3

:: يسقط الطغيان، تسقط الطائفية، يحيا الإنسان، تحيا الحرية.. ::

   
 

التاريخ : 30/06/2012

الكاتب : مازن كم الماز   عدد القراءات : 1990

 


 

نولد في أُسَرٍ تلقننا هويتَها كما تسميها ونحن أطفالاً وتصر عندما نصبح واعين وقادرين على النقد والاختيار أنْ لا خيارَ لنا في هويتنا وأنّ نقدها يساوي الكفر. هذا صحيح للعلوي والسني والمسيحي والشيعي الخ.. نولد بين أفراد نسميهم أقرباءنا، نتعلم أن نحبهم أو أن نشعر بإلفة خاصة معهم وبينهم، لكننا نعرف فيما بعد أن بينهم الجيد والسيء، الجيد والسيء هنا من زاوية إنسانية بحتة وليست من زاوية الوصفة الأخلاقية السائدة التي تقوم على نفي كل ما هو إنساني لصالح كل ما هو دوغمائي، ولصالح كل سلطة قمع على حساب إنسانيتنا المقموعة.. هذه "الهويات" التي يعطينا إياها آباؤنا وأجدادنا بالولادة ظهرت قبلهم أيضا بمئات السنين وربما أكثر، ظهرت ليس فقط لتقسم البشر بل لتسهل أن يحكم معظمهم من قبل أقلية محدودة جدا، أن يحكمنا كاهن أو شيخ أو إمام أو سلطان أو امبراطور أو أمين عام أو جنرال أو فوهرر أو أي زعيم هو تفسير كل هذه الهويات التي تفرض علينا فرضا، إنها لا تعني أية حقوق لنا كبشر ولا تعني حمايتنا من القهر والظلم والاضطهاد، على العكس، فهذا النضال ضد القهر والظلم والاضطهاد بدأ ويجري وسيجري خارج كل المؤسسات القائمة الدينية والسلطوية والدولتية (التابعة للدولة) بل وضدها في معظم الأحيان، واليوم أيضا تستخدم هذه الهويات لكي نحكم ولكي نخضع، لكي نقتل بعضنا البعض، تماماً كما كان عليه الحال طوال قرون وعصور، دون أن تعني أي من هذه "الهويات" أكثر من تسلط أقلية على مصيرنا وحياتنا وعقولنا وأجسادنا.. إننا في الواقع أفراد من مجموعة أكبر بكثير، هي كل البشرية، وإننا في الواقع أبناء كل هذه الأرض، هذه هي الهوية الوحيدة التي تعني أننا بشر لنا حقوق، أن من حقنا أن نعيش بكرامة من تعبنا وأن من حقنا أن نعيش بحرية، هذه هي الهوية الوحيدة التي تعني أن نحكم أنفسنا بأنفسنا ونكون سادة مصيرنا وألا نكون عبيداً لأيٍّ كان أيّاً كانت طائفته او دينه أو قوميته، هذه الأرض في الواقع لنا جميعا، لكل البشر، لكل من يعيش ويعمل عليها، والأديان والأفكار والإيديولوجيات والفلسفات وجدت فقط لكي تنزع منا أرضنا وتنزع منا عرقنا ونتاج تعبنا وتعطيه لبعض الكسالى باسم آلهة وأصنام الأرض والسماء.. كنا دائما ننقسم كبشر إلى غالبية ساحقة من كل الأديان والطوائف والقوميات تكدح ليلاً نهاراً من أجل حفنة من الكسالى أصحاب الأموال والقصور والذين يحيطون قصورهم وعالمهم الخاص بسور من الجنود والشرطة المرتزقة، وأمام هذا السور العالي الذي أقامه اللصوص لحماية ما ينهبوه منا لا يمكننا أن ننتصر إلا معا، كل الفقراء والمضطهدين من كل أصقاع الأرض..

أمامنا اليوم فرصة ذهبية لنغير واقعنا، على هذه الأرض التي تسمى سوريا ثورة، لكنها ليست ثورة لتغيير ديكتاتور علوي بديكتاتور سني وليست ثورة لتغيير طائفة حراس هذا السجن أو شبيحته القتلة، إنها ثورة لتدمير أسوار السجن وإلغاء جنس الحراس والعسكر من حياتنا ومحاكمة الشبيحة آخر القتلة المأجورين كي نبدأ حياة جديدة على أساس الحرية والعدالة والمساواة لكل إنسان يعيش على هذه الأرض.. إن العدو الحقيقي للفقير العلوي هو الديكتاتور واللص من بني طائفته بالذات، ولن يتمتع أي فقير علوي لا بحريته ولا بحقوقه الأبسط كإنسان إلا بإسقاط هذه الديكتاتورية وبناء مجتمع الحرية والعدالة لكل الناس ولكل المضطهدين، يجب على الفقراء العلويين أن يتوقفوا عن إطاعة أوامر هذه الديكتاتور وتوجيه أسلحتهم إليه بدلا من توجيهها لصدور إخوتهم... إن العدو الحقيقي للفقراء السنة هم رجال الدين الطائفيون والسياسيون من بني طائفتهم بالذات الذين يتاجرون بدمائهم ليصنعوا أمجاد ديكتاتوريتهم الخاصة، يجب على الفقراء السنة أن يتوقفوا عن إطلاق النار على إخوتهم العلويين وأن يوجهوا سلاحهم جميعا ضد الديكتاتور وضد كل اللصوص وتجار دماء الفقراء من كل الأديان والطوائف.. إن كل البشر إذا تجاوزوا هذه التفاهات التي تفرض عليهم، إذا توقفوا عن ترديد تفاهات المصلحين والقديسين والفلاسفة ورجال الدين عن أشخاص يسميهم البعض أئمة أو صحابة أو قديسين أو أنبياء أو أمهات مؤمنين أو مصلحين عباقرة الخ، سيجدون أنهم جميعا مجمعون على الإيمان بالحرية والعدالة والحب والجمال.. إن كل الطغاة وكل اللصوص، كل طوائف الأرض وكل آلهة الأرض والسماء، كل حراس السجون وكل كهنة جهنم الفقراء، كلهم لا يؤمنون بأي من هذه القيم الإنسانية ولا يؤمنون بالإنسان في الأساس، إنهم يؤمنون فقط بحقهم في استعباد كل الفقراء وبحقهم في نهب كل الفقراء، وهذا بالضبط ما يجب أن ينتهي وإلى الأبد، بنضال كل الفقراء والمضطهدين يداً بيد ضدَّ من يضطهدهم، في سبيل عالم جديد، أيها الفقراء والمضطهدون.

تعالوا نحطم كل الأصنام ونسقط كل الطغاة، كي نبدأ حياتنا كبشر، كأحرار.

 

mazennnkm@hotmail.com

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.