تفجّرت قضية نقابة الصحفيين على هذه الخلفية، وليس بصفتها لعبة من النظام لإلهاء الناس عن موضوع الجزيرتين اللتين تم بيعهما في غمضة عين للملكة السعودية. تفجّرت بحكم عوامل داخلية في مقدّمتها الغضب الشديد من ملاحقة الصحفيين وحرية التعبير والتظاهر، وهي الملاحقة التي بدأت بقتل شيماء الصباغ من دون أن يلقى القاتل عقابا حتى الآن. وفي كل الأحوال فإن معركة النقابة ليست إلهاء وشغلا للناس عن موضوع الجزيرتين، وعلى العكس، فإن كل معركة صغيرة من أجل الحريات العامة تشقّ دربا صغيرة إلى استعادة الجزيرتين، كما تشقّ الجداول طريقها إلى البحر الكبير. بهذا الصّدد كانت للروائي الانجليزي ديكنز عبارةٌ جميلة يقول فيها: "للأبواب الكبيرة مفاتيح صغيرة"، وكل معركة من أجل الحريات العامة تخوضها نقابة الصحفيين، أو الأطباء، أو موظفو الضرائب، أو العمال، هي مفتاح من مفاتيح الباب الكبير. وموقف النقابة الحازم ردا على انتهاك حرمتها وحرمة حرية التعبير، هو أيضا مفتاح من مفاتيح باب الجزيرتين. إن قدرتنا على استعادة الجزيرتين، وطرح القضية الوطنية، تتأكد وتلوح بقرب توسيع دوائر الحرية وفي مقدمتها حرية التعبير. وما يجري ليس إلهاءً عن قضية الجزيرتين، بل طريقا نحو الجزيرتين.