3

:: لامات يسوع- ج 2 ::

   
 

التاريخ : 04/01/2017

الكاتب : وديع العبيدي   عدد القراءات : 1269

 


 

 

[4]

يسوع لم يرسم كليركا ولم يحدد هيراركيا..

 

(1)

في عمر الثانية عشرة وقف يسوع في المعبد العبراني معلما معلنا عن شخصه:

"روح الربّ عليّ..

مسحني لأعضّد المساكين..

لأضمّد جراح منكسري القلوب..

لأنادي للمسبيين بالعتق،

وللمأسورين بالحرية..

لأعزّي جميع النائحين..

أقيم مع المنسحق..

وذي الروح المتواضعة..

لأحيي أرواح المتواضعين..

وأنعش قلوب المنسحقين..

أقوّمهم، وأقودهم،

وأردّ لهم الطمأنينة..

أستبدل النواح بالحمد..

فيكون سلام للقريب والبعيد

أمنحهم تاج جمال بدل الرماد..

ودهن سرور بدل النواح..

أمنحهم رداء تسبيح بدل اليأس..

فيُدعَون أشجار البرّ..

وغرسا ربّانيا يتمجّد حقا.

فيعمّرون الخرب القديمة..

ويبنون دمار النفوس الغابر..

ويرمّمون المدن المتهدمة..

والرمم التي انقضت عليها أجيال..

لأعلن سنة الربّ المقبولة..

ويكون فرحهم أبديا"..!

 

فلما سمعه الناس دهشوا وتساءلوا: من أين له هذه الحكمة، وهذه المعجزات؟.. أليس هو ابن النجار، أليست أمه تدعى مريم، أليس اخوته يعقوب ويوسف وسمعان، وجميعهم عندنا؟.. فمن أين له هذه كلّها؟..

 

(2)

وبعدما تعمّد في مجرى نهر الأردن، على يد يوحنا المعمدان، بدأ في اختيار تلاميذه، وبعضهم كان من تلاميذ يوحنا من قبل، أمثال: أندراوس بن يونا شقيق سمعان بطرس /(من بلدة صيدا)، ويوحنا بن زبدي شقيق يعقوب. وكان يوحنا ويعقوب بني زبدي شركاء بطرس في صيد السمك في بحيرة الجليل/ طبرية/ جنيسارت.

ويلحظ ان ثمانية من التلاميذ هم أشقاء. فإلى جانب المذكورين آنفا، ثمّة: يهوذا وشقيقه يعقوب بني حلفي، وفيلبس ونثنائيل الذي هو برثلماوس، أما الأربعة الآخرون الأفراد فهم: لاوي الذي هو متى وتوما وسمعان الغيور ويهوذا الاسخريوطي، وأغلبهم من مناطق الجليل –شمالي فلسطين وجنوبي لبنان اليوم-، ومن صيدا اللبنانية تحديدا، ما عدا يهوذا الاسخريوطي الوحيد الذي من منطقة اليهودية جنوبي فلسطين.

صفة – تلميذ- حمّلت أكثر من معناها، وعزلت عن سياقها اللغوي، بينما هي ارتباط وإحالة على صفة – معلّم/ رابٍ- التي عُرف بها يسوع.

وكانت المدارس معروفة في فلسطين وسورية في ذلك الوقت، ويطلق على من يتولّى التعليم صفة (معلم)، ولا يذكر إذا كان يسوع قد مارس التعليم في احد تلك المدارس الدينية أو العلمانية، اليهودية أو اليونانية/ الرومانية.

لكنه كان معروفا في المجامع، ومشهورا بين الناس. ويمكن القول انه كان معلما شعبيا، ينشر أفكاره وتعاليمه بين الباعة والمارة المتواجدين في الساحات والشوارع، ويذهب بنفسه الى القرى والقصبات البعيدة يعلم ويشفي، له سلطان الكلمة، وسلطان الشفاء والتحكم في الطبيعة.

ظاهرة التعليم المتجول في الاسواق والشوارع تحيل على تاريخ الفلسفة الأثينية القديمة، ولاسيما في عصر سقراط وما قبله. 

وكان من دأب معلمي الاغريق اتخاذ تلاميذ يستودعونهم خصوصيات أفكارهم ومعارفهم، مما لا يحتمل العامة ادراكه. ونعرف ان يسوع كان يكلم الناس بالامثال/ الأمثلة لغرض توصيل المعنى وترسيخه في أذهانهم؛ أما التلاميذ -من خاصته- فكان يكلمهم مباشرة من غير امثال توضيحية /(مرقس 4: 11).

