3

:: هجوم بسلاح المربوط النووي ::

   
 

التاريخ : 07/05/2011

الكاتب : توفيق أبو شومر   عدد القراءات : 1808

 


 

 

إليكم بعضَ أنواع التهديد: التهديدُ بضربة جويةٍ ساحقة، أو بإحكام الحصار على الدولة، أو بمنعها من التصدير أو الاستيراد، أو منع رعاياها من دخول بلدان العالم، أو إعلان الدولة كدولة إرهاب!!

وقد تكون الوصايةُ بإنقاص الجيوش كما حدث لجيش محمد علي باشا في منتصف القرن التاسع عشر، ففرضتْ عليه بريطانيا وفرنسا إنقاص جيشه، وإيقاف زحف قواته، وقد تكون الوصاية أيضا مالية كما حدث للدولة العثمانية المريضة، حين تولَّتْ بريطانيا إصدار أوراق النقود التركية.

وهناك عقوبات أخرى باحتلال وتقطيع أوصال الدول كما حدث لكثير من الدول، وبخاصة لألمانيا في الحرب الثانية.

لكن.... أن يقوم السحرةُ والمشعوذون العرب بتهديد دول العالم بالسحر والشعوذة والجن والعفاريت، أو(بالمربوط الليبي) فهذه نكتةٌ الألفية الثالثة الفريدة من نوعها!

 المربوط الليبي!! وما أدراكم ما المربوط الليبي، إنه سلاح العرب التاريخي المخزون في مستودعات كتبنا الصفراء، وفي حجابات ورُّقَى، المشعوذين، إنه بصراحة بديل عن أحدث أسلحة العالم، بل هو عند العرب المتخلفين أقوى حتى من الأسلحة النووية!!!

ففي بثٍّ تلفزيوني مباشر عبر التلفزيون الليبي الرسمي التابع للعقيد القذافي، صاحب النظرية العالمية الثالثة، النظرية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، التي -من المفروض - أنها تعالج كل أمراض العالم، حسب واضع النظرية الفيلسوف والقائد والزعيم والأديب القاص ورئيس القمة العربية وملك الملوك في إفريقيا وآسيا ورئيس أطول أسماء الدول في تاريخ العالم: (الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية العظمى)!!، وفي برنامج عشم الوطن الذي بثَّه تلفزيون ليبيا، أقدم نجم الحلقة أو [قائد] لواء المربوط الليبي الفتاك يوسف شاكير!! باستخدام (مسبحة) خاصة وهي رموت كونترول إطلاق هجمات الجن والعفاريت على دول التحالف قائلا في بداية الهجوم الأول، كما جاء على لسان المشعوذ يوسف شاكير: "ها هو الجن يحارب معكم، ورياح وغبار الموت الأصفر ستجتاح قطر والإمارات لأنها تقصف كتائب القذافي، وضغط على زر آخر في مسبحته، وهو زر الاتصال المباشر بسليمان الحكيم الذي سيرسل طيور (الزرب الأخضر)!! لتدك بلاد الكفر، أما البومة السوداء فستتجرع الإشعاع الياباني، ثم ضغط على زر أخر في مسبحة علاء الدين لبدء الهجمة الثانية من كتائب المربوط الليبي على أمريكا ومَن شايعها وعنوان الهجمة الثانية: أيها الأمريكيون ارحلوا قبل أن يداهمكم الموت البطيء!!!.

ووفق تقاليد المربوط الليبي، فإن الإفصاح عن بداية المعركة، هو أول الخطوات، فقد أمر رئيس هيئة أركان المربوط قواته غير المرئية من (الجان ومساعديهم) بتدمير مواقع الأعداء باستخدام سلاح الأعاصير والبراكين، التي امتثلتْ لأوامره فورا وبدأت في تحويل أمريكا إلى جحيم!!

ليس غريبا أن يتحوَّل كثير من العرب من النقيض إلى النقيض، من العلمانية إلى الأصولية، ومن الانفتاح إلى الانغلاق، ومن الانعتاق إلى السجن، ومن الحرية إلى العبودية، لأننا بصراحة (حركيون) !!!

فكثير من أحزابنا العربية فقدت مبادئها وثقافتها وصارت المبادئ الحزبية، والعقائد الثقافية ميداليات ونياشين، وتحوّلتْ أحزابٌ عربية كثيرة إلى سبايا وجوارٍ في بيوت رؤساء الأحزاب وولاة أمرها! قال مظفر النواب:

[قتلتنا الرِّدَّة ... كلٌ منا يحمل في الداخل ضدَّه]

لم أعد أستغربُ هذا التناقض، فقد شاهدتُ منذ سنواتٍ برفسورا خريج جامعة بريطانية، وهو يجري مع أفراد قبيلته حافي القدمين حاملا عصا غليظة، يهاجم أبناء عمه بسبب صراعٍ على قطعة أرض، وقد استدعاني مسؤول الشرطة لأرى هذه الظاهرة الغريبة!

ولم أعد أستغرب أيضا رؤية مثقفٍ عربي قرَّرَ أن يتخلص من بقايا فكره التنويري الغابر، ويتحوَّل إلى متطرفٍ تقليديٍ مُغالٍ في تطرفه الفكري والعقدي!

 منذ سنوات رأيتُ ثلاثة من أدباءِ وكتاب الوطن، وهم يحملون بين أيديهم المسابح يركبون سيارةً عصرية،ً يبحثون في المناطق النائية عن بدويٍ أميٍّ مشعوذٍ اشتُهِرَ بصناعة الأحجبة والتعاويذ، لا يملك من الوعي والثقافة شيئا، لغرض إشفائهم من مرض السكر والضغط، وألم المفاصل!!

إذن فالدواء لكل أمراض المجتمعات عند العرب لا يكمن في الحلول الاقتصادية، ولا في تكنولوجيا السوفت وير، ولا في النظريات الفلسفية السياسية، ولا في إبداع وسائل الاتصال والصناعات التحويلية ولا في تطبيق حقوق الإنسان أو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولكن الحل الأمثل لكل أمراضهم هو في إكسير المربوط الليبي المركز!!

 نعم إن الحل الأمثل عند عرب اليوم هو توسيع الصناعات التحويلية لإنتاج مضادات أنتي بيوتيكية من جذور المربوط الليبي، وفي صناعات تغليف وتصدير منتجات المربوط الليبي، ليصبح مصدر الدخل العربي الأوحد!

أجل ها هو شعار الكتاب الأخضر السياسي المركزي الذي يلخص النظرية العالمية الثالثة، شعار( اللجان في كل مكان)،ها هو يتحوَّل عند مبتدع النظرية العالمية الثالثة إلى شعار جديد،

ليتحول من (اللجان الثورية) إلى (الجِن المربوط)، فصار [الجن في كل مكان] أو [العفاريت في كل مكان]!

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.