3

:: ألصّدق طريقُ النّعمة ::

   
 

التاريخ : 23/08/2010

الكاتب : إيلي مارون خليل   عدد القراءات : 1807

 


 

 

ألصّدقُ فَيْضُ النّعمة فيك، يغسلك بالقِيَم، يُلْبِسُك النّور، يجعلك تفيض، بدورك، طُمأنينة خلاّقة، سكينةً إشراقيّة، تعصفان، فيك، تجعلانك اشتعالَ التّوق الى الكمال. 

أن تفيضَ النّعمةُ فيك، هو أن يزهو الخير بك، يرتديك، فتغرقَ في التّواضع، وترتفع في الإدراك. تَواضُعُ النّعمة، إدراكٌ جوهريّ لجوهر الإنسان، إنتباهةٌ حافلةٌ بأنّك  في طريق الحقّ والخير والجمال. ألإرتفاعُ  في الإدراك، معرفةٌ خصبةٌ بالمعارف الّلطيفة، الشّفيفة، الثّرّة، المُثرية. فتشمخ قامة - نِعْمة.

أن تغسلك القِيَمُ، هو أن تتخلّى عن لعبة الحواسّ المُغرية، فتنتفضَ على ذاتك، بهيًّا، مسالمًا، نظيفًا، مُطِلاّ. ألخير إرادتُك وعزمُك. ألحقّ رغبتُك وشوقُك. ألجمالُ لعبتُك المثيرة، الغنيّة، القدّوسة. وأنت... أن تنتصبَ حيًّا، ناضجًا، بالسّلام النّفسيّ نابضًا، خفّاقًا، دفّاقا.

أن تلبَس النّور، هو أن ترميَ، عنك، جسدانيّتك الشّبِقة إلى المادّة، تتعرّى من حواسّك، تأتلقَ شفوفيّة، صفاءَ ذهنٍ، نقاءَ نوايا، تتأصّلَ في تربة جذورِك المباركة، عاليًا كالكرامة، صريحًا كالنّداء، واضحًا كالمحبّة... فترتدي روحَك مُشِعّةً كالرّجاء، كريمةً كالهواء، طوباويّة كالقداسة.

هنا تبدأ قداستُك. ألصّدقُ خطوتُك الأولى في طريقك إليها. خطوتُك الواثقةُ الأولى.

صادقٌ أنت ؟ فأنت شمسُ ذاتِك. سِواك ؟ بكَ يتمثّل. يحاول. معًا تنجحان. فالنّجاحُ عملٌ جَماعيّ. وحده، الإنسانُ، لا ينجح. ولا يسعَد. تريد تنجح ؟ عاوِن أخاك على الصّدق. ساعِدْه في اكتساب جرأة الصّدق. ألصّادقُ ناضج. ألصّادقُ  حرّ.

ألصّادقُ، إذًا، جريء، قويّ، ناضج، حرّ. فهو، إذًا، ناجح وسعيد.

ألجرأةُ ثقةٌ. ثقةُ الشّخصيّةِ بذاتها. ألواثقُ ثابتٌ على الحقّ وفيه. ألقوّةُ إقدامٌ. إقدام الإنسان عزمٌ، حزمٌ، ثبات على الحقّ. ألنّضجُ اكتمال. محاولةُ اكتمال. ألنّضجُ محاولاتٌ مستمرّةٌ للوصول إلى ما يداني الكمال، ولا كمال. لكنّها محاولاتٌ فرِحةٌ، ولا يأس. ألحرّيّةُ نورٌ. نورٌ من الذّات، إليها، وعليها. ألحرّيّةُ لباسُ النّفسِ الجريئةِ، الواثقةِ، القويّةِ، المقدامةِ، النّاضجةِ، المحاولةِ، دومًا، الإرتقاءَ إلى الجوهر.

... وأن تطمئنّ نفسُكَ، هو أن تزهدَ بما لا يزيدُك نعمةً. ألحبّ نعمةُ النِّعَم. هو انفتاح،ٌ فلا اكتفاء. وهو ثمرةُ الصّدق،ِ فلا مراوغة. واندفاعةُ النّفس، فلا تَرَدُّد. وسعادةُ الرّوحِ، فرجاءٌ خلاّقٌ دائم.

