3

:: نداء عاجل لكل يساري وشيوعي سوري ::

   
 

التاريخ : 05/06/2011

الكاتب : مازن كم الماز   عدد القراءات : 2136

 


 

الحقيقة أنه يمكن القول بكل بساطة اليوم أن القيادات اليسارية والشيوعية السورية في أغلبها على الأقل ارتكبت اليوم أيضا خيانة طبقية واضحة، صريحة وأمام أعين الجميع، بوقوفها إلى هذه الدرجة أو تلك ضد الثورة السورية، بوقوفها الصريح ودون أية مداورة إلى جانب العدو الطبقي للجماهير السورية الكادحة، الذي يستغلها ويفرض سلطته الديكتاتورية عليها بقوة القمع الوحشية، ومن الطبيعي أنها تستخدم في تبرير موقفها هذا مفاهيمَ وأفكاراً وأطروحاتٍ تعود إلى فترة ما قبل سقوط أنظمة رأسمالية الدولة البيروقراطية في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية التي أسمت نفسها اشتراكية، مفاهيمَ تهمّشُ الإنسان لصالح السلطة، الحزب، الزعيم، الإيديولوجيا، تماماً كما يفعل النظام السوري اليوم. إن ربط مفاهيم السلام الأهلي والمقاومة وعلمنة المجتمع باستبداد النظام وقمعه الوحشي وتغوّله على الشعب ونهبه للجماهير الكادحة هو اليوم بالتحديد، خاصة منذ بداية ثورة الشعب السوري، خيانة طبقية لمصالح الجماهير السورية الكادحة من جهة وخيانة لقيم وأفكار الحرية والعدالة والمساواة التي قامت عليها الحركة العمالية والشيوعية العالمية منذ الأممية الأولى من جهة أخرى، صحيح أن هذه الحركة نفسها قد تعرضت للخيانة مراراً من قبل قياداتها البيروقراطية التي احترفت العمل السياسي كمهنة أو كوظيفة تستقل بها دون الطبقة العاملة في الحكومات والبرلمانات البرجوازية أو البيروقراطيات الحزبية الحاكمة في دول رأسمالية الدولة البيروقراطية التي مسخت الشيوعية إلى فكر شمولي يبرر تسلّطها أو إلى فكر إصلاحي يبرر مساوماتها مع الطبقات الحاكمة، لكن الصحيح أيضا أن العمال، الكادحين، كانوا دائماً يعيدون إحياء نضالاتهم العفوية والثورية ضد مستغليهم تحت راية الحرية والعدالة والمساواة، تحت راية بناء مجتمع شيوعي لاطبقي ومن دون سلطة أو دولة تخضع المجتمع لنهب وتحكم الطبقة المستغلة، مجتمع لا استغلال فيه ولا إكراه أو استلاب، إننا بحاجة اليوم أيضا لانتفاضة في صفوف اليسار السوري، ليس فقط في صفوف القوى المنظمة بالفعل، بل أيضا بين الشيوعيين واليساريين غير المنظمين والذين تركوا لأسباب مختلفة هذه الفصائل القائمة. إن سوريا اليوم، وخاصة بعد ثورة الشعب السوري، بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى يسار سوري جديد، وتماماً كما أن الشعب السوري يستطيع أن يعيش دون قمع النظام وأجهزة مخابراته وسجونه فإن اليسار السوري يستطيع أيضا أن يوجد دون وصاية قيادات تسمي نفسها تاريخية، بل إن التعريف الحقيقي للحرية اليوم في سوريا، لحرية الجماهير السورية الكادحة، يبدأ بالتخلص من استبداد النظام، تماماً كما أن بداية يسار سوري جديد يبدأ بالتخلص من وصاية تلك القيادات على الصوت اليساري السوري وقيامها بتدجينه لصالح النظام. لم نأت إلى صفوف اليسار في سبيل أشخاص، بل لأننا نريد أن نناضل في سبيل تحقيق أحلامنا وآمالنا في العيش بحرية وعدالة ومساواة وأحلام وآمال طبقاتنا الكادحة في الحرية والعدالة والمساواة، لكن هذا