3

:: الخندق الانفصالي الذي سيحقق استقلال كردستان العراق!! ::

   
 

التاريخ : 18/01/2016

الكاتب : مصطفى محمد غريب   عدد القراءات : 1268

 


 

 

خندق بدأت شهرته تضاهي تقريباً الخندق المشهورة في التاريخ الإسلامي والذي حفر لحماية المدينة المنورة من جحافل قريش القادمة من مكة للقضاء على الإسلام الوليد، خندق إقليم كردستان يختلف عن ذلك الخندق إذ صُنِّفَ بالقاتل للوحدة الجغرافية العراقية وهو يهدّد مصالح الأمة العربية والإسلامية في العراق لأن حفره يحمل أغراضاً ومآربَ غير وطنية انفصالية وليست لحماية الإقليم والمدن والكرد من السيارات والآليات المفخخة التي يستخدمها تنظيم داعش لقتل وتدمير مواقع الكرد والبيشمركة بهدف اجتياح مدن الإقليم ليعيث فساداً كما فعلها في الموصل وصلاح الدين وديالى والأنبار والعاصمة بغداد ومدنٍ أخرى في العراق، الخندق أصبح هذه الأيام قصّة وحكاية "لها أول وما لها آخر" كما يقولون وانتشر خبر الخندق كانتشار النار في الهشيم وتم تناوله بحذلقة وكل واحد أو جماعة لهُ وجهة نظر تخدم مصالحه التي ترتبط بارتباطات داخلية وخارجية مريبة كأنها رباط الخيل لا تتزحزح خوفاً من تعرّضه للقطع والقطيعة. لقد بدأت الأصوات ولن نقول الأبواق بقضية حفر الخندق تؤكد على أن الكرد والإقليم يحفرون الخندق لكي يعلنوا الاستقلال، وأنهم يفرضون إرادتهم  بالقوة، وأعلن البعض "صراحة" لا لبس فيها ولا دوران رفض "سياسة الأمر الواقع" وهؤلاء في غيّهم شيءٌ معروف لا يهمّهم قضية العراق برمّته وهم يرون بأمّ أعينهم كيف صار حاله من خراب وحرب وتدمير وكان الأَولى بهم على الأقل أن يفكروا به وبالشعب وأوضاعهما المأساوية بدلاً من هذه التصريحات والمواقف التي تزيده اشتعالاً وأذيّة وتلحق به بشكل عام مخاطرَ قد تكون أكثر مما عليه الآن وهو يكاد أن يكون شبه مقسَّم، فالمحافظات الغربية تحت طائلة الحرب التي تعتبر من أخطر الحروب التي مرّت في العراق، والمناطق الجنوبية والبعض من الوسط تعيش حالة التداعيات البيئية السيّئة والأوضاع المعيشية السيّئة وافتقاد الأمن وتحكم الميليشيات المسلحة والفساد، ثم هناك تقاطع غير مسبوق مع الإقليم والكرد ولا يعرف متى سيتغلّب الرشاد والحلول المنطقية للتخلص من الخلافات والتوجه لبناء علاقات أكثر متانة وقوة وتحقيق تطبيق الدستور ومواده التي تخصّ الأقاليم والحكم اللامركزي، أما العاصمة بغداد فهي تعيش تحت كابوس التفجيرات المستمرة والاغتيالات والتجاوزات من قبل مجموعات مسلحة ولا توجد في الأفق حلول قريبة لهذه المعضلة الأمنية المستعصية، أما القضايا المعيشية فإن الفقر ودون خطّ الفقر فقد سجّل نسباً مرتفعة إضافة إلى البطالة وأزمات الكهرباء والماء وسوء الخدمات الصحية... الخ. كل هذا لا يهزّ ضمير المتصيّدين والقابعين في ظلام التشويه ومخططات التفرقة بل يسعون إلى تأجيج الخلافات وطمس الحقائق وبثّ الإشاعة تلو الإشاعة، ولو راجعنا التهديدات والتصريحات والصرخات الأخيرة حول الخندق اللاوطني الانفصالي الذي يتمّ حفره من قبل البيشمركة والذي سيحقّق الاستقلال وإقامة الدولة الكردية لوجدناها صنف واحد لا تخرج عن الجوهر وان اختلف مظهرها أحياناً فجميعها تدّعي الحرص على الوحدة وعدم التفريق بشبر واحد من الوطن الغالي!! وفي الوقت نفسه تطالب باتخاذ إجراءات فورية شديدة ضد الكرد والإقليم لا بل قسماً من الميليشيات المسلحة مارست عملية المنع وعدم السماح للكرد بالتوجه للعاصمة بغداد وإعادتهم بحجة أن حكومة الإقليم تنتهج السياسة نفسها لا بل البعض من هذه السيطرات الطيارة اعتقلت البعض من الكرد ونقلتهم إلى أماكن غير معروفة، إلا أن ذلك له مقال ومقام آخر ممكن التحدث عنه بشكل مفصل، ولهذا نعود إلى قضية الخندق القومي الانفصالي، فقد صرّح قاسم الأعرجي رئيس كتلة بدر النيابية وعضو الأمن والدفاع "أن الحدود المثبتة هي الخط الأزرق لسنة 2003 والمادة 140 هي السبيل" وتابع مصراً ومبيناً "إن مشكلة هذه المناطق لا يمكن أن تحلّ بالقوة".. لكن السيد قاسم الأعرجي يعلم علم اليقين إن الخطوط والمادة 140 أهملت من قبلهم ومن قبل الحكومات المتعاقبة التي كانت تضمهم ولهم وزراء معروفين فيها لكنه يهدد بشكل مبطن "إننا لا نسمح أبداً بتقسيم العراق وإضعافه ولا يمكن لأي جهة فرض إرادتها بالقوة" وهو يعني بالتأكيد  الكرد في الإقليم وليس غيرهم، وتتقاطر التصريحات الغاضبة وتعلن المواقف الغريبة حيث قال رئيس الجبهة التركمانية النائب ارشد الصالحي "نحن نرى أن هذا الخندق تمهيد لتقسيم العراق لأنه يُحدّد خرائط الجيوسياسية على الأرض وعلى الحكومة أن تعلن هل تمّ بعلمها أم لا؟". واعتبر النائب التركماني جاسم محمد جعفر "الخندق الكوردي مخالف للمواثيق الدولية وتجاوز على المكونات التي تعيش داخل (المناطق التي أقيم فيها) هذا الخندق". المواقف المتشنجة لم تعر إي اهتمام لتصريحات جبار ياور المتحدث الرسمي باسم قوات البيشمركة الذي صرح بها لفرانس برس "الغرض من الخندق تأمين مواضع دفاعية ضد الآليات الانتحارية التي يستخدمها إرهابيو داعش ضد ثكنات البيشمركة" والذي أكّدها أيضاً أكثر من مسؤول في الإقليم ينفي تقسيم العراق وتحقيق الاستقلال وقيام الدولة الكردية، ويلتحق بالغرابة نفسها تصريح صدر من عالية نصيف النائبة في دولة القانون في يوم الاثنين 11/1/2016: "أن البارزاني بهذه الخنادق يرسم حدود دولته الكردية التي سيعلن عنها فور انتهاء الشركة الفرنسية من الحفر وترسيم الحدود، ومن هنا لا نرى أية ضرورة لاستمرار العلاقات مع بارزاني الذي يعتبر نفسه منفصلاً ومستقلاً عن العراق" وقد حثت الحكومة العراقية والمنظمات الحقوقية والأمم المتحدة بالتدخل ومنع ترسيم الحدود في داخل البلاد لأنها سوف تمزق العراق، وفي هذا المجال جهد وفيق السامرائي الذي عين في عام 1991  مديرا للاستخبارات العسكرية برتبة لواء وهرب عام 1995 إلى إقليم كوردستان العراق وعين من قبل جلال الطلباني مستشاراً امنياً له لكنه عاد بعد فترة إلى لندن، وقد حذّر وفيق السامرائي وحسب طلبه أن لا يجري تأجيج "العداء" بين السنة والكرد" واستطرد مؤكداً "أن خندق مسعود مستخلص من أفكار خندق صدام، والسياج السعودي، وكلاهما محكوم بالفشل، فيما دعا الحكومة إلى تجنب خديعة ما بعد الشرقاط وحسم الموقف في الأنبار".

