3

:: الزوجة الصماء- قصة تعبيرية ::

   
 

التاريخ : 15/06/2015

الكاتب : نبيل عودة   عدد القراءات : 1453

 


 

 

حيرتني زوجتي.. سمعها بات ثقيلا.. لم تعد تفهمني وتثرثر كلماتٍ لا معنى لها.

أقول لها ان كلامك غير معقول.. ما تقولينه ليس صحيحا. لكنها تعيد نفس الجُمل بصوت مرتفع ظنّاً منها أن رفع صوتها سيجعلني أقتنع أخيرا بما تقوله. للأسف عصبيتها تزداد حتى بات الحديث معها مستحيلا.

راقبتها أثناء عملها المنزلي. بالتأكيد لديها مشكلة عويصة.. أتحدث إليها ولا تسمعني، هل يكون السبب مشكلة في سمعها أم ترفض الحديث معي؟

قلت لها إننا يجب ان نذهب إلى طبيب مختص لفحص سمعها. غضبت مني وثرثرت كلاما لا رابط بين جمله. فهمت منه ومن إشاراتها انها تتهمني بأني أريد أن أجعلها مريضة بالقوة بينما إنا المريض في رأسي.. وقد عافت نفسها من تصرفاتي.

سامحها الله. صرت أقل من الكلام معها حتى لا أربكها.. لكنها كلما مرت بقربي تثرثر بدون صوت، أنظر إليها وأقول: "سامحك الله" وهذا يغضبها لسبب لا أدريه ومرة لم أعد أصبر، قلت:

إذا كان لديك شيء ضدي قوليه لأسمعه.

فانفجرت بالضحك.

لم أقل شيئا مضحكا؟

-...

قولي بصوت مرتفع وواضح لأسمعك جيدا.

-...

فأعطتني ظهرها مفضلة الصمت.

شاورت أولادي حول حالة أمهم.. فضحكوا بشدة. سألت: "ما الداعي للضحك؟" ابني الصغير كان أوقحهم، قال بصوت قوي جدا مقربا فمه من أذني:

المشكلة لديك يا أبي.

كدت تطرشني، لا تفعل هذا مرة أخرى.

قال الابن البكر:

احجز لأمك هي التي لا تسمع.

حسنا.. أمي ترفض.. سنشاور الطبيب عن طريقة لعلاجها، أنت ستشرح له المشكلة.

فكرة جيدة

في اليوم الموعود جاء ابني لمرافقتي، عبثا حاولت إقناع زوجتي لمرافقتنا، ألحّيت عليها، فصرخت بأذني:

الله يساعدني عليك.

أنت حرة.. نريد ان نساعدك ولا تريدين ان تساعدي نفسك.

خرجت من المنزل مع ابني البكر الذي لم يتوقف عن الضحك، ربما بسبب عناد أمه ورفضها العلاج.

استقبلنا الطبيب مبتسما، شرح له ابني مشكلة أمه ولكنه قرر فحصي.

لا أعرف كيف سيساعد فحص الزوج في علاج الزوجة؟

أدخلني غرفة زجاج مغلقة، بعد ان أفهمني ابني بأن أرفع أصبعي كلما سمعت صوتا وهذا ما فعلته.

عندما انتهى فحصي سألت الطبيب:

كيف سيساعد هذا الفحص زوجتي؟

ضحك وقال بصوت واضح:

سيساعدنا على تحديد المشكلة.. ولكن أنت أيضا لديك مشكلة في السمع.

ربما.. ولكن المشكلة الصعبة لدى زوجتي.. نادرا ما تسمعني!!

نظر الطبيب مبتسما إلى ابني وشاوره قليلا، ثم قال لي بصوت واضح:

أنت ستساعدنا على علاج زوجتك، بما أنها ترفض المجيء للفحص، سنوكلك بإجراء فحص لها.

حسنا... كيف أفعل ذلك؟

عندما تكون منشغلة قف خلفها على بعد ستة أمتار واسألها: "ماذا تفعلين؟"، ثم اقترب لمسافة أربعة أمتار واسأل نفس السؤال بنفس قوة الصوت.. وإذا لم تسمعك اقترب لمسافة متر واسألها نفس السؤال وانتبه لا تغير قوة صوتك في الثلاث مرات.. ولنرَ النتيجة..

 فكرة جيدة..

في اليوم التالي كانت تحضر صينية بطاطا بالدجاج ومشغولة بإعداد الفطائر لأن أحفادنا سيحضرون للغداء عندنا.

وقفت على بعد ستة أمتار وسألتها:

ماذا تفعلين؟

لم تسمعني. اقتربت لمسافة أربعة أمتار وسألتها:

ماذا تفعلين؟

لم تسمعني. اقتربت لمسافة متر وراء ظهرها وسألتها:

ماذا تفعلين؟

التفتت إلي غاضبة جدا يكاد الشرر يطير من عينيها وصرخت بوجهي بقوة:

للمرة الثالثة أقول لك صينية بطاطا بالدجاج.

انسحبت بهدوء.. غدا سأخبر الطبيب بنتيجة الفحص!!

*ــ فصل من كتاب "ماركس يتبرأ من الماركسيين" (جولة في المفاهيم الفلسفية وقصص تعبيرية ساخرة)

nabiloudeh@gmail.com

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.