3

:: العَطَّار والأحزاب ::

   
 

التاريخ : 12/06/2011

الكاتب : توفيق أبو شومر   عدد القراءات : 1583

 


 

 

معظم الأحزاب العربية والفلسطينية ينطبق عليها قول الشاعر الظريف يحيى بن معاذ:

عجـــــــــوز تُــرَجــــــــِّي أن تـكـــــــون صبــيـــةً

                            وقد شاب منها الرأس واحدودب الظهر

تــدُسُّ إلى العطــَّــار  ســلــعــة بيـتـــــــــــهـا     

وهــــل يُصلحُ العـطـَّـــارُ ما أفـسد الدهر

 

تعاني بعضُ الأحزاب الفلسطينية والعربية من مرض تصلب الشرايين، وتعاني حركاتٌ أخرى من مرض نقص المناعة المُكتسب،وهناك فصائل أخرى مُقعدة، ولم تُفلح في علاجها كلُّ الجراحات والأدوية.

 ولم تلجأ كثيرٌ منها إلى استخدام إكسير (الشباب) الناجع، خوفا من أن تزول هالاتُ ملوكها وقادتها ومؤسسيها وأمناء أسرارها.

 ودواء الشباب هو الدواءُ الوحيد الذي يمكنه إنقاذ أحزابنا، فما تزال أحزابٌ كثيرة حتى اليوم تعتبر الشبابَ قاصرين أغرارا متهورين طائشين، لا يقيسون الأمور بعقولهم، بل بعضلات أجسادهم، وما تزال أحزاب كثيرة أيضا، ترى في تولي الشباب السلطةَ والسيادة مجازفة خطيرة نهايتها زوال الحزب أو الحركة، وأن الشباب ينفعون فقط في حماية الكبار، ودفع الأذى عنهم، وتأديب خصومهم ومعارضيهم، فهم أيضا لا يصلحون إلا جمهورا مُصفقا لخُطَب وأقوال وحِكَم عجائز الأحزاب!

كما أن أحزابا فلسطينية وعربية كثيرة تَظُنُ بأن مجرد التفكير في إعادة بناء الحزب من جديد ، يعني زوال الحزب وانهياره، وأن أي إعلان عن تفكيك الحزب - حتى لإعادة بنائه من جديد- لا يعني سوى العمالة للمستعمر البغيض، أو أنه محاولة انقلابية على الحزب الأثري (العريق!).

لذا لم أسمع عن حزب فلسطيني أو عربي –قام على نطاق واسع- بإلغاء عضوية الأعضاء المقصرين أو أقصى من أخلوا بالتزاماتهم الحزبية، أو  شطب من قوائمه حتى ممن تُوُفوا وماتوا!.

ومن التجارب الحزبية الإسرائيلية سأذكر قصتين:

الأولى: عندما قام حزب المفدال الديني والذي غيَّر اسمه اليوم إلى: (الحزب الديني الوطني)، قام عام 1966 بإلغاء اثنتي عشرة ألف عضوية  من الحزب، لأنهم لم يدفعوا اشتراكات العضوية، وعقب ذلك بعام واحد، جنَّد في صفوفه أربعين ألف عضوية شابة جديدة!!.

الثانية: وهي من أحدث قصص حزب العمل، فقد انتهى يوم 10/6/2011  آخر موعد للانتساب إلى حزب العمل الإسرائيلي، والذي كان من أكبر أحزاب إسرائيل، وقد حُددت المدة المُخصصة للانتساب بأيامٍ قليلة.

وليس في الخبر السابق طرافة، غير أن الطريف هو أن رؤساء الحزب هم الذين يجذبون الأتباع ويستقبلون طلبات الانتساب وفق مهاراتهم وقدراتهم الشخصية، وهذا يُحسب لهم كإنجاز حزبي،وكان الفائز الأول في أكبر عمليات التسجيل الجديد للحزب، هو عمير بيرتس زعيم الحزب الحالي، ومعه يتسحاق هرتسوغ، حيث تمكن الاثنان من تسجيل ثلاثة وعشرين ألف عضو جديد لحزب العمل وكلهم ملتزمون سيدفعون الرسوم!!

أما  شيلي يحيومفتش فقد سجَّلتْ، هي الأخرى خمسة عشر ألف عضوية جديدة.

وتمكن عميرام متسناع من تسجيل ثمانية آلاف عضوية، وسجَّل أرئيل مارغليت ستة آلاف عضوية!

وأصبح حزب العمل يضمُّ اليوم خمسة وسبعين ألف عضو، وكلهم بالطبع يدفعون الرسوم.

أما بعضُ أحزابنا والتي تدخل تحت مُسمَّى (المستحثَّات الأثرية الحزبية الفلسطينية والعربية) فإن دفع الرسوم هو فرضٌ واجبٌ على صغارُ المنتسبين للأحزاب فقط. أما مؤسسو الأحزاب وأمناء السر، وأعضاءُ المكاتب، ومسؤولو اللجان، فيعتبرون دفع الرسوم للحزب انتقاصا من هيبتهم الحزبية، وامتهانا لسطوتهم! وبخاصةٍ إذا كانت الأحزاب تعيش على المعونات والهبات والمِنح والمكرُمات وما في حُكمها!!

وأخيرا... إن الأحزاب التي تقيس أعمارها بأعمار مؤسسيها، وتتلاشى بانتهاء أيام العزاء بوفاتهم، هي براويز ويافطات وميداليات، وليس أحزابا وحركاتٍ وجبهاتٍ وفصائلَ وطنية!!

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.