3

:: فضائح زوار ما بعد منتصف الليل ::

   
 

التاريخ : 19/05/2017

الكاتب : مصطفى محمد غريب   عدد القراءات : 1255

 


 

 

زاد الكلام عن حدودهِ حول الخطف واختطاف المواطنين من قبل مافيا وميليشيات مسلحة تابعة حتماً لبعض أحزاب ومنظمات الإسلام السياسي وهذا ليس اتهاماً ولا موقفاً طائفياً، لأننا نعتبر الطائفية، أية طائفية، جرثومة لعينة تنخر وحدة الشعب الوطنية، ولأن أكثرية عمليات الخطف سجلتها هذه المنظمات كما ظهر من سير الأحداث وتكرر الحوادث وسهولة التحرك وعدم أي خشية من الأجهزة الأمنية الرسمية لا بل في بعض الأحيان أمام سمع وبصر البعض من هذه الأجهزة، مع العلم أن القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء هو عضو في حزب الدعوة المعروف بأيدلوجيته، كونه أحد أحزاب الإسلام السياسي الذي له الباع الكبير في قيادة السلطة بعد الاحتلال والسقوط، فمنذ حادثة اختطاف (7) ناشطين مدنيين بينهم إعلاميون شيوعيون تصاعدت الاحتجاجات والإدانة داخلياً وخارجياً مما أدى إلى فضح كامل لمافيا مسلحة طائفية تتحرك وفق توجيهات تابعة لأحدى القوى السياسية التي تتستر بالسلطة وتستغلها لكي تنفّذ مخططات تراها تخدم مصالحها وبالتالي سياستها التي تريد تكميم الأفواه ومحاربة أية معارضة تقف بالضد من المحاصصة والفساد وتطالب بالإصلاح الحقيقي، ولكثرة ما حدث من جرائم الاختطاف والاعتداء على المواطنين وبعد أن بلغ السيل الزبى باختطاف (7) مواطنين ناشطيين مدنيين كلُّ ما كان ذنبهم أنهم تصدّوا للفساد وطالبوا بالعدالة والأمان، وبسبب ردّة الفعل الجماهيرية والتضامن ترأّس السيد حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة اجتماعاً "لخلية الاستخبارات الوطنية" الذي نقاش فيه الأوضاع ! "الأمنية والعمليات الإرهابية وعمليات الخطف والجريمة المنظمة" ومن سير الاجتماع جرى التأكيد حسبما نشرته وسائل الإعلام على اتّخاذ الإجراءات للقضاء عليها والعمل الجاد لتأمين حياة المواطنين، وأفضل ما في القرارات وهو مطلب جماهيري واسع طالبت به جميع القوى الوطنية والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني "كشف الجهات الخاطفة والفاعلين" وهذا لبُّ الموضوع وذو أهمية بالغة مرتبط فعلاً بجرائم المافيا المنظمة والميليشيات الطائفية التي تتحرك من قبل جهات وقوى لها يد طولى في السلطة ولكنها تتستر على ذلك وكانت ومازالت محط إدانة واسعة من قبل العديد من المسؤولين في الدولة ومطالبتهم بوضع حدٍ لها لكن دون جدوى بسبب وجود دعم من قوى وأشخاص لهم تأثير أكثر وإمكانيات أوسع في خلق المشاكل والاستمرار في تأزّم الوضع الأمني، فليس من المعقول، وهذه ليست المرة الأولى والثانية والثالثة، أن يقوم رئيس الجمهورية برفض هذه العمليات الإجرامية ويطالب بالكشف عن مسببيها. ومؤخراً أعرب فؤاد معصوم رئيس الجمهورية حيال المختطفين السبعة عن قلقه وإجراء تحقيق سريع كما طالبت رئاسة الجمهورية في بيان لها ونشر في وكالة نون الخبرية إن "رئيس الجمهورية فؤاد معصوم أعرب عن قلقه البالغ حيال أنباء أكدت قيام مجموعة مسلحة مجهولة أمس الاثنين 8/5/2017، باختطاف عدد من طلبة وناشطين مدنيين من منازلهم في منطقة السعدون ببغداد.. (إذا كان رئيس الجمهورية قلق فماذا عنا نحن المواطنين الأبرياء ؟!)، ليس هذا فحسب بل عبر العديد من المسؤولين في السلطة وخارجها عن استيائهم وقلقهم ورفضهم لما يجري من اغتيال وخطف وطالبوا بالكشف عن الخاطفين وأشار العديد منهم ومن القوى السياسية التي تتعرّض لضغوطات وتهديدات بأن القوى التي تقوم بالاختطاف متنفّذة ومعروفة لا يمكن إخفاؤها بسيارات مموّهة ومظللة ذات دفع رباعي وبدون لوحات المرور أو رجال العصابات الملثّمين المعروفين للبعض في الدولة من أحزاب وتنظيمات طائفية والأجهزة الأمنية، لقد استمرت عمليات الخطف وتصاعدت باستمرار وتكاد تكون أهدافها معروفة في كل مكان وهي:

