرائيل تدك غزة بأحدث الأسلحة الأمريكية التي تتحرك بوقود خليجي. إسرائيل تدك غزة تحت مظلة كمب ديفيد التي أوقفت مصر مكتوفة اليدين. إسرائيل تدك غزة وغزة كالعنقاء تنبعث كل مرة من تحت الرماد أقوى وأجمل، لأن الشعب الفلسطيني الذي خاض أطول الحروب على مدى قرنين لا يموت ولا ينطفىء شوقه للحرية. إسرائيل تدكُّ غزة وتقصفها وتحولها لكتلة من اللهب. ومنذ أن ولدت عام 1948 وأنا لا أسمع كلمة "إسرائيل" إلا مقترنة بمجزرة ومذبحة وتهجير وإحراق واقتلاع أشجار الزيتون وهدم البيوت والمشاركة في أقذر العمليات العسكرية الاستعمارية أينما كانت. هذا دور "إسرائيل" الثكنة العسكرية، والقاعدة الأمامية للاستعمار الأمريكي، وعصا ذلك الاستعمار التي يؤدب بها شعوب المنطقة. ليس لإسرائيل حق البقاء، ولا الوجود، ولا الحياة الآمنة، ولا الاعتراف، ولا الحق في السلام، لأن كل تلك الحقوق تمنح للشعوب وليس للقواعد العسكرية، تمنح للأمم، وليس للثكنات التي يتدرب فيها الأطفال من السادسة على حمل السلاح وعلى كراهية الآخرين. لكننا لن نغفر ولن ننسى. لن نغفر جريمة واحدة، ولن ننسي أحداً من شهدائنا. لن نغفر جرائم بحر البقر، ومصنع أبي زعبل، والعدوان الثلاثي، وعدوان 67، وقانا، وصابرا وشاتيلا، ودير ياسين. كلها جرائم محفورة في النفس والذاكرة إلى الأبد. لن نغفر ما قامت به إسرائيل حين أجبرت الأسرى المصريين على حفر قبورهم بأياديهم في سيناء، ولن نغفر للنازية الجديدة ما سفكته من دماء الفلسطينيين في جنين، وفي الضفة، وغزة، ونابلس، وحيفا. لن ننسى أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تعلن عن حدودها، لأن حدودها مفتوحة بقدر أطماعها. لن ننسى أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم العربي المدجّجة بالسلاح النووي، وأنها القاعدة العسكرية التي شاركت في ضرب العراق ونهب تراثه ومتاحفه، وشاركت في تقسيم السودان، وضربت لبنان، واحتلت ومازالت أراضي فلسطين، والجولان السوري، ومساحات من جنوب لبنان، وأبقت مصر منقوصة السيادة على سيناء بحيث لا تملك أن تحرك فيها جندياً واحداً. لن ننسى أن هذه القاعدة العسكرية التي جمعت شتات المرتزقة من كل بلدان العالم تطمح لأن تستعبد شعوبنا لنكون "قوة عاملة برعاية العبقرية اليهودية" كما صرح أحد قادتها من مجرمي الحرب. لن ننسى أن إسرائيل تشكل الخطر الداهم على مستقبل التطور الصناعي والاقتصادي في بلادنا. نحن نكره إسرائيل من صميم قلوبنا. وسنظل نبغضها حتى الممات وحتى تزول بالحروب الشعبية التي ضرب حزب الله في لبنان مثالاً على نجاحها. إسرائيل تدكّ غزة. ومازال البعض يصور لنا الأمر وكأن إسرائيل "أمراً واقعاً" ينبغي قبوله. هل يقبل أحد بخنجر في خصره؟. ومازال البعض يتوهّم أن مرور الزمن كفيل بمنح القاعدة العسكرية شرعية الدولة. ألم يمكث الاحتلال الفرنسي للجزائر أكثر من مئة وثلاثين عاماً؟ ألم يجثم الاحتلال البريطاني على صدر مصر ثمانين عاماً؟ ثم رحل الغزاة. وستفنى إسرائيل التي تدك غزة الآن، كما بادت كل قواعد وثكنات وبنادق الغزاة وفنيت، وبقيت الشعوب صاحبة الحق في أرضها. لقد قامت أمريكا باحتلال فيتنام عام 64، ونشرت فيها نصف المليون جندي لعشر سنوات، ثم خرجت بستين ألف عسكري أمريكي قتيل. وحين سأل أحد الصحفيين هوشى منه: "ألم يكن السلام أوفر لبلادكم؟". أجابه: "نعم. لكن الحرية أغلى". والحرية التي تسعى إليها المقاومة في فلسطين ليست مجرد ذلك الشعور العزيز بالزهو والكرامة، لكنها حساب مادي بالأرقام لإمكانية وطاقات الحياة بطريقة أخرى تكفل حياة أفضل. ففي ظل الحرية وحدها يمكن للشعوب الفقيرة أن تتحرر من شروط صندوق النقد الدولي الذي يفرض عليها الخصخصة والمجاعة، ومن شروط الاستعمار الذي يحرمها الانتفاع بالطاقة النووية، ويجبرها على فتح بلادها سوقاً لسلع الغرب، وفي ظل الحرية وحدها تتّسع فرص التعليم، والسكن، والتصنيع، واستصلاح الأراضي، والتطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. إسرائيل تدكّ غزة وتدمر البيوت والجسور، وتريد بذلك أن تجعلنا نتصور أن القبول بالأمر الاستعماري الواقع أهون. ونحن نعلم أن موازين القوى الراهنة ليست لصالحنا، لكن تلك الموازين سرعان ما ستتغير ما أن تسود أنظمة حكم عربية وطنية يسعى قادتها للتحرر والاستقلال. وإلى أن تحلّ اللحظة التاريخية المواتية ، فإننا سنضاعف كراهيتنا العميقة اللامحدودة للمجرمين والقتلة، وسنحافظ على كل صورة من صور العدوان والقصف، وسنظل نكرر لأنفسنا، ولأطفالنا ولأحفادنا إننا لن نغفر ولن ننسى إلى أن:

"يعود الوجود لدورته الدائرة

النجوم.. لميقاتها  

والطيور.. لأصواتها

والرمال.. لذراتها، والقتيل لطفلته الناظرة"!

 

أحمد الخميسي – كاتب مصري

Ahmad_alkhamisi@yahoo.com

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.