3

:: ألآخرُ نعيمُكَ... حاوِرْهُ ! ::

   
 

التاريخ : 27/02/2009

الكاتب : إيلي مارون خليل   عدد القراءات : 1554

 


  

ألآخرُ نعيمُكَ... حاوِرْهُ !

 

إيلي مارون خليل

 

 

أعتبرُ أنّ ٱلحوارَ هو ٱلحديثُ ٱلحَميميّ، ٱلحارُّ، ٱلصّادق، ٱلموحي، ٱلمُزهّرُ، ٱلمُثْمرُ، ٱلنّاضجُ، ٱلمُنْضِج...

وأعرفُ أنّه نتيجةُ مخزونٍ ثقافيّ غنيّ، خصيبٍ، متنوّعٍ، شاملٍ، أفقيّ، عموديّ، مُريحٍ، مُشَوّق ...

وأظنُّ أنّه صادرٌ عن نوايا طيّبة، سخيّة، طلبًا لجامع/جوامع مشترَك/مشترَكة، من أجل ٱلخير ٱلفرديّ/ٱلذّاتيّ، وٱلعامّ/ٱلمشترَك، إنتهاءً إلى ٱلأرقى: إجتماعيّا، ثقافيّا، إقتصاديّا، سياسيّا، حضاريّا... لمستقبلٍ ذي اكتفاءٍ وَرفاهٍ وسعادة، تأصيلا لِقِيَمٍ، وتأبيدًا لها، في تراث شعب/نخبة، إشارة إلى وطنٍ حضاريّ موحَّد موحِّد.

      

وأرى أنّه يجدر بنا أن نفهم هذا ٱلواقعَ ٱلمُهِمّ، ٱلعميقَ ٱلجذور. وهو واقعٌ يُشير، بما لا يَقبل ٱلشّكَّ، إلى ٱلانفتاح، ٱلقَبول، ٱلإنصهار، فٱلوحدةِ ٱلصّحيحةِ، ٱلحقيقيّةِ، في مجتمعٍ يتفاعل، يتوهّج، يسمو بوطنه، فيُشْرِق، هذا، وطنًا سخيّا بالكرامات على مواطنيه، جميعًا، حاضنًا لمواطنيه، جميعًا، مساويًا بينهم، جميعا. بذا يكون "أكثر من وطن"، يكون "رسالة".

      

وٱلحوارُ، أوّلا، يفترض لقاء. لقاء مع الذّات، ومع الآخر: قريبًا وبعيدا.

      

لقاءُ ٱلذّات، في غاية ٱلأهمّيّة. مَن يلقَ ذاته، يحترمْها. هكذا يعمل على ٱلإرتقاء بها. ألإرتقاءُ  بٱلذّات، غايةُ الغايات للحياة في نورانيّة خلاّقة، من دونها تغرق في ظلاميّة مدمّرة. هذه تعمل على تدمير الذّات. وٱلهدف ؟ بناؤها بصلابةٍ ونقاوة، طموحًا وراء طموح. تُحَقِّقُ أمرًا ؟ يُصبح واقعًا. تطمح في غيره.

       

لقاءُ ٱلذّات، يساعدها على ٱلصّفاء، ٱلطّهارة، ٱلحبّ، بلِ ٱلعشق، على قولِ إبن عربيّ. مَن كانت نفسُه على هذا ٱلنّقاء، تكن مستعدّة للقاء الآخر. وإذا كانت النّفوسُ، جميعا، هكذا، كان ٱلجميعُ في لقاءٍ شفيفٍ، مستمرّ.

       

أن تلتقي "الآخر"، تكون قد فهمتَ ضرورةَ اكتمالِكَ به. "ألآخرُ" نقيضُك؟ صحيح ! لكنّه ٱلنّقيضُ ٱلمُكمِل. وحدك، ناقصًا تبقى، مُقَوقَعًا، لا في شرنقة جسدك وحدودك وجغرافيّتك فحسب، إنّما في شرنقة فكرِك، خيالِك والرّوح. هذا قَتْلٌ للإنسان، فيك : ما تكرهه وتأباه وترفضه.

