3

:: هيا بنا لننتقد أوباما ::

   
 

التاريخ : 08/05/2016

الكاتب : مازن كم الماز   عدد القراءات : 1812

 


 

 

هيا بنا ننتقد أوباما، لسبب واحد فقط، أن انتقاد الرئيس الأمريكي، الرئيس الحالي بالتحديد، هو أسهل شيء يمكن أن تفعله اليوم، وهو أسهل شيء يمكنك أن تفعله لتشعر بتحسُّن، وإذا كنت غبيا بما يكفي، ستشعر حتى بشيء من البطولة.. يمكنك أن تنتقد الرئيس الأمريكي حتى لو كنت تعيش في أمريكا نفسها، أو في أي دولة غربية، أو في دولة "عربية" توجد فيها أكبر القواعد العسكرية في العالم، أو إذا كنت تعيش في أمريكا على بعد خطوات من أي قسم شرطة، أو على بعد خطوات من مقر البيت الأبيض أو وكالة المخابرات المركزية.. لو أن تشارلي هيبيدو نشرت صورا كاريكاتورية لأوباما لأضحكت حتى الأمريكيين، ربما أوباما نفسه، ولكان رساميها ورئيس تحريرها أحياء يرزقون اليوم..

لو أن الصحيفة الدانماركية نشرت كاريكاتورا لأوباما، لما تعرضت بعض سفارات بلادها للهجوم أو الإحراق ولما قوطعت منتجاتها في عدد من بلدان العالم.. في أمريكا، انتقاد أوباما أسهل، جدا، بكثير، من انتقاد سيدنا محمد (عليه الصلاة والسلام)... لكن الحق يقال، ليست المشكلة في أمريكا في أن تنتقد أوباما، بل في أن تتجاوز السرعة وأنت تقود سيارتك أو فقط أن تسير "بطريقة مريبة" أمام دورية شرطة، إذا كنت أسود البشرة.. قد يكون ذلك آخر يوم لك على هذه الأرض، أو قد يعني أن تقضي شهورا بعدها في زنزانة ما أو في غرفة في مستشفى حسب عضلات ووزن الشرطي الأبيض الذي سيختاره لك الحظ... الشرق كعادته جمع المجد من كل "أطرافه"، هنا، حيثما كنت، يمكنك أن تنتقد أوباما دون أن تخشى شيئا، ليس فقط أن هذا لن يكلفك شيئا، بل سيأتي عليك بما لم تحلم به من اللايكات أو الشير أو الكومنتات، وإذا وفقك الله، ستصبح منافسا جديا حتى لهيفاء وهبي بكل مفاتنها.. هذا ليس سرا، الجميع "يعرفه"، والجميع يمارسه بحماسة.. يعرف كل مذيع أو صحافي عربي، حتى أكثرهم "جرأة" و"صراحة"، أن انتقاد أوباما أسهل بكثير، جدا، جدا، من انتقاد رئيس التحرير أو من انتقاد كبير حراس مبنى التلفزيون أو الصحيفة التي يعملون بها، ناهيك عمن هم أعلى رتبة ومنزلة وسموا وجلالة وفخامة وووو... لذلك فإنهم يمارسون انتقاد أوباما بكثرة وبحماسة لا تفتر، لنفس السبب الذي يدفع الشبان المكبوتين جنسيا لممارسة العادة السرية أو مشاهدة الأفلام الإباحية للتعويض عن لمسة إمرأة، ما، حقيقية، من لحم ودم.. لن يكلفك انتقاد أوباما شيئا مهما بلغت قسوة كلماتك.. ستعود إلى منزلك في نهاية اليوم، وستقبض راتبك في نهاية الشهر، وربما اقتنع الناس بما تقوله ونزلت عليك لايكات المتفرجين أو القراء كالبراميل أو قذائف مدفع جهنم، وربما وفقك الله لما ترضى فيرضى عنك رئيس التحرير أو من هو أكبر وأهم منزلة ورتبة وفخامة وجلالة وسموا وووو.... لكن الوضع سيختلف إذا قررت أن تنتقد شخصا آخر، سأكون واقعيا هنا، لن أتحدث عن رئيس تحرير الصحيفة أو القناة التي تعمل فيها، أو معاذ الله: من هو "أكبر وأهم منه رتبة ومنزلة وفخامة وسموا....."، أو أن تقول شيئا لا يعجب القراء أو المتفرجين... سيختلف الوضع فقط إذا سخرت من شخص كالحجاج مثلا، نعم الحجاج، إذا تجرأت ورسمت له صورة كاركاتورية، أو سخرت منه، أو انتقدته، أو حتى ذكرت اسمه في الزمان والمكان الخطأ... يبدو أن أجهزة الأمن العربية، ومن تحميهم، لا تفرق بين انتقاد الحجاج أو بعض الشخصيات التاريخية المشابهة وبين انتهاك الأمن القومي... وأحيانا كثيرة يشاركها رجال ديننا الحنيف في هذا.. لا أنصحك شخصيا بالمحاولة، وأعرف جيدا، في نفس الوقت، أنك أذكى وأفقه وأسمى أخلاقا وأرقى وأكثر... الخ.. من أن تحتاج إلى مثل هذه النصيحة من شخص مثلي.. أعرف جيدا ما تعرفه جيدا، وما تعيشه وتمارسه، كما نعيشه ونمارسه جميعا، من المحيط إلى الخليج، أن الحرية عندنا تنتهي حيث تنتهي حرية الآخرين.... أيها "الأحرار"، حان وقت النوم، من جديد، هيا لننتقد أوباما......  

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.