تعلّمَ زهرةً وغرسَ وردة إلى سركون بولص
لم أصدِّقْ أنّ هذه الصورة هي للشاعر العراقي سركون بولص. إنّه متهدِّم كمَن بلغَ مِنَ العمْرِ عتيّا، وعهدي به، ومِنْ خِلال صوَر له في مواقع ألكترونيّة وصحف، ممتلئاً، عفيّاً. وأمعنتُ النظرَ بالصورة، ولأنّي لم أعرفْ مِنْ مواليد أي سنة هو سركون خمّنتُ أنّه تجاوزَ المئة حولاً، وأنّي بهذه الصورة قد ضبطتُه. ثمّ بعدَ فترة رأيتُ صورة أخرى له، والأصحّ أنْ أقول: شبحه. ثمّ علِمتُ أنّه في حرَج صحِّي. إذن، حقّاً لم يغشّني سركون بولص. ولأنّي على غير دراية بما يلمّ به، ألحقّ أقول، لم أجزمْ أنّ موعِدَ غيبتِه قد أزفّ.
وقبلَ يومين مِنْ يومِ المفاجأة أخبرني الصديق الشاعر وديع سعادة أنّه سيتّصِل بسركون في ألمانيا. واتّصلَ، وحضر سركون. كان صوتُه عريضاً، إنّما منخور بالتعب. وردّاً على سؤال ما كان يجب أن يوجّه له قال: "لا أريد صلة بأي نظام عربي". وقصدَ السلطة في بلده على رأس قائمة القطيعة. والحقّ أقول، ورغم وجومي، لم يخطر ببالي أنِّي بعدَ يومين سأتذكر أنّها كانت المرّة الأولى أسمع فيها صوت صاحب "الوصول إلى مدينة أين" وما مِنْ أمل بسماعِه مرّة ثانية بعدَ أنْ بلغَ أخيراً مدينة "أين" ذاتها. وقلتُ للصديق وديع وقد صمتَ "الخطّ" بين أستراليا وألمانيا: "علينا البدء بالتحضير للقاء على إسم سركون وشِعرِه".
لم أقلْ شيئاً آخَر. أوّل مرّة سمعتُ باسم سركون بولص كان مِنَ الشاعِر صاحب "واحِد مِنْ هؤلاء" جاد الحاج.
|