3

:: المرأة شريكة وليست مكمِّلة ::

   
 

التاريخ : 22/12/2015

الكاتب : ميشلين حبيب   عدد القراءات : 1540

 


 

 

 

غالبًا ما يقول عديد الشعراء في الحوارات بالمجالس الأدبية والفكرية أن هناك ثلاثة أشياء لا معنى للدنيا من دونها، وهي المرأة وال...، وال... . يختلف الشيئان الأخيران من شاعر إلى آخر. أما الأول، أي المرأة، فالجميع يتّفق عليه ويقوله باعتداد وثقة وكأنه قد أتى بأمر عظيم ومدهش.

كيف يُمكن أن يعتّد الشاعر الرجل بأمر كهذا؟ كيف يمكنه القول إن الدنيا لا معنى لها من دون المرأة ضمن أشياء أخرى؟

فليس من المنطقي أبداً القول أنه لا معنى للدنيا من دونها فهذا أمر مفروغ منه قد تولّاه الخالق الذي خلق الرجل والمرأة. إذًا، لم يأتِ الشاعر بشيء جديد، بل على العكس بدا بمظهر سيّء، إذ عند سماع مثل هذا الكلام يتّجه التفكير إلى أنه يتكلم من وجهة نظر ذكوريّة محضة كأنه ملك العالم والمرأة شيء خُلق بعد ذلك لخدمته. وإن كان يرمي إلى أن آدم خُلق أولاً وبعده حواء، فمن الضروري تذكيره أن ذلك لا ينفي عنها أبدًا صفة الإنسانية ولا ينفي أن الله خلق الإنسان ذكراً وأنثى.

ولنتأمّل بالسيدة مريم العذراء، أهم وأعظم امرأة في تاريخ البشرية؛ في المسيحيّة اختارها الله ليتم الخلاص من خلالها، فجعلها، من أجل خلاص العالم، أُمًّا لابنه الذي وُلِد منها ومات وقام من بين الأموات. أما في الإسلام، فأهمية مريم وعظمتها موجودة بقوة في القرآن، في "سورة مريم" المخصّصة لها وحدها. إذاً، يمكننا القول هنا إِنَّ لا وجود للدنيا وللحياة من دون المرأة، وأنها ليست مكمِّلة وإنما هي شريكة. ثم إن لم يكن هناك حواء وآدم، فلن يكون هناك أبناء، أي أن البشرية لن تستمر. من هنا، لا بدّ من طرح السؤال الآتي: كيف يمكن لشاعر مُلهَمٍ وفَهيمٍ القول إِنَّ الدنيا لا معنى لها من دون المرأة معتبرًا نفسه أتى ببدع، وبشيء عظيم؟

إن رام الشاعر إظهار عبقريته ورومانسيته، فليأت بغير هذا، إذ إِنَّ ذلك يقلّل من شأنه ولا يزيد على شاعريته أوشعريته شيئاً. 

سيعارض البعض معتبرين أن الشاعر عنى بذلك الحب، فليقُل إِذَن الحب وليس المرأة. وكم من شاعر يتغنّى بمثل ذلك القول بينما تراه يُهمل زوجته أو يخونها فكرًا أو فعلًا.

إن كنت أيها الشاعر تتكلم عن الحب، فما الذي جعلك تُهمل المرأة التي تحب؟ هل يجوز أنك تعيش تناقضاً أو انفصاماً؟ أم علينا أن ندعوه نفاقاً؟ وإن كنت تزوجت عن غير حب، فأصلِح أخطاءك بنفسك ولا تزد منها بالانتقاص من كرامة الزوجة أو سيدات أخريات.

مَن يتكلم عن الحب يجب أن يحترمه أولًا وأن يفهم معناه أولًا وآخرًا، وإلّا فلنُسقط قناع النفاق وَلنُسَمِّهِ الجنس المقنّع بقناع حب كاوتشوكيّ يصلح لاستعمالات متكررة. ثم مَن يفهم الحب لا يجرحه أو يشوّهه، فهو في النهاية شاعر يعتزّ بتمتّعه بشيء مميز عن الآخرين.

من هنا، أليس من حقّنا عليه هو المُميّز أن يُتحفنا بشيء مُميّز؟

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.