 

(3)

وبينما كان الناس يتعجّبون من كل ما عمله يسوع، قال لتلاميذه: لتدخل هذه الكلمات آذانكم: ان ابن الإنسان على وشك ان يُسلَّم الى أيدي العالم، إلا أنهم لم يفهموا ايضا هذا القول، وقد أغلق عليهم فلم يدركوه.- لو 9: 43- 45

فلما سمعه بعض تلاميذه، قالوا: ما أصعب هذا الكلام!. من يطيق سماعه؟ فقال لهم يسوع: أهذا يبعث الشكوك في نفوسكم؟

فماذا لو رأيتم ابن الإنسان صاعدا الى حيث كان من قبل؟

الروح هو الذي يعطي الحياة، أما الجسد فلا يفيد شيئا!.

الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة. ولكن بعضا منكم لا يؤمنون.

ومن ذلك الوقت، هجره كثير من أتباعه، ولم يعودوا يتبعونه!.

فقال لتلاميذه: وأنتم!.. أما تريدون أن تذهبوا مثلهم؟..

ثم قال لهم: أليس أنا اخترتكم، انتم الاثني عشر،

ومع ذلك، فواحد منكم شيطان!!.-(يو 6: 60- 64، 66- 67، 70)

 

رافق التلاميذ المعلم حتى ايامه الاخيرة، دون ان يظهروا جدارة التلميذ في وراثة معلمه. في الستة أشهر الأخيرة من خدمته، ارسلهم مرتين للكرازة والتعليم في القرى والقصبات على طريقته في التعليم والشفاء.

المرة الأولى أرسل الاثني عشر تلميذا، وفي المرة الثانية ارسل اثني وسبعين تلميذا، كل اثنين يسيران معا. ورغم نجاحهم في المهمة، فقد واجهتهم مواقف لم يعرفوها من قبل، فلم يعرفوا الخروج منها بأنفسهم.

أما الاختبار الآخر، فقد كان على جبل التّجلّي، في الليلة الأخيرة قبل القبض عليه، حيث طلب منهم انتظاره والاتحاد معه في الصلاة، عاد اليهم ثلاث مرات، ووجدهم سادرين في نوم.

في المرتين الاولين كان يعمد لإيقاظهم بلا طائل، أما في الثالثة، فلم يعد ذلك مجديا، وقد اقترب سنا الفجر. فخرج الى بستان جثسيماني، حيث كان الجنود بانتظار القبض عليه برفقة يهوذا الاسخريوطي/ تلميذه الخائن، وهو امين الصندوق.

فالخيانة دائما تقترن بالمال والمادة والطمع.

 

(4)

يسوع المعلم، هو أيضا يسوع الحكيم – كما لدى الاغريق- وهو كذلك العارف المستنير صاحب الخوارق، ابتدأ اعلان أفكاره ومواقفه في القول والفعل، أو العكس، الفعل والقول:

فعلا: مع اقتراب عيد الفصح، صعد الى أورشليم، فوجد في الهيكل باعة البقر والغنم والحمام، والصيارفة جالسين الى مكاتبهم، فجدل سوطا من حبال، وطردهم جميعا من الهيكل، مع الغنم والبقر، وبعثر نقود الصيارفة وقلب مكاتبهم. وقال لبائعي الحمام: اخرجوا هذه من هنا. انتم جعلتم بيت أبي مغارة لصوص، وهو بيت العبادة يدعى!.

وتصدّى له بعضهم، قائلين: بأي سلطة تفعل ما فعلت؟..

فأجابهم: اهدموا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيام أقيمه.

فقال بعضهم: اقتضى بناء هذا الهيكل ستة واربعين عاما، وأنت تقيمه في ثلاثة أيام!..

ولكنه كان يشير الى هيكل جسده!. / (يوحنا 2: 13- 21)

 

قولا: لا يمكن لأحدكم أن يخدم سيّدين: الله والمال!. لأنه إما أن يبغض احدهما فيحبّ الآخر، وإما أن يلزم أحدهما فيهجر الآخر. لا يمكنكم أن تكونوا عبيدا لله والمال معا. / (مت 6: 24)

والموقف من المال واضح وثابت ولا يقبل المساومة، في جوهر التعليم اليسوعي، مهما حاولت الرأسمالية الدينية تبريره وتسويغه عبر التاريخ، أو تفلسَفَ الوعُّاظُ المعاصرون من أتباع ديريك برنس.

