3

:: أمطارٌ مبلَّلةٌ بالقصائد (أيلوليَّات) ::

   
 

التاريخ : 28/09/2016

الكاتب : نمر سعدي   عدد القراءات : 1244

 


 

 


غيمة ضيِّقة


الفراشةُ وردتها مغلقة
البحارُ التي هَدهدَتْ حبرَ روحيَ
حتى النعاسِ الأخيرِ أصابعها مغلقة
المساءُ الذي لا يؤدِّي إلى من أُحبُّ شوارعُهُ مغلقة
الحبيبةُ في آخر الأرضِ خائنةٌ تتسلَّى بعشاقها اليائسينَ
ولا تتملَّى بغيرِ طلاءِ أظافرها...
جسمُها مغلقٌ... روحُها مغلقة
القصيدةُ أيضاً تخونُ وتسخرُ مني 
كما يسخرُ الكافرونَ من الأنبياءِ
إذن كيفَ يوماً سأسكنُ في ضلعِ أنثى
وفي غيمةٍ ضيِّقة؟
*********

شمسُ الأوراس

أوَّاهُ لو سيكارةٌ واحدةٌ من تبغكِ العطريِّ
في فمي تربُّ حبقَ الأنفاسْ
تعدلُ لي رأسيَ أو تعادلُ الخمرةَ في شعرِ أبي نواسْ
أوَّاهُ لو حديقةٌ عاليةٌ تعلِّقُ الأسماكَ في خلخالكِ المائيِّ
مثلَ فضَّةِ الحواسْ
يشهقُ آسُ القلبِ في الجليلِ كلَّما همستُ اسمكِ
أو تنفَّست شمسُكِ في الأوراسْ
ألمُّ كحلَ الذَهبِ الأحمرِ عن جلدكِ
كالمنقبِّينَ عن فتاتِ الضوءِ
أو كطائرٍ ينقرُ حبَّ القمحِ عن خصركِ
كم قهرتِ لي دمي الذي آمنَ أنَّ الأرضَ مستطيلةٌ
يسقطُ في آخرها العشَّاقُ 
مثلما قصَصتِ مرَّةً عليَّ تضحكينَ من سخافةِ الحبِّ
أكُلُّ امرأةٍ سواكِ من طينٍ وأصدافٍ ومن نحاسْ؟
***********

إنسحبي كالحديقةِ منِّي

أخرجي من دمي
أو قفي لحظةً
لستُ أقوى على الانهيارِ أمامَكِ منتصفَ الحبِّ 
منتصفَ الدربِ
قلبي يخونُ ولا تستقرُّ شفاهي على لغةٍ
في الصباحِ سوى غمغماتِ الطيورِ 
سوى خفقِ روحكِ
في الماءِ والريحِ
لا تقفي 
بل قفي / انصرفي /انخطفي / انكشفي 
في المرايا وفي نزقِ الشِعرِ
من دونما ريبةٍ 
حاولي الآنَ حملَ الفراشةِ عن كاهلي
مرَّةً مثلما تحملينَ بكاءَ الندى
حاولي شيلَ نهرٍ على كتفينِ من الغيمِ
لا تذهبي في دمي الآنَ أكثرَ
وانسحبي كالحديقةِ منِّي
بكاملِ نرجسكِ المتأنِّي
***********

