3

:: قبل ان تفقدوا آخر ما تبقى لكم ::

   
 

التاريخ : 28/10/2015

الكاتب : نبيل عودة   عدد القراءات : 1250

 


 

 

 

* الدفاع عن مصالح الجماهير العربية يحتاج إلى المنطق السياسي والأخلاقي السليم

* صحفيا يمدح كتاباتي ويعشقها لكنه لا يحتمل ان اكتب دفاعا عن علي سلام

* يتناسون ان علي سلام ليس نبتة غريبة في الناصرة، لم يسقط بمظلة من السماء،

بل تثقف ومارس العمل وبرز في إطار الجبهة.

 

كلهم يريدون خدمة الجماهير العربية. هذه المقولة أصبح تكرارها يسبب لي الحساسية المفرطة، فأقمع قلمي حتى لا أصفعهم وأُتّهم بأني لا أخدم الجماهير العربية. محرر صحيفة حزبية يعلن إعجابه بما اكتب ولكني لا اخدم "الجماهير العربية" لأني اصطففت إلى جانب رئيس بلدية الناصرة الذي لا يستحق الدفاع والنشر الإعلامي من قلم مثل قلمي. هناك آخرون بلا عد آخرهم كاتب مبتدئ يتهمني بأني صحفي بلاط لأني لا أخدم "جماهيره العربية"، متناسيا ان جماهيره العربية ملت الجعجعة والمجاحشة بين المتزعمين، الذين همهم أن يضمنوا لأقفيتهم جلوسا في كراسي التزعم.  

هنا لا بد من توضيح ورد على النباح الذي يصلني لأني لا اخدم "الجماهير العربية" بل رئيس بلدية الناصرة.

أولا لم اصطف إعلاميا إلى جانب رئيس بلدية الناصرة لأني حصلت على وظيفة، بل اعمل حتى اليوم متبرعا ومن رؤيتي ان السابقين في خدمة الجماهير العربية لم يخدموا إلا أنفسهم ومصالحهم وتركوا الجماهير العربية لهراوات الشرطة، وجعجعوا بالميكروفونات من على المنابر، وهي حالة لا تشكل خطرا على بدلاتهم الطليانية الثمينة ولا على ربطات عنقهم الفاخرة.

 فهل حصولي على وظيفة يهدد أمن الجماهير العربية؟!

ألا استطيع أن اخدم الجماهير العربية بالدفاع عن المنطق السياسي والأخلاقي السليم؟ أليست وظيفتي كمثقف موضوع مرتبط بقضايا مجتمعه وشعبه ان أكون صاحب عقل فعال وليس عقل منفعل؟ ان أفكر ولا اردد كالببغاء ما تلقنون من أعضاء حزبكم؟

هل خدمة الجماهير العربية تعني ان أكون جزءاً من القطيع الحزبي بغض النظر عن لون الحزب؟!

كنت أود نشر الرسائل التي تصلني من الذين وضعوا أنفسهم بخانة الجماهير العربية، والجماهير منهم براء. احدهم يمدح كتاباتي ويعشقها لكنه لا يحتمل ان اكتب دفاعا عن رئيس بلدية الناصرة.. لأنه لا يجده أهلا لرئاسة بلدية الناصرة. سألتهم هل كانت أهليته كاملة كقائم بأعمال رئيس بلدية الناصرة؟!

لم يصلني جواب القلقين على نبيل عودة من عمله مع علي سلام. بعض الحياء لا يضر حاملي لواء الجماهير العربية، وهي لمن لا يعلم جماهير غفورة وليست غفيرة، غفورة لأنها تتحمل قيادات وشخصيات لا شيء يحركها إلا مكاسبها الشخصية.

شيء من التاريخ

استقلت من الحزب الشيوعي والجبهة عام (1993) لأسباب لا أرى أهمية الآن للعودة لها. وهي قضية شخصية في وقته.

نقاشي الذي كان عنيفا أحيانا مع بيتي القديم وبعض شخصياته لم يكن وما كان له ان يكون عدائيا، بل من منطلق المسؤولية التي شكلت قيمة خاصة في نهج حياتي. نقاشي الفكري معهم لم يتوقف اليوم أيضا، لا أناقشهم من منطلق نفيهم، بل من منطلق رؤيتي ان هذا الجسم قادر ان يجدد نفسه إذا أحسن التصرف بعقلانية، أو انه يتسارع للتحول إلى جسم سياسي ثانوي، وهذا ما أراه اليوم.

ليس سرا أني عندما شعرت ان قوى سياسية بلدية لا أراها مصدر ثقة تهدد مصير مدينتي (الناصرة) لم انتظر دعوة أي كان للتجند النضالي والإعلامي دفاعا عن مدينتي، برؤيتي ان قائمة الجبهة (الحزب الشيوعي) يجب ان تنتصر وإلا ضاعت هذه المدينة التي نحبها ونريد ان نراها تواصل التطور وتحمي مجتمعنا المدني الحضاري. قناعتي كانت انه على الناصرة ان تواصل تحمل مسؤولية قيادة الجماهير العربية بمكانتها السياسية كعاصمة الجماهير العربية وتقديم نموذج يحتذى به في إدارة شؤون السلطات المحلية.

نعود إلى سنوات العقد الأخير من القرن الماضي...

في العام 1998، إذا لم تخني الذاكرة، بدأت أنشر سلسلة مقالات عن انتخابات البلدية القريبة في ذلك الوقت، وفتح لي رئيس تحرير الاتحاد وقتها (الأستاذ نظير مجلي) الباب لنشر مقالاتي، نشرت عددا كبيرا من المقالات تميز أكثرها بالكتابة الساخرة عن القوائم البلدية المنافسة للجبهة، أثارت تلك المقالات اهتماما واسعا جدا من القراء ووصلتني عشرات الاتصالات المؤيدة والشاكرة لهذا النشر!!

