3

:: "عيد ميلاد مجيد" للشاعر الكبير مظفر النواب..! ::

   
 

التاريخ : 20/12/2016

الكاتب : وديع العبيدي   عدد القراءات : 1458

 


 

الأعياد الحقيقية هي مناسبات للتذكّر والحفاوة والاجتماع، والمشاركة في المحبة والوصلة الانسانية والانتماء الروحي المشترك.. ذلك ما تعلمته في طفولتي من مناسبة العيد الدوري والسنوي..

وإذا كان ثمة كثيرون يستحقون التذكر في حياة كل فرد، فإن أَولى الجميع بالتذكر والتحية والاحتفاء اليوم – بالنسبة لي- هو الاستاذ المفكر والشاعر الكبير مظفر النواب، شاعر القصيدة الموقف، والموقف التاريخ.. الشاعر الذي جمع القصيدة بالموقف، الموقف بالشجاعة، والشجاعة بالصراحة المطلقة، للمرة الأولى في تاريخ الثقافة العربية المعاصرة..

فإليه.. الى روحه النبيلة وخلقه السامي، كما عرفته عن بعد وعن قرب.. أينما كنت من هذا العالم الضيق والمحدود.. أقول لك تحية وألف تحية.. وأقبلك قبلة المحبة الأخوية، وأتضع أمامك اتضاع التلميذ أمام المعلم.. وأعترف أن قصائدك وكاسيتاتك كانت من مصادر تكويني وثقافتي الأولى.. عندما كان ثمة ما يزال للنقاء والسمو والكلمة معنى وفضاء يجمع قلوب المغتربين..

 

كنت أتمنى اختزال الكلمة باللقاء.. واختصار المشاعر بالعناق.. ولكن حسبي ان الكلمة الأثيرية هذه ستجمعنا في أسمى نقطة يمكن ان تنوجد في السمو.. محبتي سيدي واستاذي، وليس مثلك.. أحظى واجدر بالحب والتحية والاكرام والتقدير..

*

لا أدري.. كيف كانت صورة الشعر والادب العربي المعاصر، ستبدو من غير اسم مظفر النواب وشعره وشجاعته.. لا أدري كيف كان معنى العراق سيكتمل ويحتفظ بالقليل المتبقي من معناه وجلاله لو لم يكن مظفر النواب عراقيا –رغم أنف كل شيء.. كأنه خلق توأما والعراق في لحظة التكوين الأزلية..

أحيي فيك ابتسامتك - يا أبا عادل الورد-، وأحيي ضحكة عينيك الدائمة، وأحيي صمتك الجليل الذي يفلق الصخر. ولا يتصور كثيرون.. ان الشاعر الوحيد  الذي صرخ في وجه طواغيت الظلام.. له صمت الحجر.. عندما يكون الصمت موقفا.. ويكون الكلام غثاء..

تحية للأرض والبلد والمدينة والبيت والقلب الذي بقي معك، وأنت سيد القلوب والاوطان.. والأبقى حين يجر الاخرون مذلتهم..

نعم.. ابعث لك هذه التحية.. عني وعن كثيرين يقفون معك الآن!

*

عيد الميلاد المجيد هو مناسبة فريدة للفرح والمحبة والسلام الحقيقي.. اعلان تاريخي لقرار التغيير واطلاق بداية جديدة.. عندما يصرخ المؤمن المسيحي الى ربه (خذ مني قلب الحجر، واعطيني قلبا لحميا).. قلب يشعر بالمحبة ويتسع لها.. قلب يستطيع ان يعاني ويتألم، ليشعر بمعاناة الاخرين.. قلب يؤمن بالسلام ويعمل من اجله.. ويريد للسلام ان يسكن في قلبه كما في قلوب الجميع..

وبهذه المناسبة ادعو الجميع لهذا السلام.. للمحبة الانسانية والفرح الحقيقي.. التي ليس ثمة أسمى وأنبل منها في الوجود.. أدعو الجميع لاستعادة المشاعر والقيم والمبادئ الحقيقية التي مسختها الامبريالية الفاشية، والعودة الى الذات الحقيقية.. الى النبع الأول والنهر الذي ما بدّل مجراه..

"أنا يقتلني نصف الموقف..

نصف البرد ونصف الدفء!"..

وفي سفر الرؤيا(3: 15): "اني عالم باعمالك، واعلم أنك لست باردا ولا حارا. وليتك كنت باردا أو حارّا!".

ويقول للذاهبين في غبار الامبريالية ايضا: "تقول: انا غني، قد اغتنيت ولا يعوزني شيء. ولكنك لا تعلم انك شقي، بائس، فقير، اعمى، عريان. نصيحتي لك ان تشتري مني ذهبا نقيا، صفته النار، فتغتني حقا؛ وثيابا بيضاء تستر عريك؛ وكحلا لشفاء عينيك، فيعود اليك البصر"!.

دعوة عامة للمراجعة.. للتذكر.. واستذكار المبادئ الاصيلة وأعمدة ثقافتنا الحقيقة.. لأنه لا حياة بلا ثقافة حقيقية، ولا وجود بلا مبادئ أصيلة..

*

لقد ذكرتك هذا اليوم بشدة.. واستذكرت شريطا من الذكريات والقصائد.. ولم أسمح للمناسبة ان تمر، من غير اعلان ونداء وتحية، بعدما تراكم الثلج وسكّر المسافات ما بيننا.. فيا قلوبنا اشتعلي.. اشتعلي أكثر وأكثر.. حتى تتحولي الى جمرة تذيب ثلج الطرقات..

*

أبا عادل المجيد.. تحية حب واكبار، لروحك وكلمتك وابتسامتك، في عيد الميلاد المجيد.....

 

تلميذك دائما..

    لندن- في العشرين من ديسمبر 2016

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.