3

:: الناس .. هم نحن ::

   
 

التاريخ : 28/04/2015

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1194

 


 

 

قد نكون جميعاً سمعنا بطريقة أو أخرى أو قرأنا شكوى وتذمراً من الناس، بل في هذا المضمار يوجد إرث كبير من المقولات والحكم التي تدعو للابتعاد عن الناس وأعينهم وآرائهم ونقدهم الذي في أحيان نعتبره تدخلاً سافراً وغير مبرر في شؤون حياتنا. هذا واقع قد يكون يومياً. مثل، الله يكفينا شر الناس، أو أعينهم.

في أحد المجالس النسائية كانت صديقة تتحدث عن قصة تعتبرها بديهية، وملخصها أنه كلما ابتعدت عن الناس صلحت أحوالها ومعيشتها. الغريب في الأمر أن معظم من في المجلس أيدوها، وقالوا "فعلاً والله كلامك صحيح". إذن من هم الناس الذين تتحدث عنهم هذه الصديقة؟ هل تعتقدون أنها تقصد أولئك الذين يسيرون في الشارع، أم هي تقصدنا نحن؟

عموماً أتجاوز هذه النقطة لأنها وكما يظهر ستكون جدلية، وأتوجّه نحو لبّ الموضوع وأساسه، وهي القسوة في أحاديثنا وعموميتها، فعندما يقال إن أعين الناس لا ترحم، فهذا يعني الجميع، وعندما يقال إن الناس تنظر لما في يديك وتتمناه والعياذ بالله، أيضاً هنا تعميم قاتل ومجحف، لكن لا تتوقعوا أن مثل هذه الأقوال تنتشر في مجتمع دون سواه أو أنها نظرة محلية بل هي عالمية حتى كبار المؤلفين والمبدعين متورطون في هذه الممارسة.

أتذكر في هذا السياق مقولة للمثل الهزلي الشهير شارلي شابلن يقول فيها: «الحياة قد تصبح رائعة إذا تركك الناس وشأنك».. في الحقيقة نحن نطبق هذه المقولة بطريقة أو أخرى، وفي اللحظة نفسها لا نستغني عن الناس، بل نحتاجهم تماماً. وعلى الرغم من هذا نردد مثل هذه المقولات وكأنها تصف حالنا المؤلم مع الناس، أو أن أفراد المجتمع الذي نعيش فيه لا وظيفة لهم إلا التنكيد علينا وحسدنا.

من يستطيع أن يستغني عن الناس ومساعدتهم؟ وما الحياة دون الرفقة والأصدقاء وأطياف مختلفة من أفراد متنوعين موجودين في كل مجتمع كل واحد له وظيفة ودور يقوم به؟

من الطبيعي أن يوجد حسد وأحقاد وخصومات، وتوجد اختلافات وشجار، قد يكون سببها أنت وقد يكون سببها الآخرون، لكن من غير الطبيعي أن يكون سلوكنا شاذاً ونشازاً بأن نبرر عزلتنا وابتعادنا عن محيطنا الاجتماعي بأنه محاولة للهروب من شر الناس بهذه العمومية المقيتة، ففي الناس أخيار وصالحون، ومن بينهم من يتمتع بخصال فريدة من الكرم والإنسانية، وكأي مجتمع يوجد من هو غير هذا، فلنرحم أقرباءنا وأحبتنا من بعض الكلمات المؤذية.

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.