3

:: إلى أودن في فيء الصنوبرة ::

   
 

التاريخ : 01/03/2011

الكاتب : هنري زغيب   عدد القراءات : 2058

 


 

 

 

       أيها الأُودن الآتي إلى فرح جدِّك،

       أخاطبُكَ اليوم، وأنتَ في شهرك الثاني من عامك الأول، وأَعرف أنْ حين ستقرأُ هذه الرسالة قد لا أكون هنا لأُصغي إلى صوت عينيك تقرآن.

       يا صغيرَ البيت، يا فرحَه الواصلَ "مع العصافير والزهور وفرح تجدّد الحياة"، يُفرِّقك عن حفيدي، وهو اليوم في عامه الأميركيّ السابع، أنه يوم يكبر لن يَقرأَ جدَّه، وأنت ستقرأُ جدَّك وتغتبطُ في قلبك وأمام أترابك بأنك حفيدُ الشاعر.

       واعلم يا صغيرَ البيت أن الاعتزاز بِجدّك جوزف أبي ضاهر عنوانٌ لك إلى حياة عاشَها جدُّك بثالوث الصدق والمناقبية والإخلاص، ومن هذا الثالوث شَعَّ الوفاء الذي هو من أغلى عطايا الحياة لجدّك الشاعر.

       وهذه الصنوبرة التي زرعَها اليوم على اسمك، لا تتفيَّأْها شجرةً بل وطناً أَحبَّه جدُّك الشاعر بقلمه وريشته وإزميله، وبذَلَ له طموحَه وأحلامَه فَأَورقَ بعضُها وبقي بعضُها الآخر في قلبه بغصةِ أن لم يُورق.

       فأَورِقْ أنتَ ما لم يورِقْ من أحلام جدّك. إنّ أحلام الشعراء تورق أقماراً في قصائدهم، وتورق نبضاً في أولادهم وأحفادهم، فكُن أنت البِرّ بهذه الأقمار، والنبض بتلك الأحلام التي بقيت في قلب جدّك الشاعر. إحفظ أوراقه وكتُبَه وصداه المتردِّد في زمانه وأهل زمانه. وأحبِبْهُ، أَحبِبْهُ كثيراً، واشهَر له حبَّك كي يسمَعَه وأنت على صدره حَدَّ قلبه الحنون.

       يا صغير البيت،

       جَدُّك عاش حياته سعادةً في قداسة إنعامه، فكُن أنت صدى هذه النعمى، واجعل صلاتَه إليكَ وأنت اليوم طفل، نذراً لحياتك وأنت غداً فتىً تقرأُ جدَّك الشاعر.

       ليس أغلى على الأجداد الشعراء من أن تَسري صلاتُهم نسغاً في شرايين أحفادهم، ودماً نقياً في أعراق قصائدهم.

       لك مني صلاةُ الحياة أن تُعطيكَ وسْع أحلامك، وأن يبقى في وهج عينيكَ صدىً لِما شعَّ يومَ ولدت من حلمٍ ناطق الرؤيا في صمْت جدِّك الشاعر.

 

 

زرعت له صنوبرة – جوزف أبي ضاهر

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.