 1 ــــ الضغط على كل معارض لسياسة كمّ الأفواه ومعاداة حرية التعبير ثم زرع الخوف والضغط لكي تتراجع حركات الاحتجاجات في العاصمة أو أية محافظة أخرى، وطريقة اعتقالاتها الإجرامية لا تختلف قيد أنملة عن الأجهزة الأمنية للنظام الدكتاتوري السابق أو أية أجهزة في الدول التي تحارب القوى الوطنية والديمقراطية بوسائل الإرهاب والعنف والاعتقال وتغييب المعارضين وصولاً حتى إلى إعدامهم أو اغتيالهم.

 2 ـــ الحصول على فديات مالية كبيرة لتموين هذه الجماعات إضافة إلى حصولها على دعم مالي داخلي وخارجي للاستمرار في عدم استقرار الوضع الأمني بجانب القوى الإرهابية المعروفة بما تقوم به من تفجيرات واغتيالات، وهذه الجرائم تعد بالآلاف ضدَّ مواطنين يُخطفون أو من عائلاتهم والمطالبة بفدية من عشرات الآلاف من الدولارات، وحتى جرت تصفية البعض منهم بعد استلام الفدية من أهلهم.

لم تكن جريمة الخطف المذكورة هي الأولى بل هناك العديد من الجرائم التي ارتُكبت كشف البعض عنها بعد حملات التضامن والاستنكار والطريقة هي نفسها، سيارات شبه رسمية مموّهة ومظلّلة بدون أرقام مرورية، مسلّحون ملثّمون يرتدون ملابس عسكرية أو مدنية مدجّجين بالسلاح، دائما هم زوار ما بعد منتصف الليل، ولم نسمع يوماً لا من الحكومة ولا من الأجهزة الأمنية أي إعلان عن إلقاء القبض عليهم أو الإعلان عن هويتهم، وبمجرّد إطلاق سراح المختطفين الضحايا بعدما يخضعون للتعذيب والضرب والإهانات والتهديد العلني تنسى القضية وقد تسجل ضدَّ مجهول بينما جميعنا يعرف من هم هؤلاء زوار ما بعد منتصف الليل ومن وراءهم ومن يدعمهم مادياً ومعنوياً، وكل من أُطلق سراحه يروي الموضوع وكثيراً ما تتشابه الروايات وهذا ما اطلعنا عليه بعد اختطاف الطلبة الـ(7) مؤخراً، فقد روى الناشط المدني حيدر ناشي للغد برس: "هجم مجموعة مسلحة على مقر سكننا واقتحموه، وكان بعضهم ملثمين وآخرون وجوههم واضحة" وأضاف موضحاً: "تم الاعتداء علينا، وأغمضوا عيوننا واقتادونا بسيارات رباعية الدفع إلى جهة مجهولة" واسترسل حيدر ناشي مؤكداً الاعتداء عليهم بعدما اصطحبوهم إلى جهة مجهولة (نسأل أين هذه الجهة المجهولة التي تخفي فيها أعداداً من المسلحين المدجّجين والعديد من سيارات الدفع الرباعي والأسلحة المتنوعة) ويظهر من تأكيد حيدر أن المختطفين ينتمون إلى جهة سياسية حزبية بشكل ما حيث يقول: "بدأ التحقيق حول ميولنا واتجاهاتنا السياسية ورؤيتنا للواقع السياسي، وأثناء التحقيق تم الاعتداء علينا بشكل مكثف، وبعدها حجزونا في مكان ضيّق جدا ومزْرٍ لا يكفي سوى لشخصين، واستمروا بالاعتداءات اللفظية والضرب" وأكد أن "الحصة الأكبر كانت من نصيبي بسبب كتاباتي المنشورة".