... وأن تستغرقَ، مطمئنًّا، في السّكينة الإشراقيّة، هو أن تستشرفَ الأبعادَ بوداعة الأنبياء، بزهد النّسّاك، بتأمُّل المتصوّفين، بخشوع المؤمنين، المُنْخَطِفين، العاشقين. فمعرفةٌ ولا ادّعاء. إمتلاءٌ ولا اكتفاء. تَوَحُّدٌ ولا امّحاء. إشعاعٌ ولا احتواء.

وهكذا، فإنّ الصّدقَ حبٌّ شموليٌّ، غنيّ، قويّ، عميق، للذّات وللآخر.

إن تكنْ صادقًا، بحقّ، راودتْك النّعَم، أكسبتْك القِيَم، سموتَ شجرةً تَوافَدَ إلى أغصانها المثقَلَة طيورٌ كثيرة، وإلى ظلالها النّديّة متعَبون مُشتاقون، وعطاشٌ مُتَلَهِّفون.

ألصّدقُ طريقُ النّعْمةِ.

نِعْمَةٌ أن تُحِبَّ. نِعْمَةٌٌ أن يُحِبَّكَ الآخرون!

 

الأربعاء/28 شباط/2007    

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 10

.

26-08-2010 02:0

Victoria D


. أخ حبيب! ما تقوله صحيح. لكنّي لست بأديبة. كلّ ما في الأمر أنّي متذوّقة. يمكن أن أكون قارئة جيّدة، لذلك أبتعد عن التّعليقات الّتي لا تغريني


.

25-08-2010 03:5

حبيب حبيب

يا أخت  Victoria

ونحن نقرأ، مرّات نحاول أن  نكمل ، لا يشدّنا مانقرأه، نحاول مجدّدا للفائدة، ينفرنا، فنلقه  جانباً.

ومرّات، مع كلّ كلمة، نتمنّى أن يكون جانبنا أحد لنسمعه روعة ماقرأنا.

الأستاذ إيلي، منذ أشرقت كلماته في جماليا، ونحن نقرأ صدق مايبدع

نتمّنى أن يشاركنا كلّ من يحبّ الجمال والقراءة والفائدة وصفاء الروح قراءته.

روعة ما نقرأ، وقت نشعر أنّ الكلمات تتغلغل في ذاتنا مثل دفء شمس ونورها، نغرق في التواضع نعمة، ونرتفع في الإدراك معرفة، فتشمخ فينا، قامة- نعمة.

 


.

25-08-2010 02:5

إيلي



Victoria D


... وهنيئا لي... تعليقك وإن هو قِمّة في المبالغة... آمل أن لا يوقعني في الغرور...
تحيّتي


.

25-08-2010 02:4

إيلي



Amal
أشكر مرافقتك، شبه الدّائمة، للموقع وتعليقاتك اللفتة على مقالاتي... أتمنّى أن أكون بمتوى ما يجيء فيها.
تحيّتي...


.

25-08-2010 02:4

إيلي


ألصّادق يحبّ ويحَبّ. والصّادق قويّ، واثق، حرّ...
محبّتي، سيّدة سوزانّ...


.

25-08-2010 02:3

إيلي


... وبهذا الهدي، وعليه، أكتب. شكرا لاهتمامك،Vera


.

24-08-2010 04:5

Vhctoria D


ليس التعليق على المقالات من هواياتي... لكنّي أقول: هنيئا لمن له مثل هذا الصّفاء! وهنيئا لمن يقرأه...

محبّتي.


.

24-08-2010 04:4

Amal N


سلم فكرك! أتساءل دوما: وماذا بعد؟ ويكون ال"بعد" أكثر عمقا، نضجا، ... قطعتك هذه، أستاذ إيلي، مليئة بالحب والدفء... وال"معرفة"!

محبّتي


.

24-08-2010 01:0

سوزان

ألصّادقُ، إذًا، جريء، قويّ، ناضج، حرّ. فهو، إذًا، ناجح وسعيد.

لهذا، نحن سعداء وأحرار.

تكفي الكلمة الصادقة لتعلن الحرب على كل ما لا يشبهها

سلمت

 


.

24-08-2010 12:1

Vera S



الحقّ معك أستاذ! لكن مجتمع اليوم "عكس السير"، ألا ترى معي ذلك؟ المهم أن يظل البعض يؤمن بالقيَم من أجل أطفال العالم...
تحيّات


 

   
 

.