في كل معركة انتخابات للبلدية في الناصرة منذ 1998 كنت أقف إلى جانب الجبهة بكل قوتي الإعلامية والتسويقية وليس سرا أني كنت الكاتب الوحيد على الإطلاق. تعرضت مرات عديدة للتهديد المباشر، أحدها وصل للشرطة ولم يتصل بي الذين دافعت عنهم ليطمأنوا على حالي. بل امتنعوا حتى عن نشر خبر عن التهديد رغم ان الصحافة العبرية وحتى صحافة عربية في الخارج نشرت خبر التهديد ومصدره. قاطعوا نشر مقالاتي الانتخابية في صحيفتهم "الإتحاد" رغم أنها لصالح قائمة الجبهة وهم اعجز من أن  يكتبوا أفضل منها في إعلامهم الالكتروني أو المطبوع. لاحظ ذلك عدد من رفاق الحزب وأعضاء الجبهة ولم ينفع تدخلهم الذي لم أطلبه أصلا كي ينشروا لي. إنما كنت ومازلت أكتب من منطلق مسؤوليتي كمواطن ومثقف في مدينة الناصرة ويقلقني مستقبلها. 

هذه المقاطعة استمرت أيضا في معركة الانتخابات الأخيرة (أي منذ 1998 وحتى 2013). ورغم تدخل جبهة الناصرة بممثليها الرسميين في الانتخابات الأخيرة، لم تنشر الاتحاد إلا مقالا واحدا مما يقارب 25 مقالاً،  بعد الانتخابات شعرت بذوبان الجليد، لكن فجأة توقف النشر، وجاء رد محرر بارز في الاتحاد على استفسار صديق شيوعي لي، عن سبب توقف الاتحاد عن نشر كتاباتي المختلفة الأدبية والسياسية، بأن السبب ان فرع الناصرة هو "زب نمر" (حسب تعبيره) والاتحاد لا تستطيع ان ترفض طلب فرع الناصرة الذي اتهمني، كما قال ذلك المحرر.. بأني أعمل مع مكتب نتنياهو بتجنيد الشباب المسيحيين في الجيش وعليه يجب مقاطعتي. كان ردي على تهمتهم الغبية مقالا عنيفا، اتصل على أثره معي المهندس رامز جرايسي رئيس بلدية الناصرة السابق مستفسرا عن صحة ما نشرته، ووعد بفحص الموضوع، وحتى اليوم مازال الموضوع بـ "الفحص"(!!) رغم مرور أكثر من سنة ونصف. كذلك كان وعد بالفحص من شخصية بارزة في كتلة قائمة الجبهة في البلدية.

لست قلقا من قضية النشر حيث تنشر مقالاتي في أهم المواقع العربية المحلية والعالمية. لكني بدأت استوعب العقلية المريضة لتنظيم سياسي يحرق نفسه ويعلن إفلاسه السياسي وسقوطه الاجتماعي، ويعرف كيف يكسب الأعداء. مع مثل هذا التنظيم الذي خدمته بصمت نصف قرن من عمري وهو يناصبني العداء، المخفي فترة والعلني فترة أخرى... لا يستحق مني اليوم كلمة ايجابية واحدة. أرى انه يفقد عقلانيته، يفقد فكرة السياسي ويتركز بالعداء لكل من انتقده، حتى لو كان نقدا بهدف الإصلاح.. وليس من منطلق عدائي. اليوم أقول بوضوح انه حزب يعيش على ما تبقى له من تاريخ عظيم في قيمته، أنجزه جيل الطليعة من المؤسسين، هذا التاريخ لو استطاع النطق اليوم لعبر عن خجله من انتمائه لمن تبقى في هذا التنظيم وتصرفاتهم التي تخجل تاريخ حزبهم.

علي سلام ليس نبتة غريبة في الناصرة، لم يسقط بمظلة من السماء، بل تثقف ومارس العمل في إطار جبهوي كان حقا معبرا عن مدينة الناصرة وأهاليها.. لكن الذي حدث ان العجز بدا يبرز ويزداد دون ان تنجح الجبهة وحزبها الشيوعي بإحداث نهضة جديدة، بل على العكس دفعوا نشطاء بارزين إلى الاستقالة الجماعية وتشكيل تنظيم سياسي شبابي خاض الانتخابات البلدية الأخيرة بقائمة مستقلة كان لها دورا كبيرا في إسقاط الجبهة، ولا ننسى ان تصرفهم مع نائب الرئيس (في وقته) علي سلام  كان يفتقد للمنطق والاحترام المفترض بين تنظيم بلدي وسياسي وشخصية مركزية لها دورها البلدي والمجتمعي. لماذا يجب ان نصفق للمتشنجين والمتبجّحين والدجّالين ونقف ضد رئيس بلدية يعمل بتواضع لحل مشاكل تراكمت منذ أيام إدارتكم وانعزالكم الكامل عن جماهير الناصرة؟!

ماالذي يميزكم في العمل البلدي أكثر من الآخرين الذي خرجوا من صفوفكم؟  كفاكم جعجعة بلا طحن. غيروا خطابكم السياسي وهذّبوه. انتم تروّجون التشرذم السياسي والاجتماعي. عليكم البدء بصياغة خطاب سياسي شجاع مع حلفائكم ورفاقكم السابقين، والنزول عن جحش الاستعلاء، قبل ان تفقدوا القليل الذي  تبقى لكم!!

nabiloudeh@gmail.com

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.