لستُ بعاشقٍ يا حاءُ كي أرثيكِ


أنا كاذبٌ في كلِّ ما قد قلتُ
لا بل صادقٌ
لا لستُ أدري...
كاذبٌ أو صادقٌ سيَّانِ عندي الآنَ
روحي غيمةٌ
عينايَ نرجستانِ
قلبي خفقةٌ بيضاءُ من صلصالكِ الحافي
فمي قمرٌ حليبيٌّ
شفاهي وردتانِ صغيرتانِ تطوِّقانِ الماءَ
لستُ بشاعرٍ
أو غافرٍ لكِ ما فعلتِ
دمي يئنُّ وراءَ ما انتبذَتْ خطاكِ من الظهيرةِ
وانحسارِ الأقحوانةِ في النهارِ اللولبيِّ
وفي اعترافاتِ الفراشةِ بالخطيئةِ في أثينا...
حكمتي خرقاءُ من دونِ انصياعِ مجازكِ السحريِّ لي...
عبَّأتُ قلبي بالرمادِ 
ولم أُرتِّبْ ما تناثرَ من دمي القزحيِّ في رؤيايَ
حينَ ذهبتِ ماتَ الوردُ... ماتَ الليلُ ...
لستُ بصادقٍ أو واثقٍ 
بكِ بعدَ هذا اليومِ 
أو بغيابكِ الكليِّ عن نَزقي وعن حبَقي
ولستُ بعاشقٍ يا حاءُ كي أرثيكِ أو بمنافقٍ
لكنني سأقولُ حينَ أقولُ
هل كلُّ النساءِ يكِدْنَ مثلكِ أو يخُنَّ بلا مبالاةٍ؟ 
وهل ما زالَ من شيمِ النساءِ الغدرُ؟
يا حاءَ الحنانِ/ الحبِّ / حبرِ فراشةٍ حمراءَ /
حلمِ حرائقي الأولى / حليبِ الشِعرِ /
يا نونَ الندى / النسرينِ / ناياتِ النوى النسويَّةِ / الناسوتِ /
يا ألفَ الأوامِ / أريكةِ الأبدِ / الأسى / الأسماءِ /
أندلسي / أنايَ / أنينِ روحي / أنَّتي / ألمي /
ويا نونَ الندامةِ والنديمةِ 
والنسيمِ الناعمِ النهريِّ/ نيساني / ونسياني /
نداءِ النارِ / نوحِ نهايتي / نزَقي / 
نساءِ الأرضِ في امرأةٍ /
نسيجِ عشيقتي بنلوبي /
لا تتسلَّقي الأعذارَ كالأشجارِ
لا تتخلَّقي بالطيبةِ العمياءِ
وحدي آنَ ليَ بعدَ انطفائكِ وانتهائكِ 
أن أشعَّ وأن أكونْ
***********

قصيدة قابيل

قابيلُ يا ابنَ أبي وأمي 
يا شبيهَ القلبِ أنتَ
ويا شقيَّ الحبِّ
يا ابنَ اللحظةِ البيضاءِ كالثلجِ النظيفِ من الغبارِ أو الندامةِ
يا بهيَّ الوجهِ مثل الياسمينةِ في الركامِ المدلهمِّ 
بزهرةٍ في الليلِ لا تَهَبُ الندى صلصالَها العاجيَّ
أينَ دمي؟
بكاءُ المجدليَّةِ أينَ؟
روحي أينَ؟
عنوانُ الحبيبةِ أينَ؟
أينَ فمي الذي يرتاحُ في نوَّارةِ الرمانِ؟
أينَ صدى حطامِ خطايَ في الفردوسِ؟
أينَ خطيئتي في الأرضِ؟
عشقُ سجائري الآليُّ.. فوضايَ الجميلةُ أينَ؟
نايُ أنوثةٍ قد يُرشدُ الأضلاعَ للنعناعِ أو للنارِ
في حلَكِ الفضاءِ أو الفراشةِ أينَ؟
أينَ قصيدتي.. منقارُ قبَّرةٍ على بابِ الصباحِ الرطبِ أينَ؟
ونسوةٌ منهنَّ تنضحُ رغوةُ الليمونِ والخوخِ الشَهيَّةُ أينَ؟
يا قابيلُ من حجرٍ طعنتَ بهِ دمي الشفهيَّ
أو ديوانَ خاصرتي إلى قمَرٍ 
ورودُ أصابعي تمتدُّ 
أسماءُ الظباءِ ومسكُها يمتدُّ
يا قابيلُ حقدُكَ لا يُخيفُ براءةَ المطَرِ الخفيفِ 
ولا يضيفُ إليَّ حزناً طيِّباً كحنينيَ الروحيِّ
أو كوداعةِ الأطفالِ حينَ يهدهدونَ الحلمَ
سوفَ تموتُ أنتَ 
وفيَّ نورسةٌ ونرجسةٌ وبحرُ قصيدةٍ زرقاءَ
فيَّ الليلكُ الملتاعُ 
لي وقتٌ قليلُ الضوءِ بينَ رمادِ هاويتينِ
صمتٌ بينَ مزمورينِ أو سيفينِ يا شيلوكَ
خذْ من دمعتي أو بسمتي ما شئتَ
لي شمسٌ.. رخامُ الفلِّ 
ماءٌ بينَ سنبلتينِ ظامئتينِ
لا... لا وقتَ لي.. لا صمتَ.. 
لا ماءٌ ولا بحرٌ ولا شمسٌ ولا رؤيا
وعليَّ أن أحيا وأن أحيا وأن أحيا.
**********

طفلة


الطفلةُ التي تختلجُ وتشهق في حضرةِ الموتِ
الطفلةُ التي تختلجُ وتشهق كأنها سمكة في صحراء
الطفلةُ التي يخرج من فمها الزبد الأخضرُ
الطفلةُ التي لا أرى سواها 
الطفلةُ التي ماتتْ وهم يسكبون على وجهها الماءَ والهواءَ
الطفلةُ الطفلةُ الطفلةُ إلى ما لا نهاية
هذه الطفلةُ هي ابنتي التي لم ألدها.
**********

