3

:: سرقة الأمل.. لا للتعليم! ::

   
 

التاريخ : 07/06/2015

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1232

 


 

 

 

من عجائب هذا الزمن الذي نعيش فيه وجود حالات من التناقضات العجيبة غير المبررة، أو حتى تخيل أي تبرير مقبول لها، والغريب أن مثل هذه التناقضات تجاوزت أن تكون فردية، حين تشاهد شخصاً واحداً يمارسها أو يرتكبها ويأتيك بوجه وحالة وأخلاق وقيم، وفي الغد يتخلَّى عن جميع هذه القيم، وتتلبسه حالات من الفوضى والقسوة والظلم.

أقول إن مثل هذه النماذج قد تكون موجودة كوضع فردي، لكن أن تتلبس مثل هذه الحالات المتناقضة في الخطاب والممارسة بين العدالة والظلم، وبين السعي نحو الحرية وكتم أنفاس الآخرين لحركات وأحزاب وتنظيمات ترفع هذه الشعارات، وتكون ممارساتها على أرض الواقع مختلف تماماً بل متعاكسة مع ما تنادي به، فهنا تكون علامة تعجب كبيرة!

 في زمننا هذا بتنا نشاهد ونسمع بوجود حركات إنسانية ترفع شعارات الحرية والحقوق، وتقول إنها تدافع عن المضطهدين والمظلومين وغيرها الكثير من الشعارات البراقة، لكنها على أرض الواقع تقوم بممارسة الاضطهاد والظلم وسحق كل صوت يعارضها أو يرفض أجندتها.

لديَّ مثال ناصع عن مثل هذه الجماعات، ويتمثل في ما عرفت باسم "بوكو حرام"، وهي حركة مسلحة نشأت في نيجيريا، رفعت شعارات إسلامية، حيث تطالب بحقوق إنسانية وتريد تطبيق المثل الإسلامية في المجتمع المتنوع الذي توجد فيه أعداد كبيرة من غير المسلمين على مختلف أديانهم ومذاهبهم، هذه الحركة التي ترفع شعارات إسلامية، هل هي حقاً تحمل قيم الإسلام وأخلاقه ورسالته؟

 بطبيعة الحال هي أبعد ما تكون عن هذه القيم العظيمة لديننا السمح المتسامح، هذه الجماعة المتطرفة الإرهابية ببساطة متناهية تخطف البنات من مدارسهن وترفض تعليمهن، وتقتل بشكل دموي من دون أي ذنب أو جريرة، وعلى رغم أنها ترفع شعارات إسلامنا الحنيف الذي يقوم على التسامح ومساعدة الضعفاء والمساكين والفقراء، فإنها تشهر سلاحها في كل منطقة منكوبة وسكانها فقراء يعيشون في العراء فيروعونهم ويسرقون مواشيهم ويحرقون حرثهم وزرعهم، فهل هذه جماعة إنسانية عاقلة تريد حرية أو نشر فكر، أم هي جماعة إرهابية إجرامية؟

لن أذهب بعيداً لنستحضر الاسم نفسه لهذه الجماعة المتطرفة، فماذا يعني "بوكو حرام"؟ ببساطة يعني أن التعليم محرم أو ممنوع، وهم يوسعون الاسم فيقولون التعليم الغربي، لكنهم في حقيقية الأمر يرفضون تماماً التعليم الحديث خصوصاً تعليم الفتيات.

هؤلاء المجرمون يسيئون لديننا الحنيف أمام العالم بخطفهم للفتيات الصغيرات من مدارسهن، وهم أيضاً يسيئون لديننا عندما يرفضون العلوم الحديثة على مختلف أنواعها، وهم أيضاً يحرفون ويجدفون ضد ديننا الحنيف، فهل يعقل أن يتم وصفها بأنها حركة إنسانية تريد الحرية والحقوق الإنسانية وهي تسحق الإنسان وتدوس تطلعاته وآماله؟ هنا فجوة واضحة بين ما نراه ومعنا العالم، وبين ما يحدث ويجري على أرض الواقع.

القضية الأخطر، في هذا السياق عندما تقوم مثل هذه الجماعات المتطرفة بالضرب على وتر الحقوق وحاجات الناس، خصوصاً الفقراء والمرضى وتجندهم وفق تقاطعها مع حاجاتهم لا سيما في المجتمعات الفقيرة البعيدة عن التعليم والمواصلات والكهرباء والرعاية الصحية، وفي هذه الممارسة انتهازية بغيضة تقوم على سرق أهم ما يملكه الإنسان، وهو الأمل وتوظيفه لمصلحتهم ولتنفيذ أجندتهم.

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.