3

:: نائلة لبس تثير حنيننا لأيام طفولتنا ::

   
 

التاريخ : 15/01/2017

الكاتب : نبيل عودة   عدد القراءات : 2201

 


 

الكتاب: قريمشه يا قريمشه

(أغنيات للأطفال بطعم التراث الشعبي)

تاليف: نائلة عزام لبس

تلحين: نبيلة ابو شقارة

رسومات: سسيل كاحلي

 

فاجأتني نائلة عزام لبس بمؤلفات عديدة اعادتني الى ايام طفولتي، واغرقتني بنوسطالجيا آسرة، أيقنتُ ان لا فكاكَ لي منها الا اذا سجلت انطباعاتي عن مؤلفاتها التي خصّت بها الأطفال، الأجيال الناشئة،  الأمومة، الأمثال، الحكايات والمعتقدات، إذ غاصت عميقا بتراثنا الشعبي، بمختلف تنوعاته وأشكاله. اول ما شد نظري واهتمامي كتابها عن  التراث الغنائي للأطفال الذي أطلقت عليه تسميةً لأغنية من المستحيل ان يكون الانسان طفلا ولم يرددها مع أترابه.. اغنية: "قريمشه يا قريمشه".  تقتبس نائلة في كتابها أغنيات من التراث وتؤلف أغانيَ للأطفال بنكهة التراث، محافِظةً على الأجواء التراثية الأصيلة، كلمة ولحنا، مجدِّدة ومبتكِرة كلماتٍ وألحاناً بالتعاون مع شقيقتها نبيلة عزام أبو شقارة، التي لحنت الأغنيات. 

لا بد لي من الخروج عن الموضوع لتوضيح الخلفية التي جاءت منها نائلة لبس وشقيقتها نبيلة ابو شقارة.

هنا استعيد بذاكرتي طيّب الذِّكر الأب سليم عزام الذي اشتهر كصاحب ستوديو للتصوير باسم "فوتو نبيل"، وكنتُ كلما دخلتُ الأستوديو يحدّثني بحماسة كبيرة عن أبنائه الذين يتعلمون العزف على مختلف الآلات الموسيقية التي وفّرها لهم، وكانت العائلة أشبه بفرقة موسيقية كاملة، وأذكر ان الأب كان يعزف على العود.. وقد يكون المرحوم سليم عزام من أوائل المواطنين العرب الذين وظفوا الكثير من الأموال والجهد والنشاط في سبيل ان تصبح الموسيقى جزءاً لا يتجزأ من ثقافة ابنائه.

النتيجة اليوم ان ابنه الدكتور نبيل عزام هو موسيقار معروف، يقيم في الولايات المتحدة، اكتسبت موسيقاه وقيادته لفرقة ميستو (MESTO) مكانة متقدمة وبارزة في الموسيقى الشرقية، تأليفا وتوزيعا وقيادة، حصل على الدكتوراة، اذا لم أخطئ... بدراسة هامة عن الموسيقار محمد عبد الوهاب.

ها هما شقيقتاه نائلة ونبيلة تبدعان بمجال فني تربوي من المجالات الهامة جدا لكل مجتمع يطمح بتنشئة أبنائه تنشأة جمالية وفنية تفتح أمامهم عوالم من الإبداع والنجاح، والأهم الحفاظ على الفولكلور (التراث الشعبي) الفلسطيني، بكل ما يخصّ الغناء للأطفال وطبعا الأمومة هي وجه العملة الثاني في هذا اللون الغنائي.

الكتاب الأول الذي فاجأتني به الفنانة نائلة يحمل عنواناً لأغنية من تراثنا الشعبي، أعادتني الى ذكريات طفولتي، أغنية "قريمشه يا قريمشه" التي كنا نغنيها في ألعابنا ومختلف المناسبات التي تجمعنا، تقول كلماتها:

قْرَيْمْشِه  يا قْرَيْمْشِه    يــــا حبـِّـــــة  قْرَيْمْــشــِه

بعثتنـــي  معـَــلــِّـمتي     اشتري كوز البصل 

وقـــع منــّي وانْكسرْ     حِــلـْـفـِــتِ مـْـعــَلــّــمـتــــي

لتـْــعـَـلـّـقـْنـي بالشّجرْ     والشّجر ملان فلوس

صبّــــــــــي إيــدك يا عــروس 

يا امّ الْحَلــَــق  والدّبــــــــــــوس

الشيء الرائع في هذا الجهد الفني الإبداعي والتربوي، ان المؤلفة أضافت شريطَ كاسيت سجلت عليه بصوتها أغنيات الكتاب، ليقرأ الطفل ويستمع أيضا الى اللحن.

 

ما أود إضافته ان نائلة لبس أخذت على عاتقها مهمة كبيرة جدا، وعظيمة جدا، جمع الذاكرة الجماعية الفنية والثقافية لشعبنا، وفي مقدمة ذلك الأغاني التي تخصّ الأطفال، الى جانب الأغاني الفولكلورية النسائية بمناسبات الأفراح والأغاني المشهورة باسم نصراويات، وهي أغانٍ من تراث مدينة الناصرة، الى جانب أغاني الأمومة والطفولة، والأمثال، المعتقدات والحكايات الشعبية.. أي تسجيل وتوثيق ذاكرتنا الجماعية وهي مهمة كنت آمل ان تقوم بها مؤسسات متخصّصة لأني اعرف ان هذه المهمّة مكلفة جدا وصعبة جدا، لكن نائلة لبس اخترقت الصعاب وتقوم بعمل ونشاط أقل ما يقال عنه انه تحدٍّ للمستحيل، وها هي تثبت في كتبها المنشورة ان لا شيءَ مستحيل أمام الإرادة والعشق للتراث والفن.

لي عودة الى كتبها الأخرى، واعتبر مقالي هذا، مقدمة لتناول مختلف أعمالها الرائعة. أجل نائلة لبس وضعت يدها على كنز تراثي كبير، لتحفظه لنا ولأبنائنا وأحفادنا.. ولتقول للجميع: نحن شعب له تاريخ، جذور، تراث، فن راق وانساني ولسنا مجرد طوائف بلا جذور كما تحاول الدعاية العنصرية ان تصورنا.

نائلة لبس انت ثروة لثقافتنا..

nabiloudeh@gmail.com

 

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.