الواقع ان المال هو فايروس الدين، ان لم يكن القاعدة الاساسية والارضية المنتجة للفكر الديني والنظام المؤسساتي النافذ عبر سلسلة المراجع الدينية وابنية المعابد والكنائس والمساجد وأنظمة العبادة وتزلّف الله ووكلائه عبر التبرعات والقرابين والانفاق على المؤسسة الدينية من تحت.

 

فأي خطوة لتحرير لبشر من آفة الدين، أو تنظيف الدين من أوساخ العالم، واثبات مصداقية الاصلاح الديني ونقاء الكليرك، يجب ان تبدأ بنفي المال من المؤسسة والنظام والفكر.

وان من مظاهر العار والعبودية الدينية، ان يفرط الناس بعرق جبينهم، ويقتطعوه من نسغ حياتهم وحياة اطفالهم وعوائلهم، لتسمين حيتان الدين، ودعمهم ليزيدوا استبدادا وتسلطا على الفقراء والبروليتاريا الدينية المستلَبة.

ومن غير وعي البروليتاريا، وانتهائها عن تبعية الاقطاع والرأسمالية الدينية، وتقديم المستلزمات المالية والمادية والاجتماعية لتسلّطهم، لا أمل في تنظيف مجاري الحياة البشرية، وعودة الإنسان الى ذاته وضميره.

 

وان من التناقض بمكان، ان يتبجّح الناس بالكفاح السياسي والتمرّد على الحكّام ومهاجمة الدولة، بينما هم بنبطحون مع عوائلهم وعشائرهم تحت أقدام الإقطاع الديني وتماسيحه، فيما أوضاعهم تزداد تردّيا وسوءا.

 

فالطاغوت، منذ البدء، كان ثالوثا: مثلث الرؤوس، الديني والسياسي والمالي. وعلى مدى التاريخ كان الثلاثة متعاضدين في قهر كيان الإنسان وكسر قفاه لمصلحة بقائهم. وقد يتّفق اثنان منهم ضدَّ الثالث، وقد يتحاربون ضدَّ بعضهم، مستخدمين اولاد الخايبات، من ضعفاء العقول وعديمي الرأي لخوض الحرب بدلا عنهم، والموت على مذابحهم.

وهذا هو الدرس الاول الذي نتعلمه من قصة الخليقة البابلية، قصة الآلهة التي صنعت الإنسان لخدمتها وتقديم الطعام لها، من الأبقار والماعز، فإن لم يكن، تقديم أطفالها وأنفسها قرابين بشرية رخيصة.

ومنذ أربعة آلاف عام، لم يدرك البشر، حقيقة خدعة الدين، ولم يجرؤوا على الاقتراب من سبيل التحرير والكرامة.

والدرس اليسوعي تأكيد مكرر لتلك الحقيقة، وهو رسالة تحرير وتنبيه  للناس بأوضح وأسهل وأقصر السبل.

 

بناية المعبد/ الكنيسة/ المسجد مسجلة في دائرة البلدية والعقار، وعليها من الضرائب والأجور والفواتير الحكومية وغير الحكومية ما يغطّي رسومها ونفقاتها، يضاف لها أجور ورواتب الطاقم الديني المستثمر للمبنى؛ ما يجعلها في عوز مستمر لتغطية التكاليف المالية والمادية، فيما تزعم انها مؤسسة روحية.       

وفي السنوات الأخيرة عاد الغرب لإعادة بناء الكنائس القديمة وتحويلها الى عمارات سكنية أو أسواق، مع تخصيص قاعة أو رواق للصلاة. وبذلك تتحول الكنيسة او راعيها الى مالك/ رجل اعمال، تتجمّع بيده عوائد الإيجارات والأرباح، بذريعة تغطية نفقات المبنى ونفقاته الشخصية مع طاقمه الديني.

كما ان موضة الجمعيات الارسالية والخدمية التي انتشرت مؤخرا، وتتضمن كوادرَ وفروعا لها في البلدان الاخرى، ليست غير مؤسسسات تجارية مالية، يدخل اصحابها في نادي المليون، يقيمون في قصور فارهة، ويتنقّلون بطائرات خاصة، وترتبط مؤسساتهم بشبكة مؤسسات خدمية ومالية واقتصادية، تحت عنوان الخدمة الروحية ورسالة يسوع.

