3

:: أثر العسكرية في البشرية ::

   
 

التاريخ : 30/04/2016

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1415

 


 

 

 

 كثيرون هم من لا يعلمون الأثر الكبير للمخترعات العسكرية في حياة البشرية بأسرها، بل أن البعض لا يعلم أنّ كثيراً من التكنولوجيا المستخدمة بين أيدينا اليوم جاءت في الأصل من المختبرات والعقول العسكرية، وتم تطويرها لتفيد الناس في الحياة المدنية.

على سبيل المثال - قد يكون صادما - أن الشرارات الأولى لشبكة الانترنت، كانت من تجارب للاتصال من اجل الاستخدامات العسكرية، وكان مشروع بالغ السرية في ذلك الزمن، وقد يكون مفاجئا لدى البعض أن تطور الميكنة وهندسة المركبات وعلوم الطيران على مختلف أنواعها كانت من عقول عسكرية، بل حتى العلوم البحرية وتطورها كان الفضل لذلك للقوات العسكرية.

وجميعنا نعلم ما هو سبب الحماس من أجل تطوير هذه التقنيات، والتي ارتدّت ايجابيا على الناس جميعا، لكن هذا الدافع والحماس للتميز في ساحات المعارك واستخدام تقنيات غير مسبوقة وغير معروفة لدى الخصم المقابل، جعل العالم يعيش سباقاً تكنولوجياً هائلاً، نشاهد اليوم ثماره ونتائجه الايجابية للناس جميعا.

 لم يخلُ الأمر بطبيعة الحال من أضرار، مثلما حدث في اختراع القنبلة النووية والكثير من الأسلحة المحرمة دوليا، ولكننا نعلم في الوقت نفسه أن تكنولوجيا الاستخدام النووي لها شقّان: عسكريٌّ، وهو المحرّم دوليا وفي جميع الشرائع، والثاني يتمثّل بالاستخدامات المدنية كوقود لمحطاتِ تحليةِ المياه المالحة وإنارةِ مدنٍ بالكهرباء ومدِّها بالطاقة على مختلف أنواعها التي تحتاجها. والطاقةُ النووية أقلُّ كلفةً، وفعاليتها وإنتاجها أكبر ممّا هي عليه في حال الوقود الأحفوري الذي يتم استخدامه حاليا على نطاق واسع في العالم. بل عندما نقول "أقلّ تكلفةً"، فيجب التوقف عند هذه النقطة مليّا لأن تكلفة الإنتاج النووي للكهرباء لا تقارن بما هي عليه من طرق اعتيادية لا من حيث القيمة ولا من حيث التغطية والقوة والانتشار، وبالمثل في مجال تحلية المياه المالحة، فإذا أردنا التوسُّع في بناء محطات لتحلية مياه البحر، فلا سبيل سوى باستخدام الطاقة النووية.

 أعتقد أن كل مخترع، وكل مبتكر، له وجهان: سلبيٌّ وايجابيّ، ويمكنك النظر لكل شيء حولك، من الهاتف الذكي الصغير الذي بين يديك، وصولا لأعظم المنجزات البشرية في مجال الطيران واستخدام الذكاء الصناعي، ستجد أنه يمكن أن يستخدم في الإضرار بالآخرين ويمكن أن يكون ايجابيا ومفيدا.

 في أحيان تطوير الأسلحة هو بحدّ ذاته رادعٌ للآخرين من الاعتداء عليك، خاصة في عالمٍ متخَمٍ بالخصام وسوء التفاهم.

 لذا كانت العقول العسكرية دوما تنظر للمستقبل نظرة مغايرة لأي مدرس في أروقة الجامعة، النظرة العسكرية مشدوهة أكثر نحو تحقيق سبق وانجاز يضيف لقوتها ويحقق لها الانتصار، بينما الأستاذ المدني، يقوم بأبحاث دون ضغوط وبهدوء، وكلا الطرفين يسعيان لتحقيق شيئ جديد، وإن اختلفت الأهداف بينهما.

لكن يجب علينا أن لا نغفل عن جانب محوري هام، وهو أن الجميع يتفقون على واجب تقديم المخترعات لتكون مفيدة، خاصة إذا علمنا أن كثير من العلماء اللذين هم أستاذة في الجامعات ومدرسي للعلوم الميكانيكا والفيزياء والرياضيات وغيرها، هم أبعد ما يكونوا عن المجال العسكري، لكنهم رغم هذا قدموا ما لديهم من بحوث ومخترعات لحكوماتهم ولبرامج معروفة بأنها عسكرية.

مرة أخرى، لن تجد الأثر العسكري في الجوانب الصناعية وحسب، بل ستجدها أيضا ماثلة في مجال الطب، خاصة في مكافحة الأمراض والكشف عن أمصال علاجية، مثل الحصبة والجدري والأمراض الجلدية بصفة عامة، وأيضا في مجال الغداء وأثر الأدوية والتنفس، وغيرها من الأمراض التي تنقل تصيب الإنسان، بل أنه تم الاهتمام حتى بالنواحي النفسية وتطور تبعا لهذا الطب النفسي، حيث توجد نظريات ودراسات كان الفضل في ظهورها للحياة العسكرية، وبواسطتها عُرفتْ جوانب كان الإنسان يجعلها عن نفسه.

 

والذي نصل له من هذا العرض السريع، أن الحياة العسكرية، ساهمت بطريقة أو أخرى في تقدم البشرية، سواء أحببنا تدخلها أو رفضناه، وسواء اتفقنا مع ايجابياتها أو اختلفنا، لأن العسكرية جزء من تفكير الإنسان ومن حياته، وبدأت معه منذ القدم منذ أن تعرف على حياة الزراعة والاستقرار..

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.