3

:: تقدير الجوهر ::

   
 

التاريخ : 02/11/2015

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1213

 


 

 

يقال إن جوهر الأشياء وقيمتها الحقيقية محفوظان أو محفوران في ذهن كل محروم، وللتوضيح أسوق عدة أمثلة، حيث يقال إن مَن حُرم الطعام يعظم هذه النعمة، ومَن حُرم نعمة البصر أو السمع أو النطق يجدها خصالاً فريدة، أما مَن حُرم الصحة بصفة عامة فيراها كنزاً لا يفنى، ومَن حُرم المال يجده مصدرَ وسرَّ السعادة، ومَن حُرم العمل والوظيفة يجدهما مكمن الطموح والتطلع، وغيرها الكثير من جوانب الحياة الجوهرية التي لها وجود وحضور يومي ولحظي بيننا، وهي فعلاً نِعم تستحق التقدير.

لكن هل الحرمان فعلاً نعمة من النعم تجعل المحروم متطلعاً وفي شوق لنيلها؟ هنا يكون الحديث نسبياً، بمعنى لا قاعدة محددة، فيوجد أناس يتمتعون بقناعة فريدة وزهد أكثر مما ينعم به الآخرون.

لن أطيل في هذا السياق، ولكنني أستحضر قصة قرأتها قبل فترة من الزمن عن مواطن أوروبي قرر هو وصديقة القيام برحلة سياحية نحو كينيا، وبينما هما جالسان يستمتعان بالطبيعة ورؤية الحيوانات، ويتناولان شطيرة (ساندويتش) باللحم والجبن، تقدم منهما لاجئ من زيمبابوي، وتبادل أطراف الحديث معهما، وبعد برهة من الزمن قال لهما: هل تعلمان أنه مضى عليّ نحو ثلاثة أيام لم أذق فيها الطعام؟ ومن فوره مدّ أحدهما إليه شطيرة اللحم وأعطاه إياها، لكن المفاجأة أن هذا اللاجئ قال مباشرة وهو يأخذ الشطيرة، حسناً يمكننا أن نتشاركها وقسمها بينهما.
هنا يكمن المعنى الحقيقي للمشاركة، من الجميل أن نشارك الآخرين،
ولكننا لم نصادف من يعظم هذه المشاركة ويعتقد أننا في أمس الحاجة إليها مثله تماماً.

ما أخلص إليه أنه ليس من الضروري أن نعاني الحرمان حتى نقدر النعم التي تحيط بنا.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.