إذن الخندق الانفصالي وحفره أصبح حكاية الاستقلال وعليه لا يمكن أن تخدم سياسة التفاهم والحوار ويجب اتخاذ الموقف الصارم لان هذا الخندق سوف يقسم العراق اللامقسم!! ولهذا نكتفي بهذا القدر من التصريحات والتهديدات لأنها كثيرة لكي نتجنب الخوض أكثر فيما آلت إليه أوضاع البلاد من فساد ووضع امني تحدثنا عنه كثيراً ولا نريد التكرار في هذه المقالة لكننا نذكر الجميع بــ"بغداد الجديدة ومول الجوهرة" إضافة لما يحدث من خروقات أمنية تطال حياة المواطن البريء وعائلته المسكينة إلا أننا كمسؤولين عن الكلمة الحرة الهادفة نقول، أن حفر الخنادق في بعض الأحيان وبخاصة الحروب من الضروريات حسب التصريحات التي تواردت من المسؤولين في الإقليم ومن بينهم مسؤولون في البيشمركة وعملية حفر الخنادق أثناء الأوضاع المضطربة في العديد من بلدان خير برهان على أن تلك البلدان لم تتقسم ولم تستقل أية منطقة فيها، وعملية الاستقلال هي مرتبطة بإرادة الشعوب وليس بحفر الخنادق أيها السادة، ولهذا نجد إعلان هيئة المناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم تأكيد ملح حيث أشار نصر الدين رئيس الهيئة إن "حفر الخندق في المناطق المحاذية لمناطق خاضعة لتنظيم داعش الإرهابي له أهمية كبيرة للوقوف بوجه هجمات الإرهابيين لحماية المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات البيشمركة". وان الخندق ليس على امتداد حدود الإقليم بل أن طوله حوالي 100 كم  من جنوب كركوك حتى غربها، حسب ما أعلنته مصادر أمنية كردية ولم يكتف الإقليم فقد أكد الفريق جمال ايمينكي رئيس أركان قوات البيشمركة" إن حفر هذه الخنادق ليست لغرض تعيين حدود إقليم كوردستان" مؤكدا "إن هنالك مناطق كردستانية كثيرة مازالت بيد الإرهابيين ستعمل القوات على تحريرها" وهذا أمر طبيعي لمنع تسلّل الإرهابيين من داعش وغيرهم ومنعهم من الانتقال بسهولة، واعتبر نجم الدين كريم محافظ كركوك يوم الاثنين 11/1/2016 أن مشروع حفر الخندق هو ضمن الإجراءات العسكرية وقال أنه "على تلك الخنادق سالت دماء كثيرة لقوات البيشمركة لحماية كركوك وأهلها ودرء خطر داعش الإرهابي عنها"، ولم يكتف الرجل بخصوص مشروع حفر الخندق إنما تطرق إلى العديد من المدن والمناطق الأخرى حيث تابع بالقول أن "مدنا ومناطق تماسّ أخرى بجبهات القتال، تنتشر بها قوات أمنية اتحادية، تعمل على حفر خنادق لتأمين قواتها وتضييق الخناق على عصابات داعش الإرهابية"

