3

:: الكلمة الأَحَبّ - (16) غازي قهوجي: الآخَر ::

   
 

التاريخ : 17/02/2011

الكاتب : هنري زغيب   عدد القراءات : 1494

 


الكلمة الأَحَبّ

 

ما الكلمة؟ مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟

للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.

كلمةٌ معيّنة بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامك إياها أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟

هذه السلسلة: "الكلمة الأَحَبّ"، أسئلةٌ نطرحها على المعنيّين بالكلمة كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و"لغات اللغة" انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.

بعد أربعة عشر جواباً من وليد غلمية وعبدالله نعمان وإملي نصرالله وأمين ألبرت الريحاني وجوزف أبي ضاهر وسلوى السنيورة بعاصيري وجوزف جبرا وزهيدة درويش جبور ومي منسّى وهدى النعماني وغالب غانم ومحمد بعلبكي وهشام جارودي وألكسندر نجار وجورجيت جبارة، هنا الجواب السادس عشر مع الباحث وأُستاذ السينوغرافيا الدكتور غازي قهوجي.

 

email@henrizoghaib.com    

 

 

(16) غازي قهوجي: الآخَر

 

الآخَر، هو الحاجة والضرورة، المُرتَجى والمُرَاد.

هو مَن ينقل الانسان من "حال" الوحدة والوحشة والمراوحة، الى "مقام" الألفة والتفتُّح والانطلاق.

من دون "الآخَر" تبقى الحياة مغلقة، رتيبة، إحادية المعنى والدلالة والتأويل، وتكون أسيرة ظلام ما تخلَّف من "الماضي"، وكفيفةً أمام وهج "الآتي" وألَق ضوئه.

"الآخَر"، هو ذاك الذي لا يُشبهني: لا أنا أُحاول أن أذوب فيه، ولا هو يسعى الى الانصهار بي.

هو مَن يَستدرجني طوعاً الى فرادته المتجدّدة.

هو مَن يُدركني عميقاً في خصوصيَّتي، كي نتوازن معاً بالتنوُّع المستقل المنتج المؤدِّي الى تواصل في الرؤى الحاضنة والحاميةِ قِيَمَ الوجود.

"الآخَر"، هو لي كما أنا له: المحفّز، المحرِّض، المنافس، المرآة.

من دونه تقف الرحلة ويضيع المسار.

هو من أتسابق معه على زرع الجديد ونشدان السلام في الأرض القفراء اليباب.

هو مَن أجهدُ معه للتمييز بين فِعْلَين جاذِبَيْن لاقطَيْن: فعل "نَظَر" وفعل "رَأَى"، ونعمل كلانا على الخروج من دائرة البصر الى فضاء الرؤيا الكلِّية، من دون أن نخو سخاء العين وجُودَها وكَرَمها.

مع "الآخَر" تتشكّل "ثنائية" تُؤَنْسِنُ الحياة وتهندسُ وجودَها وعطاءَها وديمومَتها.

عندما يغيب "الآخَر"، أو يُغيَّب: يجفُّ ماءُ الشِعر، تنحطُّ الموسيقى، تذوي المخيّلة، وتموت الروح.

"الآخَر" هو الحب ومعنى الانسان.

هو جوهر الحرية ولَبّ الانتماء.

"الآخَر" هو تكامل الوجود، وسبب الوجود، والجدوى من كلّ هذا الوجود.

 

 

تصدر هذه السلسلة تزامناً مع صدورها في جريدة النهار البيروتيّة صباح كلّ أربعاء

*) الأربعاء المقبل- الحلقة السابعة عشرة: سمير عطالله

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.