3

:: يوم الحُبّ!؟ ::

   
 

التاريخ : 23/02/2016

الكاتب : إيلي مارون خليل   عدد القراءات : 1216

 


 

 

لا أفهم، أبدًا، يا حبيبتي، كيف أنّ للحبّ يومًا من بين الأيّام!

وأنتِ، أتفهمين؟ أم أنتِ تشاركينني عدمَ الفهمِ، والتَّعَجُبِ، والغباوة!

ألغباوة!؟

نعم! إنّني غبيّ! وإلّا كيف أنّي لا أفهم هذه الظّاهرة!؟ غبيّ! وإلّا كيف أنّي لا أعرفُ أنّ للحُبّ يومًا بذاتهِ! غبيٌّ، عميقُ الغباوة، وإلّا، كيف لا أفْقَهُ كيف لا أكرّسُ، مثلهم، يومًا للحُب، أفرح فيه، وأُحِبُّ، وأُقيمُ الطُّقوسَ المُلازمةَ لهذه الظّاهرة!؟

ظاهرة؟

وإلّا، كيف لم أنتبِه، على الأيّام، إلى يوم الحُبِّ هذا!؟

لكنّي، يا وحيدتي، أراها ظاهرةَ تفاهةٍ فذّة وفظّة! فذّة؟ للسُّخر والاحتقار! فظّة؟ للإشارة إلى سَخافة الدّاعين إليها، وتفاهةِ ذوق الآخذين بها!

لا أفهمُ، أنا، كيف نحدّد للحُبّ يومًا واحدًا! كأنّما هو يُمنَع في الباقي من الأيّام. ألا يُسمَح بالحبّ إلّا خلال هذا النّهار؟! هل نُقفِلُ قلوبَنا، ونُغيّبُ أحاسيسَنا، وندفنُ عواطفَنا، طوال سنةٍ، بنهاراتها ولياليها، ثمّ نُطلِقُها في هذا اليوم!؟ مَن يَضمنُ لنا، أنّها ستكونُ سليمةً وعاملة، بعد أن نُعَطِّلَها ثلاثمئة وأربعة وستّين يومًا!؟ أفلا نفقد قدرتَنا على ما ابتعدنا عنه، وغيّبناه، بل دفنّاه!؟ فكيف؟

حين يُصبِحُ للحُبّ مناسبة، يعني أنّه غير موجودٍ إلّا في الذّكرى! وليست الذّكرى إلّا إحياءً مؤقَّتًا لميْت! إحياءٌ لميْت؟ هل يتمّ لنا ذلك؟

أعتقدُ، حبيبتي، أنّ الحُبَّ حالةٌ حميمةٌ، عميقة، صادقة، قويّة، خصبة، دائمة! إذًا؟ ليست تحتاج إلى إقامة ذكرى!

ألحُبُّ كينونةٌ واعيةٌ ولا واعيةٌ في الآن نفسِه. طريقةُ حياةٍ هادئة هادرة، مطمئنّة عاصفة، جميلة سليمة، قُدْسيّة مبارَكة! ألحبيبُ النّظيفُ الرّهيفُ الّلطيفُ الشّفيفُ لا يقلُّ قداسةً عن القدّيس القائم في الجنّة! هو في الجنّة لأنّ حياتَه، هنا، قضاها حُبًّا في حُبّ، لأجل الحُبّ. ألحُبُّ غايتُنا الأبديّةُ، لأنّه السّعادةُ الّتي وعدَنا بها اللهُ! دعانا إليها: "أحِبّوا بعضكم..."، و"ليس من حُبّ أعظم من أن يبذلَ الإنسانُ نفسَه لأجل مَن يُحِبُّ!"

والحبّ نبعُ القِيَم! القِيم الخلّاقة. جسديّة ومعنويّة. منها، مَثَلًا، الجَمال: جسدًا وروحًا. فالمُحِبّ جميلٌ لأنّه يتصفّى ممّا يُبَشِّعُه، ويَطهر، فتسمو روحُه، ويبلغ أرقى ما يُمكِن من الكمال. ومنها، بعدُ، المغفرة والتَّسامح، فنبتعد عمّا يشينُنا من حقد وحسد وطمع... ومنها الطّهارة الكلّيّةُ الّتي تُنَقّينا من شَوائبِنا كلِّها، فنُصبِح، كما أرادنا الخالِقُ، حقًّا، "على صورتِه كمِثالِه!" بخاصّة أنّه تنازل وتجسّد "على صورتِنا" ليرفعَنا إليه!

ألحُبّ الحُبّ! نِعمةُ النِّعَم! بَرَكةُ البركات! لمَن فهم الحُبَّ وعرف كيف يَحياه!

وحيدتي الحبيبةُ، النِّعمة، البركة، تعرفين، أنتِ، أنّكِ، أنتِ، نِعمة حياتي وبركتها... على الأيّام!

ألأحد 14/2/2016

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.