3

:: ألفية صراع الأعراق ::

   
 

التاريخ : 09/03/2011

الكاتب : توفيق أبو شومر   عدد القراءات : 1362

 


     دائما أطرح هذا السؤال على نفسي:

    لماذا تعمد شعوبٌ كثيرة لاضطهاد الأجانب المقيمين فيها، عندما تحدث اضطرابات وصراعات ومعارك؟

    ما دخل فلسطينيي العرق فيما جرى للعراقيين من مآسٍ، حتى يتم إبعادهم من الأرض التي ولدوا فيها وخدموها بعرقهم ودمهم، فيُطردون من بيوتهم خارج الحدود، ليمارسوا التشرد والبؤس من جديد، لكي تُحسن إليهم دولُ العالم الأخرى؟!!

    وما علاقةُ  فلسطينيي ليبيا بما يحدث اليوم فيها، ليطردوا أيضا ويُضطهدوا، ولا يجدون من يعينهم أو يقدم لهم المساعدة؟

   فهل آن الأوان ليتحول الفلسطينيون إلى يهود الألفية الثالثة، يُقمعون ويُضطهدون ويُطردون؟!!

   من يقرأ التاريخ، فإنه يجد فيه صفحاتٍ عديدة من اضطهاد الأقليات، بخاصة وقت حدوث أزمات وحروب وانتصارات وهزائم، وأمثلة التاريخ تشهد على ما سلف، فعندما انتهى حكم المسلمين لأسبانيا في القرن الرابع عشر الميلادي، احتفل الأسبانُ بانتصارهم، فكان أن بدؤوا بطرد كل من ليس من عرقهم ودينهم، وكان ضحايا النصر هم بقايا العرب واليهود والجاليات الأخرى، فاحتفل المنتصرون الأسبان بإذلال بقايا المسلمين واليهود، ممن لم يتركوا بيوتهم، ومارسوا ضدهم كل ألوان العنصريات، وتحول بقايا العرب في أسبانيا إلى طائفة منبوذة مطرودة تسمى (المورسيكيون) ولم يكتفِ المنتصرون بإرغام من بقي منهم على اعتناق المسيحية، بل أجبروهم على تغيير أسمائهم، ومنعوهم من ممارسة كل عاداتهم، حتى أنهم حظروا رقصة السمرة العربية، ووصل الأمر إلى معاقبة كل من تسول له نفسه بأن يطبخ الكسكسي  عام 1499 م، وهي الوجبة العربية الرئيسة!!

 وكذلك فعل الأسبان مع اليهود أيضا فأسموا بقايا اليهود (الكنفرسوس) أو المارانو، وأرغموهم أيضا على اعتناق المسيحية.

وإذا كانت احتفالات أسبانيا لا تتم إلا بإذلال الجنسيات الأخرى، فقد ظلت الأقليات العرقية ضحية المآسي التي تحدث في بلدان العالم، والضحايا هم دائما أفراد الجاليات الصغيرة التي لا تنتمي عرقيا إلى الأوطان.

 فقد ذُبح اليهود وغيرهم من الجاليات الصغيرة في معظم بلدان أوروبا مرات عديدة بدءاً من القرن الحادي عشر الميلادي وحتى منتصف القرن العشرين في الحرب العالمية الثانية، فقد اتهم اليهود بأنهم سبب مرض الطاعون تارة، واتهم الغجر بأنهم سبب الكوارث بما يفعلونه من السحر، واتهم السلافيون بأنهم خارجون عن تعاليم الدين، وذَبح الكاثوليك ملايين البروتستانتيين، لأنهم يخالفونهم في العقيدة، وقتل عشرات الآلاف في معارك دينية وعرقية بين السنة المسلمين والشيعة والقرامطة، وذبح آلاف الأكراد، ممن ينشدون تأسيس وطنٍ قومي لهم،  وجرت مذابح عديدة في قلعة الموت على يد حسن الصبَّاح الذي أسس إمبراطورية إرهابية في هذه القلعة في إيران، وذُبح المماليك على يد محمد على في مجزرة القلعة عام 1812 م.

   إن تاريخ العالم يمكن تسميته تاريخ (صراع الأعراق) والأجناس، لما يحتويه من أحدث مأساوية، ويشير أعظم مؤرخي القرن العشرين ول ديورانت في كتابه تاريخ الحضارة إلى أن العالم لم ينعم منذ قرونه العشرين سوى بمائة وخمسين سنة من الهدوء.

   هل ما يحدث للأقليات في الأزمات داخلٌ في إطار(التنفيس) عن الظلم والاضطهاد الذي تعرضتْ له الشعوب خلال تاريخها، مما يجعلها تُفرِّغ ألمها في أضعف حلقاتها، وهم العرق المختلف، والسلالة الأخرى، والدين الآخر، واللغة الثانية؟!!

    أم أن اضطهاد المختلفين القلة، يُشبعُ نهم الغطرسة والكبرياء والتفوق والقوة عند الشعوب المقهورة المنكسرة؟!!

    أم أن هذا الاضطهاد والظلم مخططٌٌ يرمي إلى إدامة الصراع بين الدول والأمم، وإغناء التجار والأثرياء ممن يقتاتون على دماء المعارك، ويسمنون على لحوم الضحايا؟!!

    أم أن ما يحدث هو إثباتٌ لصحة نظرية عالمي النفس؛ أدلر ويونغ  وتتلخص نظريتهما في:

    "الإنسان عدواني بطبعه، وليست رقته سوى عَرضٍ وقتي سرعان ما يزول"؟!!


 

 

 
   
 

التعليقات : 1

.

09-03-2011 01:2

سوزان ضوّ صايغ

دراسة تحليليّة منطقية  اختصرتها الجملة الختامية:

"الإنسان عدواني بطبعه، وليست رقته سوى عَرضٍ وقتي سرعان ما يزول"؟!!

 


 

   
 

.