3

:: لماذا تطورت صناعة السلاح؟ ::

   
 

التاريخ : 29/04/2016

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1378

 


 

 

 

يتّفق علماء الاجتماع، وعلم الإنسان والتاريخ والآثار أيضاً، على أن صراع الإنسان ضد الإنسان، بدأ منذ فجر البشرية، ولم تكن القيم والأديان والمبادئ أو الرحمة والعدالة لتمنع اندلاع تلك الصراعات، وذلك لأسباب يطول شرحها، لكن من البديهي أن معظم تلك الصراعات كانت تتمّ بشكل فردي أحياناً، وجماعي في أحياناً أخرى، خلال عصور ما قبل التاريخ، ويكون محورها الصيد والطعام.

الإنسان في تلك الحقب الغابرة طوّر أسلحة بدائية لتساعده على صيد الطرائد، وأيضاً ليحمي نفسه من الحيوانات المفترسة، لكنه سرعان ما استخدم هذه الأسلحة ضدّ الآخر، عندما احتاج الأمر للهجوم أو للدفاع.

ويقال إن اكتشاف الإنسان النار، هو الذي دفع بهذا الإنسان نحو التميز والرقي، ونحو التمكُّن في الأرض، بل هي التي ساعدته على التفوّق الشامل والقاضي على جميع الحيوانات الأخرى المنافسة، فالنار ارتقت بالإنسان، وكانت نعمة عظيمة من الله وهبها وسخّرها لخدمة البشرية. وعلى الرغم من الإنسان تعلّم طهي اللحوم مصادفة كما يقول العلماء، وذلك عندما ذهب نحو الغابات التي احترقت بفعل الصواعق أو شدة الحرارة ووجد حيوانات وقد شويت من النار، وكانت رائحة لحمها زكية، ثم وجد أن مضغ اللحم بعد شوائه ألذَّ من تناوله نيّئاً، ودون شواء، وهكذا بدأ الإنسان يصطاد الحيوانات ثم يقوم بشواء لحمها، ثم أخذت عمليات الطهي في التطور.

لكن للنار فائدة أو "نقمة" أخرى، وهي أنها أوجدت صناعة كبيرة للأسلحة، وتبعاً لهذا تمكن الإنسان من صناعة سلاحه من السيوف والأدوات الحادة، وبرع فيها، وصولاً للرماح والسهام، وانتقل من استخدام الخشب إلى استخراج الحديد ثم استخدامه في صناعات مختلفة من أهمها وأبرزها صناعة السلاح.

ولم يكن للإنسان أن يعرف الحديد وتسخيره لولا وجود النار، لأن الحفر في الكهوف وداخل الجبال، كان يتطلّب الضوء وهو ما وفّرته له النار، في نهاية المطاف، تماماً كما بدأ كل شيء بالتدريج، من الطعام، والصيد، والطهي، والحماية والدفاع والهجوم، وكما تطّور هذا الإنسان من ارتداء جلود الحيوانات التي يصيدها وصولاً لحياكتها وتفصيلها، كانت قصة صناعة الأسلحة هي الأخرى تمر بمراحل متعاقبة، وتأخذ دوراتها الزمنية التي تحتاجها من التطوير والابتكار والتحديث، لأنه بعد معرفة كيفية صناعة السهام والرماح والسيوف والخناجر ونحوها، بدأ الإنسان يتطلّع لتطويرها، حيث وضع سهاماً متعددة تُطلَق من نشاب واحد، ورماح أقوى تجرُّها عربات الخيول، وصولاً للمجانيق والنبالات الضخمة الكبيرة التي تصنع من الخشب.

وفي بداية تاريخ المجانيق كانت تُرمى بعد وضع الحجارة، ولكن تطورت الفكرة وباتت توضع فيها كريات ملتهبة بالنار، ويرمى بها العدو، ولم تمكث هذه الطريقة طويلاً، حتى لاقت تطويرات أكثر وأكبر، وبرغم أن معظم هذه المخترعات جاءت من الحاجة ووفق البيئة المحيطة بإنسان ذلك الزمن، فإنها تميزت بالجودة وإمكانية التطوير عليها، وهو ما حدث في نهاية المطاف، فانتقلت الصراعات بين جماعات محدودة بسبب الصيد والمراعي، لتصبح حروباً أكثر عدداً وتستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة، وتبعاً لهذا استمر التطوير، لأن الحاجة للصراع لم تخفت أو تتوقف، ومعها كانت كل حضارة تقوم ببناء مصانعها الخاصة وأسلحتها التي اشتهرت بها، حتى إن السيوف باتت تعرف بأسماء حواضرها ومدنها، وكأنها ماركة مسجلة تعرف الشاري بالجيد والرديء.

من خلال هذا العرض المختصر والسريع، نصل إلى أنه لا يمكن أن نظل مكتوفي اليدين من دون استعداد وتجهيز، ومن دون أسلحة تفيد في حمايتنا ضد أي أخطار خارجية قد تعترضنا، صحيح أننا مع السلم ومع التسامح والمحبة، لكن هذه القيم لا قيمة لها إذا لم توجد لدينا قوات مسلحة قوية تحميها وتذود عنها، فهانحن نرى المساعدات الإنسانية في اليمن الشقيق على سبيل المثال، والتي تضم علاجات وأدوية لا تدخل للمحتاجين إلا بالقوة العسكرية التي تحميها وتحمي الأطباء والعاملين، وهكذا فإن القوة هي خيار بديهي، نحمي به مقدراتنا وقدراتنا. 

 

إن تاريخ البشرية يضم بين جنباته خير دليل، على أهمية أن تكون قوياً لتحمي وجودك وانجازاتك وتساعد الضعفاء والمساكين والأبرياء.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.