هنا يبرز السؤال الأكثر إلحاحاً ــــ من هم الذين يعادون القوى الوطنية والديمقراطية ونشطاء مدنيين يفصحون بشكل علني بأنهم بالضد من الفساد والمفسدين وضد الإرهاب والمحاصصة الطائفية؟ وهنا نتوصل إلى جوهر الموضوع حالاً ونجيب بكل ثقة ــــ أنهم قوى معادية للديمقراطية وحرية الرأي والعقيدة وهؤلاء معروفين للقاصي والداني وسيكررون جريمتهم بدون خوف أو تراجع أو إلقاء القبض عليهم ومحاسبتهم قانونياً كما في كل مرة، وسوف تتكرر التصريحات من قبل بعض الأجهزة الأمنية بأنهم جادون في البحث عن الخاطفين ومعاقبتهم مثلما أشارت عمليات بغداد بتأكيدها الذي نشر في 9 أيار2017 في السومرية نيوز بغداد، إن "القوات الأمنية والجهد الاستخباري مستمر في عمليات البحث والتحري لكشف مصير الناشطين المدنيين المختطفين في منطقة البتاوين وسط العاصمة" (تصوروا وسط العاصمة فالله يساعد أطراف العاصمة والمحافظات والريف) وقبل أن يجف حبر الخبر أطلق سراح المختطفين بسبب الاحتجاجات والمظاهرات والإدانة الشعبية الواسعة واستنكار الرأي العام الداخلي وحملات التضامن في الخارج، ولكن ما هو مصير المخطوفين السابقين من نشطاء وصحافيين معروفين بالأسماء وغيرهم؟ أكيد 100% لا يوجد جواب.

إلى متى ستبقى هذه الفضيحة وفضائح الفساد والمفسدين والجرائم التي تقوم بها الميليشيات الطائفية والقوى الإرهابية والمافيا المنظمة؟ وهناك عشرات الشواهد الملموسة عن وجود العشرات من المخطوفين والذي بات مصيرهم مجهول تماماً، ألا يجعل المواطنين والقوى الشريفة في قلق من تصريحات واتهامات مجلس محافظة الأنبار؟ أن قيادة ميليشيات الحشد الشعبي تتملّص عن مسؤوليتها في المساعدة في معرفة مصير نحو(3) آلاف مختطف من سكان الأنبار أوقفوا عند حواجز تتبع لميليشيات كتائب حزب الله العراقي في مناطق الرزازة وما بين محافظتي كربلاء والأنبار وهؤلاء اقتيدوا على فترات متقطعة حسب إفادة العائلات الفارّة من داعش باتجاه العاصمة بغداد. (هناك أنباء مؤكدة عن وجود معتقلات سرّية مزرية لكتائب حزب الله العراقي في بغداد).

 ألا يجدر برئيس الوزراء، كونه القائد العام للقوات المسلحة، اتخاذ تدابير قانونية لردع المتجاوزين على القانون وتحقيق العدالة وإنصاف وحماية المواطنين والمعتدى عليهم بشكل ملموس وعلني وإلا ستؤول الأوضاع من سيّء إلى أسوأ وستبقى الأحزاب المعادية للعملية الديمقراطية والمافيا لها اليد الطولى ولن تقف في حدود معينة ولا تكتفي إلا بتدمير البلاد ولنستمع ونقرأ ما قاله ماجد الغراوي عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية ومطالبته رئيس الوزراء بالتدخل العاجل وهذا أمر من آلاف الأمور العلنية والسرية التي تفسد فساداً على ما يبدو لا نهاية له، يطالب ماجد الغراوي: "على رئيس الوزراء حيدر العبادي التدخل الفوري والعاجل لإيقاف حالات الابتزاز والسرقة الموجودة في المنافذ الحدودية وبالأخص منفذ الشلامجة في البصرة" الذي تمرّ منه مئات الشاحنات وعشرات من الأطنان من البضائع المستوردة من إيران وهذا الأمر تحت هيمنة_ مثلما يقول ماجد الغراوي_ عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية إن "الأحزاب والمافيا تسيطر على منفذ الشلامجة وإجراء تغييرات واسعة بأشخاص أكثر كفاءة ونزاهة" (هذا التأكيد ليس من قبل مواطن أو صحفي انه مسؤول في موقع حساس كي يُتَّهم بأنه "معادٍ للحشد أو الميليشيات الطائفية"

 ــــ من هي هذه الأحزاب المسيطرة؟ أكيد أنها متنفذة في السلطة! ــــ ومن هي هذه المافيا القادرة والمتمكّنة؟ مؤكد أنها تحت إمرة أحزاب الإسلام السياسي المتنفّذ وصاحبة القرار!، هذه نقطة صغيرة وصغيرة جداً في بحر الفساد وما يقوم به الفاسدون ومن وراءهم من قوى سياسية وحزبية ــــ ألم يحن الوقت إلى المعالجة وتخليص البلاد والعباد من هذا الخراب ومن جرائم الخطف والاغتيال وجرائم الإرهاب وكبح الميليشيات الطائفية وتجريدها من السلاح وحصر السلاح بيد الدولة؟ ــــ ألم يحن الوقت قبل أن تخرب البصرة تماماً من القيام بالإصلاح الحقيقي والمصالحة الحقيقية والكشف عن مافيا ومليشيات زوار ما بعد منتصف الليل؟!

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.