       

لا. ليس "ٱلآخر" جحيمَك. إنّه نعيمُك. نِعْمَةٌ أن تحاورَ الآخر. نِعْمةٌ أن تحيا معه. نِعْمَةٌٌ / إنطلاقٌ لا محدود. لانهائيّ. ألآخر يساعدك على حرّيّتِك، ٱستقلاليّتِك، تَعَرُّفِ جوهرِك. كلُّ معرفةٍ نِعْمَة.

       

ألحوارُ طريقُك إلى ٱلتّأمّل، فالاكتشاف. ألتّأمّلُ تنقيةٌ للانسان، وٱلإكتشافُ ٱنفتاحٌ على ٱلمدى ٱلمعرفيّ / ٱلعرفانيّ.

      

ألحوارُ طريقُك إلى قبول ذاتك، وفهمِها بعمق، إنطلاقًا إلى قبولِ الآخر،  وفهمِه. معًا تأتلقان.

      

تُحاورُ ٱلآخر ؟ تلقى ذاتَك وجماعتََك فيه.

     

أؤمنُ، بصدقٍٍ، أنّ ٱلحوارَ طريقُك إلى ٱلكمال. أقرب ما يمكن من ٱلكمال. أليس هذا هدفًا يُطَمْئنُ إنسانيّتَك، يُجَوْهِرُك: إنسان الخَلقِِ والإبداعِ والحرّيّةِ و...   العشق!؟                                                                                                    

ليل 23/1/2007

 

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 5

.

01/03/2009

إيلي

إلى الصّديقَين: سوزانّ ضوّ وحبيب حبيب

 نعمةٌ كبرى أنتما بالنِّسبة إليّ. لا شكّ في أنّ الحوار الحقّ، صادق، صريح، ودليل ثقة وانفتاح. ألكلمة مفتاح القلوب. إلى اللقاء.

 مَن يقول إنّ الكتابة ليست فنّ الوصول إلى الآخَر!؟ وبالتّالي أوَليست القراءة تَعَمُّقًا في الآخَر!؟

 مع أمنياتي الطّيِّبة

 


.

28/02/2009

سوزان ضوّ

أستاذ إيلي

ألحوار ميزة من ميزات الإنسان، أساسها الإصغاء، وإطارها الإحترام المتبادل لكلّ ما يقال.

موضوع شيّق جدا، بحثته بشكل وافٍ وواضح ومشوّق.

احترامي وتقديري

 


.

28/02/2009

إيلي

أشكر اهتمامك ، أستاذ هادي بشروئي.

 سُرِرْتُ أن لفتت انتباهك مقالتي. ثمَّ إنّ مثل هذه التّعليقات، ولو موجَزة وبسيطة، هي حِوارٌ من نوعٍ آخَر. لا شكّ في أنّ أيَّ حوارٍ مفيد. إلى اللقاء


.

28/02/2009

حبيب حبيب

أستاذ إيلي

 لو لم أرَ تاريخ صلاتك الثانية هذه (نعمة الحوار) وأنها كُتبت منذ سنتين

ولردّك النقيّ على تعليقي لك في موضوع (النعمة) لكنتُ اعتقدت جازماً أنّك تحاورني

ولكن يبدو أنّ هذه الصلوات متأّصّلة بك ونفهمها نحن

وهذا هو المقصود.

أن نلتقي ذاتنا مهم جداً، أن نخرج منها إلى الآخر مهم جداً جداً

كلماتك صوت النعيم من نعمة

هي نعمة أخرى الحوار والتحاور

(وكم في قلب النعمة من فرح حقيقي)

أفراحنا بنعم أخرى، تدوم

دمت

 


.

27/02/2009

هادي بشروئي

أستاذ إيلي

مما لا شكّ فيه أن الحوار هو أساس كلّ وفاق عميق

وأن تختتم  بأنه الطريق إلى الإبداع والعشق

فهو قمّة في الجمال، في وقت نغوص فيه في سلسلة الإبداع العاشق للكلمة مع "الياسمينة والعصفور"

تعريفك بالحوار بهذا الشكل الموسّع والجميل أضفى على التعبير لمسة جمالية إضافية

شكراً لكَ، أستاذ، وبانتظار المزيد من الإضاءات

 


 

   
 

.