أما وسائل الاعلام التكنولوجية والالكترونية وشركات الطباعة والتوزيع بلغات مختلفة، التي تشمل وسائل الاذاعة والتلفزة والمجلات والصحف والدوريات والكتب ومنشورات البايبل، فهي مؤسسات تابعة للوُعّاظ أو جمعياتهم، وقد تكون مستقلة بذاتها، تصف نفسها بمؤسسات خدمة طوعية غير ربحية، وتنهال عليها التبرعات من الافراد والمؤسسات بغير حساب.

 

لقد ازدهر النظام الرأسمالي من خلال مؤسسة الدين وطبقة الرأسمالية الدينية، كما ازدهر الدين التجاري والرأسمالية الدينية في احضان النظام الرأسمالي، ودور الرأسمالية الامبريالية في انتاج جمعيات دينية عولمية، محمية من التدخل الحكومي.

من هذا المنظور ايضا، يمكن فهم التحامل الديني على النظام الاشتراكي وبلدانه السابقة، سواء تحت عنوان الحريات وحقوق الإنسان، او عنوان الحرية الدينية والحق الالهي. وهي نفس الدعاية الامبريالية الغربية ضد المعسكر الاشتراكي ايام الحرب الباردة، وضد الاشتراكية والماركسية اليوم.

ولكنها في حقيقة الامر، بكاء على العوائد المالية للاقطاع والرأسمالية الدينية، ورثاء لطبقة الاقطاع الديني الطفيلية التي لا تسمح بها طبيعة النظام الاشتراكي، وسياسة سيطرة الحكومة على مؤسسات الدولة والمجتمع.  

 

قد يمكن فهم سبب تعامي الكليرك عن احترام وصية يسوع/ (مت 6: 24)! ولكن ما لا يفهم، هو اصرار الناس على تبعيتهم وعبوديتهم لرجال الدين، فيما يطالبون بالحريات السياسية والشخصية واحترام حصتهم من حقوق الإنسان.

فالتغيير والتحرير يبدأ من الفرد نفسه..

ولا عزاء لمن لا يبدأ من ذاته، منتظرا معجزة أو هبة خارجية.

 

(5)

ثمة اتجاهان في خطاب يسوع: احدهما شديد ونقضي مع طبقة الكليروس الديني؛ وثانيهما رحيم وودي مع طبقة الفقراء والبروليتاريا الشعبية.

والغريب ان النقطة الاولى تم تعويمها وتهميشها، وفي احسن الاحوال اعتبارها ظاهرة منقطعة زمانا ومكانا، بينما هي ظاهرة متصلة في كل زمان ومكان. ولا يمكن قصر خطب يسوع وتقليصه عن البعد الفكري والتاريخي العام.

ولو وجد في زمن يسوع ومحيطه طبقة دينية غير الفريسيين وكتبة اليهود، لخاطبهم بالمضمون والشدّة ذاتها. كلام يسوع لا ينحصر باليهود ولا اليهودية، وانما هو يعني الدين عموما، ورجال الدين حيثما كانوا. ولكن النظام الديني والكهنوتي نجح – الى حد ما- في اختزال افكار يسوع وتقليص شخصيته وحصرها في هامش ضعيف ومرن، على عكس الحقيقة.

 

ان أي قراءة لوصايا يسوع وسيما الموعظة على الجبل، وتأمل شخصه، يؤكد رؤيته الجذرية في حل وتفكيك الارضية التي تنبع منها مشاكل البشر وتستوطن أزماتهم الدائمة، عبودية الجسد، وعبودية الكليروس. وكل ما عداها ينبع ويقوم ويتصل بهاتين المعضلتين.

لذلك كانت العلاقة بنيوية وأصلية بين مفهوم الطبقة ومفهوم المادة/ الجسد. الطبقة تدافع عن حصنها الذي هو المادة، ومكانتها في الترف والتمايز الجسدي والاجتماعي.

ثم نقول ان البشر اخوة، وتصدر الرأسمالية الغربية ميثاق حقوق الإنسان الذي يتحدث عن المساواة والتآخي – شعارات الثورة الفرنسية-، ولكنها –أي الراسملية الغربية- تقوم على الطبقية والاستغلال والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي.