أرى كلَّ ما لا أرى

أُضيءُ بذَّرةِ رملٍ دمي 
وأصابعَ هذا الفراغِ الذي
يتعهَّدُ دمعَكِ بالماءِ أو بالطيورِ
فهل من سماءٍ خلاسيَّةِ القلبِ والقمرِ الذئبِ 
نلهو بأحزانها
ثمَّ نسبحُ فيها ونرمي بصلصالنا من عَلٍ؟
آهِ.. هل كنتِ حقَّاً معي
عندما نفضَ الغيمُ عن دمنا الوردَ والشوكَ؟
أسألُ عينيكِ مثلَ الذي مسَّهُ الشِعرُ
هل كنتِ يوماً على أهبةِ الحبِّ
هل كنتِ يوما...؟
وهل كنتُ حيَّاً أنا عندما كانت الريحُ 
تحشو دمي بالرصاصِ وبالريشِ أو بظلامِ المحيطاتِ؟
هل كنتُ حقَّاً على أهبةِ النايِ
أم أنني لم أكن
عندما انبثَقَتْ من منامي نجومُ مراياكِ
حتى أرى كلَّ ما لا أرى؟
قمراً بارداً شارداً مالحاً كالحاً
قمراً كالفراشةِ من غيرِ إثمٍ ولا وجَعٍ مثلَ أنفاسِ غيمٍ
فكيفَ يحوِّلني شَجَراً في طريقِ سدومِ؟
ويصقلني بالدموعِ الصغيرةِ 
في غبشِ الصبحِ أو عطشي للندى حجراً حجراً؟
أرى كلَّ ما لا أرى...
هل أرى؟
***********


أينَ ارتمى شعرُكِ البحريُّ؟

أهذي أُحبُّكِ.. يهذي الوردُ في دمها
خذني من الموتِ.. من خوفي ومن ضجري
أهذي أُحبُّكِ.. تهذي خذ يديَّ إلى
يديكَ من عالمي الأعمى ومن سقَري
أهذي أحبُّكِ.. ليتَ الحربَ تقتلني 
ولا يطالكِ حتى الرشقُ بالزهَرِ
يا قلبَ عصفورةٍ تبكي وتخجلُ أن
يذوبَ سوسنُها في قبضةِ القمَرِ
هل كنتِ في الهالةِ البيضاءِ حينَ هوَتْ
نارُ الطغاةِ على روحي.. على وتري؟
من ذا يُلخِّصُ روحي لو بنورسةٍ
ومن يقايضُ لي عينيكِ بالمطرِ؟
أحسُّ وخزَ الندى المسمومِ منكِ.. تُرى
حشوتِ لي خِنجرَ الصوَّانِ بالزَهَرِ؟
لم تبقَ أندلسي لا يا متوَّجةً
على الرمادِ الذي يُغويكِ فانتصري
إن ظلَّ من كاحلِ العنقاءِ بي رمقٌ
فراشةُ الكحلِ تهوي بي إلى الحُفرِ
هل قلتِ: حبٌّ وحربٌ؟ فاذهبي بهما
إلى الجحيمِ ولا تُبقي ولا تَذَري
تبكينَ في الليلِ منِّي.. كيفَ صرتُ أنا
أقسى عليكِ من الأمريكِ والتَتَرِ؟
حُبِّي يؤرجحني في كلِّ هاويةٍ
أصخرتي أنتِ.. أم هل نزوتي قدري؟
أينَ ارتمى شعرُكِ البحريُّ.. أينَ غفَتْ
ناياتُ جسمكِ في ليلٍ بلا غجَرِ؟
كيفَ اشتهى ثمَرَ الحرمانِ مغتربٌ
عن الفراديسِ.. أم كيفَ انتهى شَرَري؟
مُرِّي على خيمةٍ في الريحِ أو وطنٍ
من الرمالِ بغيمِ الوردِ وانهمري
يفنى الحديدُ وتهوي الطائراتُ ولا
يفنى تشرُّدُ عصفوريكِ في السحَرِ
أزرى بخفقةِ جوليا وابتسامتها
فمٌ جميلُ الحواشي.. سيِّدُ الثمرِ
فمٌ رمتكِ بهِ في الجبِّ ساحرةٌ
شمطاءُ.. زمَّت رؤى عينيكِ في حجَرِ
أطلُّ منكِ على نيلوفرٍ نزقٍ
في أسفل الخصرِ.. ثلجيٍّ ومُستعرِ
كيفَ انسحبتِ وما فسَّرتِ رفرَفتي 
مثلَ الرصاصةِ بينَ القلبِ والقمرِ؟

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.