الشيء لم يحصل، بل أصبح اليسار السوري الذي أردناه واعتقدنا أنه قوة تغيير اجتماعية جذرية نحو عالم، نحو سوريا، تقوم على الحرية والعدالة والمساواة، أصبح عبارة عن مؤسسة هامشية بين مؤسسات النظام القائم، إننا نريد أن نمارس ما جئنا لأجله إلى صفوف اليسار، نريد أن نقاوم من يستغلنا ومن يقمعنا، ومن يستغل شعبنا ويقمعه، لقد فهمنا الشيوعية على هذا الأساس ولم نفهمها كتبرير للاستبداد أو الطغيان أو الاستغلال، بل العكس تماماً، ولذلك على كل شيوعي ويساري سوري يرفض القمع والاستغلال، يرفض أن يغيَّب صوته أو أن يجيَّر لصالح النظام، يرفض أن يبقى مجرد مستمع، مطيع، لقيادات اختطفت الحركة الشيوعية واليسارية السورية لحسابها ولحساب النظام، أن يبادر لإطلاق أو للمشاركة في أوسع نقاش ممكن، نقاش حر، لا قيود عليه ولا يخضع لأحد إلا لحرية كل من يريد المشاركة فيه بالتعبير عن آرائه بكل حرية، إلا لإرادتنا جميعاً في التغيير والحرية، نقاش عن أفضل أشكال التنظيم وأفضل أشكال النضال في سبيل أهداف الجماهير الكادحة السورية وفي سبيل قيم الحرية والعدالة والمساواة التي ننشدها كيساريين لأنفسنا ولكل سوري ولكل إنسان، صحيح أن الكثيرين منا يرفضون بالفعل وضع اليسار السوري الحالي وصحيح أن الكثير منا يتعاطفون أو يشاركون في فعاليات الانتفاضة السورية لكن تذكروا أن هذا لا يكفي ولا يساعد في تحقيق ما نريد وتريده الجماهير السورية الكادحة اليوم، تذكروا أن قوتنا هي في تنسيق نضالاتنا وجهودنا، هذا لا يعني بناء منظمة فوقية يخضع الأدنى فيها للأعلى مرة أخرى، ولا تشكيل قيادات بيروقراطية محترفة تدخل في بنى السلطة القائمة أو في مساومات فوقية مع النخب الحاكمة أو الطامعة في الهيمنة، بل نتحدث عن منظمة أفقية قاعدية، شبكة تضم أعضاءَ متساوين تنسّق نضالاتهم وأفكارهم وجهودهم في جهد جبار ضد مستغلي ومضطهدي الطبقات السورية الكادحة، ليس فقط أنهم يملكون جميعا الحق في التفكير والتعبير عن آرائهم وإيصالها للجميع والدفاع عنها بكل حرية، بل أعضاء يشاركون مباشرة في قيادة وتوجيه نضالهم المشترك ضد أعداء الشعب السوري، هذه مجرد أفكار هي أيضا تخطأ أو تصيب. لا أحد يملك الحق اليوم في أن يفرض علينا آراءه، سيكون كل شيء نتاجَ تفكيرٍ ونقاشٍ حرٍّ نشارك فيه جميعاً، لنختلف ولنمارس حقنا الطبيعي المشروع في الاختلاف وفي الحوار وفي الجدل وفي النقاش، في التفكير وفي التعبير، هذا أكثر من طبيعي، بل هذا هو عنوان المرحلة الحالية من الحراك الشعبي العارم في سوريا. لننتزع حريتنا نحن أيضا، لنتناقش حول كل شيء بحرية، ولكن المهم أيضا على نفس الدرجة، أن ننسّق نضالاتنا المشتركة في سبيل تحقيق آمال ومطامح العمال السوريين وكافة الجماهير السورية الكادحة، أن ننسق نضالاتنا للمشاركة في الغضبة الشعبية الحالية في سبيل حرية الشعب السوري ودفاعاً عن مصالحنا وعن مصالح طبقاتنا الكادحة المستغلة في سوريا اليوم، لتكن انتفاضتنا داخل اليسار السوري جزءاً من انتفاضة السوريين، الشباب السوري، في سبيل حريته وكرامته وحياته التي سرقها النظام ويفضل ان يدمرها على أن يسمح لها بالعيش بحرية وكرامة وعدالة ومساواة.....

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.