لقد كثر الكلام وتنوعت التصريحات والأصوات النشاز حول الخندق الانفصالي وقد تناوله البعض من باب التشفي بالحكومة وفي الوقت نفسه تحريضها ضدّ الكرد والإقليم وهم يعرفون أن الحرب مع الإرهاب وداعش باقية ومستعرة وليست هي بالنزهة العابرة، ومازالت الضحايا ونزف الدم مستمر لحد هذه اللحظة، وما زالت قوى داعش الإرهابية تحرك خلاياها النائمة وتدعوها للاستيقاظ والتوجه إلى المدن والمحافظات في الجنوب لكي تشارك في قتل المواطنين الأبرياء، وها هي الميليشيات الطائفية تفتك بالناس بعمليات طائفية وقتل وخطف رسمي لا يختصر على العراقيين فحسب حتى على دول الجوار وأمام أنظار الجميع، وما تفجير الجوامع في الحلة ومن بعدها الجوامع السبعة والمحلات التجارية شرق البلاد إلا تأكيد على هذه النزعة الطائفية العدائية، إضافة للكم الهائل من المافيا والميليشيات والجرائم المنظمة والخطف والاغتيال والفساد المستشري في أجهزة الدولة والمحافظات الذي تضرب فيها الأمثال، والرشوة المنتشرة التي تسلب لقمة عيش المواطن وغيرها من الموبقات التي يندى لها جبين المواطن البريء كل ذلك لا يحرك ساكناً عند هؤلاء بل يحركهم حفر خندق أو طالب وضع عَلَم الإقليم أثناء مناقشة رسالة الماجستير في القاهرة قبل عام وتَذَكر هؤلاء والبعض من وسائل الإعلام المغرضة أيضاً بعد عام ليبدأ التطبيل والإساءة للكرد ولرئيس الجمهورية من قبل حنان الفتلاوي.. نقول متى تستفيق الضمائر الخربة وتفكر بكل العراق ومكوناته بدلاً من التربص وبثّ الإشاعة والتفرقة والشقاق ومن الطائفية والضيق القومي والفكر الظلامي المدمر؟ ومتى تبدأ الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادى تحقيق ما وعدت به من إصلاحات وتضرب على يد كل من يريد جر البلاد إلى متاهات من القلاقل والتحارب ولإبقاء الفساد والفاسدين على الرغم من المظاهرات والاحتجاجات التي تقوم في البلاد تطالب بالإصلاح والقضاء على الفساد؟

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.