هذا هو الرياء، والخطاب المزدوج الذي كشفه يسوع في رياء الكليرك/ خمير الفريسيين، وتنافض كلامهم مع سلوكهم ومواقفهم الخاصة. رجل الدين/ السيد النائب عن الاله، والبشر هم العبيد المحكوم عليه بالطاعة والخضوع وتقديم الخدمة والقرابين بما فيها نفوسهم ودماؤهم.

ما الذي يمنع الناس البسطاءء من قراءة كلمات يسوع ووصاياه البسيطة، من غير هوامش وأطر طائفية وأحكام مسبقة؟.. يمنعهم عنها الوُعَّاظ والكليرك، لكي تبقى الحقيقة مغيبة، وتستمر عبودية العقول والنفوس للمامون والماموث.

 

(6)

يسوع يفضح الكليرك..

"احذروا من الكتبة والفريسيين

الذين يحبون التجوال بالثياب الفضفاضة

ويحبّون تلقي التحيات في الأماكن العامة

ويتصدرون المجالس في الاجتماعات

وأماكن الصدارة في الولائم

يلتهمون بيوت الأرامل

ويتذرّعون بإطالة الصلوات

هؤلاء ستنزل بهم،

دينونة أقسى."-(لو 20: 46- 47)

"احذروا الانبياء الدجالين

الذين يأتون اليكم

لابسين ثياب الحملان،

ولكنهم من الداخل

ذئاب خاطفة!

من ثمارهم/سلوكهم، تعرفونهم.

هل يُجنى من الشوك عنب؟..

أو من العلّيق تين؟..

هكذا كل شجرة جيّدة، تثمر ثمر جيّدا..

أما الشجرة الرديئة، فثمرها رديء مثلها"!- (مت 7: 15- 17)

"ان لم يزد برّكم على برّ الكتبة والفرّيسيين،

فلن تدخلوا ملكوت السموات أبدا"- (مت 5: 20)

خذوا حذركم من خمير الفرّيسيين!.

/ مت 16: 6 (المقصود بالخمير هو الرياء والمراءاة)

لابد لابن الإنسان ان يمضي الى اروشليم،

ويتألم على ايدي الشيوخ والكتبة ورؤساء الكهنة،

ويُقتَل، وفي اليوم الثالث يقوم./ مت 16: 21

اغرب من أمامي يا شيطان،

انت عقبة أمامي،

لأنك لا تفكر بأمور الرب،

بل بأمور الناس!/ مت 16: 23

كثيرون سيأتون من المشرق والمغرب،

ويتكئون في ملكوت السموات،

أما – المحسوبين عند أنفسهم- بني الملكوت،

فيطرحون في الظلمة الخارجية،

هناك يكون البكاء/(الندم)،

وصرير الاسنان/(اليأس التام)/ (مت 8: 11- 12)

"في يوم الدينونة..

سيقول كثيرون: يا ربّ!.. يا ربّ!

أليس باسمك تنبأنا؟..

وباسمك طردنا شياطين؟..

وباسمك عملنا معجزات كثيرة؟..

ولكني حينئذ أقول لهم:

انا لا أعرفكم..

ابعدوا عني يا فاعلي الاثم!"- (مت 7: 22- 23)

"فأني أقول لكم: ان كثيرين

سيسعون للدخول من الباب الواسع

فلا يتمكنون!..

ويبدأون بالتجمع خارجا..

ويقرعون قائلين:

يا ربّ افتح لنا!

فأجيبكم قائلا:

لا أعرف من أين أنتم!

عندئذ يقولون:

أكلنا وشربنا بحضورك

وعلّمت في شوارعنا!..

وسوف أقول لكم:

اغربوا من أمامي

يا جميع فاعلي الأثم

أنا لا أعرفكم!

هناك سيكون البكاء

وصرير الأسنان!"-(لو 13: 24- 28)

أنكم تبررون أنفسكم أمام الناس

ولكن الأب يعرف قلوبكم

فما يعتبره الناس رفيع القدر

هو رجس عند الأب!"- (لو 16: 15)

"أنتم تؤمنون ان الله واحد؟..

حسنا تفعلون!

والشياطين أيضا تؤمن بهذا!

ولكنها ترتعد خوفا من الله."-(يع 2: 19)

"كان الفريسيون أيضا،

 وهم محبّون للمال،

يسمعون ذلك كلّه،

فاستهزأوا به!."- (لو 16: 14)

(7)

انتصر للفقراء والمساكين (بروليتاريا التاريخ)..

