3

:: الكلمة الأَحَبّ- (1) وليد غلمية (*): ::

   
 

التاريخ : 03/11/2010

الكاتب : هنري زغيب   عدد القراءات : 1273

 


 

الكلمة الأَحَبّ

ما الكلمة؟ حروفٌ، مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو معنى، ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟

للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.

وللكلمة مدلولٌ ذو بُعدٍ شَخصيٍّ: عاطفي، اجتماعي، روحاني، أو حتى مهني (كلمة "بَحر"، مثلاً، تَعني للشاعر غير ما تعني للرسام أو الموسيقي أو البحّار). من هنا ارتباط الكلمة بالموقع (المكان، البيئة، المهنة، الخبرة،...) وبشخصية مستخدمها.

وللكلمة معناها الاصطلاحي الكَيفي، من هنا علاقتها بالمعنى، بالمدلول. (كلمة "أحمر"، مثلاً، تعني الكَرَز لأحدهم، والدم لثانٍ، والتفاحة لثالث، والعلَم اللبناني لرابع، الخ...). ما علاقة الكلمة بالمعنى؟ بالمدلول؟ بالسياق؟

وللكلمة تاريخها وأصلُها وهُويتها: هل هي بنتُ لغَتِها؟ مركّبة؟ مستوردَة من لغة أخرى؟ مترجَمة عن لغة أخرى؟

هذه السلسلة: "الكلمة الأَحَبّ" لتُجيب عن كلّ هذا الأعلاه.

كلمةٌ بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامها لديك أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟

سؤال نطرحه على المعنيين بالكلمة: كُتّاباً، شعراء، أدباء، مبدعين، مؤلفين، موسيقيين، مسرحيين، رسامين، نحاتين، أكاديميين، مثقّفين، ... كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و"لغات اللغة" انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.

 هنري زغيب                            email@henrizoghaib.com


                        

                                                           

                                                                                                 

1)   وليد غلمية (*): "أنا أعمل"

          الكلمة، أصلاً، صوت.

عندما حدَثَ الصوت حصَلَ الوجود. وعندما انقلب هذا الصوت لاحقاً إلى كلمة، حصل التناقض والتضادّ والخراب والدمار. للكلمة في ذاتها أبعادٌ تختلفُ باختلافِ ناطقها أو متلقّيها. عندما كانت الكلمة صوتاً، كانت التجريد الأسمى، وفي ذاك السمو كانت عظمة الانسان.

أخطر ما في الكلمة: مدلولُها السيمانتيكي (علم المعاني)، وأخطر منه: المدلول السيميوتيكي (علم الدلالة). جميع الخلافات ناتجة عن المعنى وعن الدلالة.

الذين جعلوا للكلمة مَوسَقة، هم الشعراء. والشعراء موسيقيون فاشلون، كما الموسيقيُّ إذا أراد أن يكون شاعراً سقط عن عرشه ولم يدرك الشعر. في الحديث الشريف: "إنّ من البيانِ لسحرا" . وفي أقوال أفلاطون: "اللغةُ أدنى مستوى استعمله الإنسان للتعبير".

شخصياً: أريدُ أن أبقى موسيقياً.

وأريدُ للكلمة أن تبقى صوتاً أسمعه كي أبقى سعيداً. لأنني في ذلك لا أقتل، لا أدمّر، لا أكره، لا أيأس، لا أتكاسل، لا أنتحِب، لا أحرِّض، لا أفاضل، كالطبيعة التي لا تفاضل.

أريدُ أن أكونَ كوناً في الكون، وعالَماً في العالَم، وشُعاعاً في النور.

وفي كل ذلك عملٌ وفِعلٌ، لأن في ذلك إبداعاً وإنجازاً.

أنا أعمل وأفعل.

وكلمتي الأحَب هي: "أنا أعمل".

____________________________________________________________

*) مؤلف موسيقي، قائد أوركسترا، رئيس المعهد الوطني العالي للموسيقى (الكونسرفاتوار)

*) الأربعاء المقبل- الحلقة الثانية: عبدالله نعمان (من باريس)


تصدر هذه السلسلة تزامناً مع صدورها في جريدة النهار البيروتيّة صباح كلّ أربعاء

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.