3

:: لست ممن أسعدهم مقتل بن لادن ::

   
 

التاريخ : 07/05/2011

الكاتب : د. أحمد الخميسي   عدد القراءات : 1487

 


 

 

الموضوع باختصار هو الموقف من "قتل بن لادن". وربما لا يكون موقفي من الإرهاب بحاجة لتوضيح، لكني أوضحه مع ذلك: أنا ضد الإرهاب خاصة المقنّع منه بكسوة دينية. لكني أيضا وبوضوح ضد الإرهاب الأمريكي الاستعماري خاصة المقنّع منه بكسوة الديمقراطية وحقوق الإنسان. أما عن مقتل بن لادن، فإنني أقول إني أستغرب أن يهلّل الكثيرون لذلك الحدث بصفته "انتصارا". أفهم أن يدعي الغرب الاستعماري (واشنطن، ولندن، وباريس، وغيرها) أن ذلك "انتصار". لكن لماذا نتصور نحن ذلك؟ سيجيب البعض: لأن بن لادن إرهابي. وأقول لهم: نعم بن لادن إرهابي، وإذن أنتم فرحون باستئصال "ذلك الإرهاب"؟. سيجيبون: نعم. فرحون باستئصال ذلك الإرهاب. وأقول: مقتل بن لادن عملية ذات طابع مزدوج، إذ أنها تشتمل على استئصال "إرهاب" بإرهاب آخر أكبر. وبالنسبة لي، فإني لا أستطيع أن أبارك لمئة جنيه مزورة، حين تبتلع جنيهاً مزوراً. ولا أستطيع أن أبارك لمدفع كبير حين يقصف مدفعاً صغيراً. ولا أستطيع أن أبارك لسكين مشحوذة طويلة وهي تكسر سكيناً أخرى أصغر. لأنني في الحقيقة – حين أسعد بمقتل بن لادن - أكون قد وقفت " ضد الإرهاب ومع الإرهاب" في الوقت ذاته . الذين سرّهم مقتل بن لادن، فاتهم أن أمريكا هي التي صنعته، وأن "صنّاع الإرهاب الكبار" خاضوا معركتهم ضد أنفسهم. كنت سأسعد كثيراً، لو أن المجتمع الأفغاني، أو الباكستاني، كان قد تطور وملأت أنوار العلم والثقافة سماءه بحيث يعزل بن لادن وكل فكر يعتمد الإرهاب وسيلة عن أي تأثير. أما أن يقوم "المجرم الكبير" بتصفية "مجرم صغير"، فليس في ذلك ما يسعدني، لأن تلك الحقيقة لا تنطوي على عناصر تقدم المجتمعات، بل على حقيقة انتصار الشر الأكبر على شرور صغيرة، والإعجاب بذلك الانتصار إعجاب بالشر الأكبر في نهاية المطاف. لا. لست سعيدا بمقتل بن لادن. وأظن أن المطلوب من كل وجهات النظر كان "محاكمة" بن لادن، والمحاكمة حق لكل متهم، أيا كان. وأظن أن المطلوب، كان، ومازال هو إجبار أمريكا وغيرها على التخلي عن سياستها الاستعمارية، وعلى الخروج من أفغانستان والعراق وفلسطين، وعلى الكف عن عمليات اغتيال القادة في العراق وليبيا وغيرها، بحيث تتمكن تلك المجتمعات من مواجهة واستئصال شأفة الإرهاب بكل أنواعه. لا، لا أستطيع أن أبتهج بمساحة ضخمة من الحرائق تنتشر فتبتلع في طريقها حريقا صغيرا! إنك لا تستطيع في وقت واحد أن تدين منهج الإرهاب وأن تؤيده في نفس الوقت. أقول: لا، لست ممن أسعدهم مقتل الإرهابي بن لادن بأيدي الإرهاب الأمريكي. لا أجد نفسي في ذلك. ولن يقودني أحد إلي الوقوف كتفا بكتف إلى جوار الإرهاب الأكبر لأحتفل بمصرع ارهاب صغير. فما الذي يمكن أن يسعدني حينما تعدم أمريكا بضاعتها التي صنعتها؟ ثم تواصل طريقها لتقدم لنا المزيد من الإرهابيين، والطغاة المحليين، وترسخ الاحتلال والتدمير بحثا عن النفط وأرباح تجارة السلاح؟.

 

أحمد الخميسي . كاتب مصري

Ahmad_alkhamisi@yahoo.com

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 1

.

09-05-2011 02:5

03288185

ilhamhalout

يذكرني مقتل بن لادن ، بفلم فرانكشتاين ، حيث أفنى العالم عمره ليخلق هذا الوحش الآدمي ، لكنّه  (الوحش ) انقلب على صانعه بعد أن زرع فيه كلّ المعرفة ، وعندها أراد أن يقضي عليه !!لكنّ هذا المخلوق هو ربيبته وابنه، وصنيعته، وخلاصة فكره وذكائ،ه إنّه الوريث الشرعي له !! وهكذا ،فإنّ بن لادن هو الوليد المشوّه لمن قتله!!،


 

   
 

.