"ادخلوا من الباب الضيق!

لأنه واسع، الباب المؤدي الى الهلاك،

وطريقه رحب!

وكثيرون الذين يدخلون منه.

ما أضيق الباب، وأعسر الطريق

المؤدي الى الحياة،

وقليلون الذين يهتدون اليه"!- (مت 7: 13- 14)

من اراد أن يتبعني، فلينكر نفسه

ويحمل صليبه، ويتبعني!

من أراد أن يخلّص نفسه، يخسرها.

ومن خسر نفسه من أجل الكلمة،

يجدها. – (مت 16: 24- 25)

طوبى للمساكين بالروح،

فأن لهم ملكوت السموات،

طوبى للحزاني، فأنهم سيعزّون،

طوبى للودعاء، فأنهم سبرثون الأرض.

طوبى للجياع والعطاش الى البرّ،

فأنهم سيشبعون.

طوبى للرحماء، فأنهم سيُرحَمون.

طوبى لصانعي السلام،

فأنهم أبناء الله يدعون.

طوبى للمضطهدين من اجل البر،

فان لهم الملكوت.

طوبى لكم،

متى أهانكم الناس واضطهدوكم،

وقالوا فيكم من اجلي كل سوء.

افرحوا وتهللوا،

فإن مكافاتكم في السموات عظيمة./ (مت 5: 3- 12)

*

 

 (8)

لم يكن يسوع بلا موقف، لم يكن ضعيفا، لم يكن وسطيا ولا مداهنا، لم يكن ممثلا ولا انتهازيا، ولم يكن خائفا من السلطات الرومانية ولا من حيتان الدين وتماسيحه.

لم يطلب شيئا لنفسه، ولم يعرف الترف او النعومة او الرغبات والمطامح الجسدية والدنيوية، ولم يخالف كلامه سلوكه، ولا ناقضت أفكارُه مواقفَه. وعندما واجه الموت، لم يطلب من الناس جيوشا وحمايات تمنع عنه السلطات، ولا ترك الناس يموتون ويقتتلون بسببه. انما و نفسه، مات من اجل الناس، بذل دمه وفكره، ليساعد الناس في خلاصهم.

من يتبع يسوع، او يزعم نفسه من اتباعه، ويحمل اسمه، عليه ان يتمثّل به وبسيرته وبفكره ووصاياه. وهو القائل: من آمن بي واتّبعني وعمل بوصاياي، يكون تلميذا ويعرف الحق، والحقّ يحرّره!..

فهل جيوش الكهنة والرهبان والقساوسة والرعاة والوُعّاظ والخدّام- في السميحية او غيرها من الديانات المفبركة- يرتقي الى مدرج يسوع، ام هو قادر ان يستغني عنه في تجارته الكلامية..؟!

كيف الذي أدان الكليروس وفضحهم امام الناس والسلطات، يسمح بظهور طبقة كليروسية او وُعّاظ يتسلّطون بتجارة الكلام وسرقة الأفكار ورياء الأخلاق على أذهان الضّعفاء والسذَّج، مستخدمين الوعود والوعيد.. اولئكك الذين لم تتغير سياستهم وأساليبهم وأفكارهم عبر التاريخ وعلى اختلاف الأديان والثقافات..

لا تبخسوا يسوع كلماته ولا تسعوا في تزوير أفكاره وتحريفها – ان كنتم غير مغرضين-، لان أعداء يسوع هم الكهنة والاقطاع وعبّاد مامون على مدى الزمن.

يسوع لم يعمّدأ بيده..

لم يرسم كاهنا او راهبا او واعظَ دين

يسوع لم يعيّن أحدا لخلافته

أو وصيّا او وكيلا عنه

كما فعل موسى وغير موسى.

لان علاقة يسوع بالإنسان علاقة مباشرة بغير وسيط، وبغير شروط. والعلاقة هاته اسمها رابطة الروح القدس، رابطة شخصية روحية ليس فيها ثالث.

في مناسبة احتفالات الميلاد، جاء يسوع غريبا، وعاش غريبا، في حياته وفكره ومسلكه، ومات غريبا. فكان غريبا في كل الغربات، وطوبى للغرباء!.

الحياة كلمة، والوجود فكرة!

!

 

لامات يسوع- ج 1

وديع العبيدي

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.