3

:: "... بل نحنُ يا سيّدي نعلِّم الحياة" – أَزرار - 993 ::

   
 

التاريخ : 10/06/2017

الكاتب : هنري زغيب   عدد القراءات : 1665

 


 

 

 تسنّى لي هذا الأُسبوع أَن أُشاهد ثلاثةَ أَصواتٍ شعريةٍ شابةٍ تتداولها بالآلاف وسائطُ التواصل الاجتماعي نقلًا عن مقابلات تلفزيونية ومنابر عربية ودولية وقف عليها أَصحاب هذه الأَصوات.  

تابعتُ قصيدة "التأْشيرة" للمصري هشام الجَــخّ (مولود سنة 1978 في صعيد مصر)، وقصيدة "السلام عليكم" للتونسي أَنيس شوشان (مولود سنة 1982 في تونس العاصمة)، وقصيدة "نحن يا سيدي نعلّم الحياة" للفلسطينية الكندية رفيف زيادة (مولودة في بيروت سنة 1979 وتعيش في لندن).

لن أَدخل في تفاصيل قصائدهم، على متانة ما فيها من شِعرٍ جيّد السبْك والسكْب واللغة، بل أَتناولهم كظاهرة شابّة تعتمد الشِعر الملتزم بالسَلام والسَماح والقِيَم لغةً للمخاطبة وفضْح ظلامية المجتمعات العربية من عنف وتمييز وفرز طائفي ومذهبي ورفض الآخَر. ويَشهرون التزامهم في توهُّج أَدائي مضمونُهُ مُسالم لكنه نابضٌ بحياةٍ عنيدة ترفض الواقع العربي الراهن بعيدًا عن عنتريات شعرية أَلِفناها لدى شعراء مكرَّسين هاجموا الحُكّام والأَنظمة فلا تغيَّر الحُكّام ولا تغيَّرت الأَنظمة، ولا وصلَت قصائدهم إِلى مكان.

ما سمعتُه من هؤُلاء الشعراء الشباب يعكس صرخة جيل عربي جديد يبدأُ وعيُه من كلمة، من قصيدة، من صوت شاعر، وتروحُ القصائد تحفر في الوجدان الشعبي، كـحَبّة الماء تنزل تتاليًا على نقطة واحدة في الصخر حتى تحفر فيه أُخدودًا عميقًا.

وإِذا معيارُ شعراء الجيل السابق المكرَّس كان عددَ قرّاءِ دواوينهم وقصائدهم في الصحف والمجلات، فمعيارُ الشعراء الشباب الجدُد عددُ متابعيهم وناقلي قصائدهم بمئات الآلاف على صفحات التواصل الاجتماعي، وهو عددٌ مذهلُ التَصاعُد قراءةً وسماعًا ومشاهَدةً قصائدَهم المرئية، ما يفوق أَضعاف متابعي أَسلافهم المكرَّسين شعريًّا وشعبيًّا.

الأَصوات الشابة التي تابعتُها حديثًا، تَـهُزّ في الجيل الجديد وجدان أَترابهم رافضي مقولات العروبة اللفظية والتنظير السياسي الـمُعلّب والاتباعية والانهزامية والفحش الإِسرائيلي في قضم فلسطين شعبًا وأَرضًا وتاريخًا، لتكون قصائدُهم ضمير جيل جديد لا بُدّ أَن يحفر في جدار القلعة كُــوّة تخلع سائر الجدران.

 أَهمية هذه الأَصوات التي شاهدتُها شابةً ناشطةً مُسالِـمة، أَن لأَصحابها دورًا كبيرًا في مجتمعات الغد، وأَنهم بالشِعر يعرضون ويعترضون ويلمسون قلوب الملايين، لا رافضين وضعَ بلدانهم فقط بل صارخين باسم جميع أَترابهم الشباب في أَيّ بلد عربي، يهزُّون بشِعرهم وجدان الجيل الجديد، جيل التغيير الغاضب، الجيل الرافض مجتمعاتِ طقمٍ سياسي عربي يترصّد إِشراق مستقبلِهم ويهدِّدهم بــقعر الظلمات السالفة.

وأَنا على ثقة بأَن وقْعَ قصائدهم القويَّ في نفوس أَترابهم يحرّك جيلًا جديدًا آتيًا سيقلب مفاهيم الوضع العربي بكراسيه الموروثة وعروشه الدّهرية وتسلُّطه الأَعمى، وسوف يُشرقُ بالشِعر فجرٌ جديدٌ طالع من شمس الشعراء.

           

***

 

يتم نشرُ هذا المقال بالتزامن مع نشره في صحيفة النهار

 

هـنـري  زغـيـب

email@henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib

 

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.